تتصاعد المواجهة بين إيلون ماسك، الملياردير الشهير، وسام ألتمان، رئيس شركة أوبن إيه آي (OpenAI)، مع تقديم ماسك لدعوى قضائية ضد الشركة المعروفة بتطوير الذكاء الاصطناعي، متهمًا إياها بالانحراف عن رؤيتها الأساسية المتمثلة في خدمة البشرية من خلال الذكاء الاصطناعي.
كان ماسك في السابق من الداعمين الرئيسيين لـشركة «أوبن إيه آي»، وشارك في تأسيسها في عام 2015، وكان يربطه بألتمان علاقة عمل وثيقة تحولت إلى صداقة. لكنه استقال من مجلس إدارة الشركة في عام 2018. ومع النجاح الكبير الذي حققه برنامج تشات جي بي تي (ChatGPT) للدردشة الآلية، انتقد ماسك الشركة ورئيسها، مما أدى إلى تصاعد التوتر بين الطرفين، فإلي أين يتجه هذا الصراع؟
تصاعد النزاع بين إيلون ماسك وسام ألتمان
خلال مقابلة في مايو مع ديفيد فابر من قناة سي إن بي سي، عبر الملياردير إيلون ماسك عن استيائه عند الحديث عن سام ألتمان وشركة أوبن إيه آي (OpenAI)، مؤكدًا: «لولاي لما كانت الشركة قائمة».
وتابع ماسك: «من العجيب أن يتحول مشروع غير ربحي ومفتوح المصدر إلى كيان ربحي مغلق، وهو ما يتناقض مع الغرض الذي دعمتهم من أجله. أتساءل عن قانونية هذا التحول».
وقد قام ماسك فعلًا برفع دعوى قضائية ضد أوبن إيه آي ومديرها التنفيذي يوم الخميس، مدعيًا أن تعاونهما مع مايكروسوفت يخرق مبادئ الشركة الأساسية كمؤسسة بحثية غير ربحية ومفتوحة المصدر، والتي كان من المفترض أن تعود بالنفع على الإنسانية.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يبدأ حربه ضد «OpenAI»: لا تعمل لصالح البشرية
على الرغم من الخلاف الطويل بينهما، كان ألتمان يتحدث عن ماسك بدبلوماسية، وصفه حتى بـ«البطل». لكن يبدو أن ماسك قد حول التحدي إلى صراع مفتوح، مما يشير إلى نقطة اللاعودة في علاقتهما. يسعى ماسك من خلال دعواه القضائية إلى إلزام أوبن إيه آي بجعل أبحاثها وتقنياتها مفتوحة المصدر، ومنع مايكروسوفت من الوصول إلى نموذج «GPT-4»، وحظر استفادة ألتمان ومايكروسوفت من الشركة.
هل الصراع من أجل «مصلحة الإنسانية» هو ما يشعل الحرب؟
تتأجج المنافسة بين إيلون ماسك وسام ألتمان، ويعتقد خبراء أن الدافع وراء ذلك قد يكون السيطرة على مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يشهد تقدمًا ملحوظًا ويتغلغل في شتى الصناعات.
كايل لورانس، الخبير القانوني في مجال الشركات والأوراق المالية بشركة «Falcon Rappaport & Berkman»، ذكر لموقع بيزنس إنسايدر: «يظهر أن ماسك يسعى لتعطيل تقدم سام ألتمان ومايكروسوفت ليتسنى له مواكبة مشاريعه. هذا نهج شائع بين العمالقة في عالم التكنولوجيا، الذين استطاعوا على مر السنين كبح جماح المنافسين وحدّ من تقدمهم».
اقرأ أيضًا: سام ألتمان: إيلون ماسك «أحمق» يتمتع بـ«قوى خارقة»
ويعتبر لورانس أن انتقاد ماسك للشركة بأنها ضلت عن مسارها ولم تعد تخدم مصلحة الإنسانية ليس بالأمر العام، بل هو جزء من المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وجاءت ادعاءات ماسك بعد إطلاقه لشركته الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي العام الماضي.
وأفاد ماسك بأنه قد استثمر ملايين الدولارات في شركة أوبن إيه آي خلال تأسيسها، لكنه انسحب من مجلس إدارتها في 2018، وذكر حينها أنه فعل ذلك لتفادي تضارب المصالح المحتمل مع شركة تسلا ومشاريعها في الذكاء الاصطناعي.
النزاع القانوني مع سام ألتمان قد لا يكون في صالح ماسك
يعتقد خبراء في القانون أن الصراع القضائي بين إيلون ماسك وسام ألتمان قد لا يكون في صالح ماسك، الذي يُعد من أثرياء العالم. ديفيد هوفمان، أستاذ قانون العقود، يرى أن الدعوى القضائية التي رفعها ماسك ضد أوبن إيه آي تفتقر إلى الأساس القوي.
هوفمان يشير إلى أن «المطالبة بخرق عقد بدون وجود عقد مكتوب يُعد أمرًا صعبًا». وفقًا للدعوى، يزعم محامو ماسك أن أوبن إيه آي خرجت عن مسار اتفاقية التأسيس، لكن يبدو أنه لا توجد وثيقة مكتوبة تثبت ذلك.
ويوضح هوفمان أن الشكوى تستند إلى ادعاءات بعقود غير مكتوبة، مما يجعل من الصعب الدفاع عنها قضائيًا.
وتعتمد القضية التي يقدمها ماسك على رسالة بريد إلكتروني من ألتمان، التي تبدو أشبه بمفاوضات غير رسمية منها إلى عقد، وعلى شهادة تأسيس لم يوقع عليها ماسك، ولا تنص على ضرورة أن تظل الشركة مفتوحة المصدر.
وبما أن أوبن إيه آي هي منظمة غير ربحية، يُعد من الصعب على ماسك الادعاء بأن مجلس إدارتها يحمل واجبات تجاهه، كما يقول صامويل برونسون، خبير القانون غير الربحي.
اقرأ أيضًا.. سباق الذكاء الاصطناعي.. العقل المدبر وراء «تشات جي بي تي» تحذر من السير باتجاه الهاوية
ويعتبر كايل لورانس، محامي الشركات، أن الحجة التي يقدمها ماسك حول فشل أوبن إيه آي في خدمة الإنسانية تعد أكثر فلسفية منها قانونية، متسائلًا: «من يمكنه الجزم بأن أعمالهم لا تخدم الإنسانية؟». ويشير إلى أنهم قد يدعون بأنهم بحاجة إلى مليار دولار لتحقيق أهدافهم الإنسانية، ومن الصعب القول بأن طريقتهم في جمع هذا المبلغ تتعارض مع هذه الأهداف.
ما هي العواقب المحتملة على «OpenAI» في الصراع القانوني مع إيلون ماسك وسام ألتمان؟
على الرغم من أن الخبراء يشككون في نجاح دعوى إيلون ماسك ضد سام ألتمان، إلا أنهم يرون أن «OpenAI» قد تتأثر سلبًا بالنزاع.
يقول هوفمان إن مثل هذه الدعاوى القضائية قد تكشف معلومات حساسة، وتشتت الانتباه، مما يؤثر على الأداء اليومي للشركة.
اقرأ أيضًا.. إيلون ماسك يخطط لشركة تنافس مطور ChatGPT
ويعتقد المحامي كايل لورانس أن الضجة الإعلامية المحيطة بالقضية، سواء فاز ماسك أم خسر، قد تضر بسمعة «أوبن إيه آي»، خاصةً بعد الأحداث التي أدت إلى إزاحة ألتمان مؤقتًا.
يُضيف لورانس أن ماسك، بثروته الهائلة، قادر على إطالة أمد النزاع القضائي لسنوات، مما قد يؤسس لسابقة قانونية خطيرة إذا فاز بالقضية.
يُختتم بالقول: «إذا كان لماسك أن ينتصر في هذه الدعوى، فقد يُشكل ذلك سابقة مقلقة للمؤسسات غير الربحية، حيث قد يُحفز ذلك المتبرعين المستاءين على محاولة استرداد تبرعاتهم، وهو أمر قد يُشكل تحديًا كبيرًا للمنظمات غير الربحية التي لا تمتلك الموارد الكافية مثل OpenAI».