«لويزا إيه آي» (Louisa AI).. شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة، وُلدت من فكرة بسيطة داخل أروقة جولدمان ساكس. تأسست على يد روهان دكتور، المدير الإداري السابق في البنك، وتهدف إلى تحويل الاتصالات الشبكية بين المصرفيين والمستثمرين إلى صفقات مربحة.
خلال صيف 2018، وقف روهان دكتور بجانب مبرد المياه، حيث دار حوار مع أحد الزملاء في القطاع المصرفي الاستثماري، وهو الحوار الذي كان له تأثير كبير على مسار حياته المهنية. دكتور، الذي كان يشغل منصب المدير الإداري في غولدمان ساكس ويدير مجموعة الحلول المصرفية في هونغ كونغ، كان في زيارة لمكتب البنك في لندن، عندما دخل في نقاش مع زميله المسؤول عن هيكلة المنتجات للعملاء الذي كان يعاني من صعوبة في إيجاد شريك لصفقة مربحة. هذه المحادثة القصيرة ظلت تراود دكتور خلال رحلته الطويلة العائدة إلى آسيا.
مع حلول الخريف، تمكن دكتور من إيجاد بنك عالمي مستعد للمشاركة في صفقة عبر الحدود بقيمة عشرات الملايين من الدولارات. يتذكر دكتور أن جيم إسبوزيتو، الرئيس التنفيذي لجولدمان، استفسر عن كيفية إنجازه لذلك وإمكانية تكرار الأمر. أجاب دكتور بأنها كانت مجرد مصادفة، وتساءل: «ماذا لو أمكن تنظيم هذه الصدف باستخدام البيانات؟». وأضاف متأملاً أنه من العجيب أن يتوقف شخصان عند مبرد الماء في نفس الوقت، يتبادلان الأحاديث والمعلومات.
ومن هنا، نشأت فكرة «لويزا إيه آي» داخل غولدمان ساكس. تم تأسيس الشركة الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لتقديم اقتراحات لصفقات محتملة استنادًا إلى البيانات المتاحة. وقد كانت هذه الفكرة الافتتاحية لبرنامج GS Accelerate، البرنامج الداخلي للبنك الذي يشجع الموظفين على تقديم أفكار لمشاريع شركات ناشئة.
اقرأ أيضًا.. بصندوق قيمته 40 مليار دولار.. السعودية قد تصبح أكبر مستثمر في الذكاء الاصطناعي بالعالم
شركة الذكاء الاصطناعي تجمع 5 ملايين دولار
بعد الانفصال عن غولدمان ساكس، نجحت«لويزا إيه آي»في جمع تمويل بقيمة 5 ملايين دولار، مدعومةً بمستثمرين من ذوي الخبرة وصناديق رأس المال الجريء.
في أبريل الفائت، استقلت شركة «لويزا إيه آي» عن بنك وول ستريت لتصبح كيانًا مستقلًا. وفي بداية هذا الشهر، نجحت في جمع تمويل بقيمة 5 ملايين دولار من خلال خمسة صناديق لرأس المال الجريء، بما في ذلك Gaingels وBlue9 Capital، إلى جانب مساهمات من شركاء سابقين في غولدمان ساكس، ومستثمرين من الأوساط العائلية والأصدقاء، فضلاً عن صناديق تابعة لجامعة أكسفورد حيث درس دكتور الفيزياء قبل ربع قرن.
أعلن دكتور أن الشركة الناشئة حظيت بخمسة عملاء رئيسيين حتى الآن، من ضمنهم جولدمان ساكس وإنسايت بارتنرز. وأشار إلى أن العملاء الآخرين، الذين لم يتم الإفصاح عن أسمائهم، يشملون شركة استشارات إدارية، وشركة للأسهم الخاصة، وبنكًا كبيرًا في كندا، وبورصة عالمية. وذكر دكتور أنه قدم اقتراحات لصفقات بقيمة 800 مليون دولار في كل ربع سنوي لعدد محدود من العملاء، دون الكشف عن التقييم الخاص بالشركة.
اقرأ أيضًا.. اللغز المحير: كيف تتغلب «أوبن إيه آي» على قيود غوغل في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؟
صفقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي
تعمل «لويزا إيه آي» على تحليل البيانات من إدارة علاقات العملاء وموفري البريد الإلكتروني وأدوات الاتصال الأخرى، بالإضافة إلى استيعاب محتوى إخباري ضخم، لتحفيز الصفقات بناءً على الاتصالات الشخصية والمهنية.
وفقا لموقع بيزنس إنسايدر، تسعى إلى فهم واستيعاب المعرفة التي يمتلكها الموظفون من خلال ربط نظام إدارة علاقات العملاء بالشركة ومزودي البريد الإلكتروني وأدوات التواصل الأخرى مثل «سلاك» أو «تيمز» أو «سيمفوني». وبالإضافة إلى تحليل حوالي مليون مقال إخباري بشكل مستقل كل أسبوع، صُممت هذه التقنية لتحفيز الصفقات بشكل استباقي استنادًا إلى العلاقات الشخصية والمهنية للأفراد والشركات أو القطاعات التي يتخصصون فيها.
ها هو مثال حقيقي على استخدام هذه التقنية في «غولدمان ساكس» من العرض التقديمي: تقوم «لويزا إيه آي» بقراءة مقال عن شركة تعمل على إنشاء مصنع لأشباه الموصلات في تايوان. تعرف «لويزا» أن أحد الموظفين الحاليين في «غولدمان ساكس» كان يعمل سابقًا في شركة أشباه الموصلات، وتعرف أيضًا على موظف آخر متخصص في تمويل المشاريع في نيويورك. تقوم «لويزا» بربط الموظفين معًا، مستفيدة من خبرة أحدهم المهنية وعلاقة الآخر بالشركة لتمويل مشروع بقيمة 6 مليارات دولار من إجمالي قيمة المشروع البالغة 10 مليارات دولار.
وفقًا لدكتور، «حدثت مثل هذه الأمور في جولدمان، وبعد بضعة أشهر، أبرموا صفقة كبيرة جدًا أذهلت العميل». وأضاف أن «لويزا إيه آي» تهدف إلى «استغلال الشبكة الجماعية للشركة» لتقديم «عروض لصفقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي».
اقرأ أيضًا.. من بائع عصير في لندن إلى رئاسة مايكروسوفت AI.. من هو السوري مصطفى سليمان؟
تحليل مصادر الأخبار بالذكاء الاصطناعي
من وراء الكواليس، تقوم «لويزا إيه آي» بتحليل 250 مصدرًا للأخبار العالمية وتشتري البيانات من عدة مصادر خارجية، مثل «كرانشبيس».
على سبيل المثال، في مقال حول الألواح الشمسية، تربط «لويزا إيه آي» بين مصطلحات مثل «الألواح الشمسية» و«الطاقة الشمسية» و«مصادر الطاقة المتجددة»، وتحدد الأشخاص داخل الشركة العاملين في مجال الطاقة المتجددة. وإذا احتوى المقال على اقتباس من جانيت يلين، فإن «لويزا إيه آي» تسلط الضوء على الأشخاص داخل الشركة الذين لديهم صلة بها من خلال البريد الإلكتروني وغيره من وسائل الاتصال. ويشير دكتور إلى أن التكنولوجيا تعرف الأشخاص الذين يتم إرسال بريد إلكتروني معين إليهم، لكن ليس المحتوى الذي يحتويه البريد.
يؤكد دكتور أن ميزة «لويزا إيه آي» على خدمات إدارة العلاقات مع العملاء الأخرى مثل «سيلزفورس» هي تخصصها الكامل في مجال التمويل، حيث تفهم التصنيفات وتعرف أن تمويل الرافعة المالية والسندات ذات العائد المرتفع يعنيان نفس الشيء رغم اختلاف طريقة الكتابة. وتتمتع «لويزا إيه آي» بالامتثال التنظيمي والخصوصية والأمان المدمج في عملياتها.
ويخطط دكتور لاستخدام الرأسمال، حيث تسعى الشركة لتوسيع استراتيجيات المبيعات والتسويق في نيويورك وتنمية الفريق مع إبرام الصفقات. وسيتم تخصيص جزء من الأموال لدعم طلاب الدكتوراه والدراسات العليا في جامعة أكسفورد الذين سيبحثون في كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي «لويزا» في قطاعات أخرى مثل الموضة أو الرعاية الصحية، كما يقول دكتور.