في أغسطس من العام 2011، أصبح تيم كوك رئيسًا تنفيذيًا لشركة أبل، بعد رحيل المؤسس الأسطوري للشركة ستيف جوبز. وقتها تساءل الكثيرون عما إذا كان بإمكانه ملء الفراغ الكبير الذي خلفه رحيل أحد أبرز قادة التكنولوجيا في التاريخ.
ولكن بعد نحو 13 عامًا على رئاسته للشركة نجح تيم كوك في ترك أثر كبير في شركة أبل، حيث أشرف على إطلاق العديد من المنتجات التي غيرت مسار الشركة، مثل: الآير بودز، وأبل ووتش، وأبل تي في، حتى أنه ينسب إليه الفضل في أن أصبحت أبل الشركة الأكثر قيمة في العالم حيث تقترب قيمتها السوقية من 3 تريليونات دولار.
وفي حين أن كوك معروف عالميًا اليوم كقائد لواحدة من أهم شركات التكنولوجيا؛ إلا أنه جاء من خلفية متواضعة، فما هي قصته؟
بداية تيم كوك المتواضعة
ولد تيم كوك في ولاية ألاباما الأميركية، عام 1960، وكان والده دونالد كوك عاملاً في حوض بناء السفن، وكانت والدته جيرالدين كوك تعمل في صيدلية، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
تخرج تيم كوك في كلية الهندسة بجامعة أوبورن في ألاباما عام 1982 ليلتحق بعدها بشركة آي بي أم (IBM) لمدة 12 عامًا، وأثناء عمله في الشركة حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة دوك (Duke).
اقرأ أيضًا: لماذا رفض تيم كوك رئيس أبل عرض شراء تسلا قبل سنوات؟
في عام 1996 وبعد مروه بوعكة صحية شخّص الأطباء إصابته بمرض التصلب المتعدد، وهي تجربة قال إنها جعلته يرى العالم بطريقة مختلفة، ومنذ ذلك الحين، أصبح معروفًا بأنه من عشاق اللياقة البدنية.
ترك تيم كوك شركة آي بي أم (IBM)، وتولى منصب المدير التنفيذي للعمليات في شركة إنتليجنت إلكترونيكس (Intelligent Electronics)، ثم انتقل بعدها إلى شركة كومباك (Compaq)، التي كانت آنذاك واحدة من أهم الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، ليصبح نائبًا لرئيس قسم الموارد.
في هذه الأثناء، كان ستيف جوبز قد أصبح الرئيس التنفيذي لشركة أبل، بعد الإطاحة بجيل أميليو. كان ستيف جوبز مهمة صعبة تتمثل في تغيير مسار الشركة بعد سنوات من التدهور؛ لذا بحث عن ضخ دماء جديدة لفريقه التنفيذي فتواصل مع كوك ورأى فيه الشخص العبقري الذي يمكنه أن يحقق أحلامه.
انضمام تيم كوك إلى أبل
في عام 1998، انضم تيم كوك إلى أبل كنائب رئيس أول للعمليات العالمية، وكانت الشركة في حالة صعبة، حيث كانت مايكروسوفت تسيطر على سوق التكنولوجيا، وحتى أن مايكل ديل، أحد حلفاء مايكروسوفت، قال: «لو كنت مكان جوبز لأغلقت أبل، وأعطيت الأموال للمساهمين».
لكن كوك، كان مؤمنًا برؤية ستيف جوبز، وبعد عامين فقط أي في عام 2000، أطلقت شركة أبل الكمبيوتر الشخصي Power Mac G4 Cube، الذي اعتبره كوك «عجيبة هندسية»، وكان يراهن عليه لإنقاذ الشركة، ولكن الجهاز لم يحقق النجاح المتوقع في السوق.
وفي زيارة لجامعة أكسفورد في عام 2017، تحدث تيم كوك عن هذه التجربة قائلًا: «هذا شيء آخر علمني إياه ستيف، في الحقيقة، يجب أن تكون مستعدًا للنظر إلى نفسك في المرآة والقول: أنا أخطأت، هذا ليس صحيحًا».
اقرأ أيضًا: الروتين اليومي لرئيس أبل.. سر نجاح رجل يدير شركة بـ«3 تريليونات دولار»
كوك كان يسعى لإثارة إعجاب مؤسس أبل (Apple) بأفكاره الجديدة، فاقترح إلغاء مستودعات أبل والاعتماد على مصنعين خارجيين، لزيادة كفاءة إنتاج وتوزيع الأجهزة.
وفي عام 2005، استثمر كوك في مشاريع تحضيرية لمستقبل أبل، مثل التعاقد مع موردي ذاكرة الفلاش، وهي تقنية تخزين مهمة لأجهزة أيفون (iPhone) وآي باد (iPad)، وتوقع أن تصبح ذاكرة الفلاش عامل تنافسي في سوق الهواتف الذكية.
كوك أظهر مهارات إدارية عالية، وسرعان ما اكتسب مكانة بارزة في أبل، وساهم في تجاوز الأزمات وتحقيق النجاح والربحية، ولم يهدأ عزمه، بل كان دائم الحرص على عقد اجتماعات طويلة ومتابعة العمل بحزم والتواصل بانتظام مع الجميع.
وفي عام 2007، أطلقت أبل أيفون لأول مرة، واختار ستيف جوبز كوك ليكون مدير العمليات، ومن خلال هذا المنصب، أدى كوك دورًا رئيسيًا في إدارة الشركة وتمثيلها أمام العالم.
كيف أصبح تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل؟
لم يمر الكثير من الوقت، حتى جاء عام 2009، وتم تعيين تيم كوك رئيسًا تنفيذيًا مؤقتًا بينما كان ستيف جوبز في إجازة بسبب تدهور صحته، حيث تم تشخيص إصابة جوبز بسرطان البنكرياس في عام 2003، وبدأ المرض في التأثير عليه، وفي هذه اللحظة ظهر تأثر كوك بمؤسس أبل؛ لدرجة أنه عرض عليه جزءًا من كبده، حيث أنهما يشتركان في فصيلة دم نادرة، لكن جوبز رفض قائلاً: «لن أسمح لك بفعل ذلك أبداً، ولن أفعل ذلك أبداً».
اقرأ أيضًا: كيف تستثمر على طريقة المليارديرات؟
وفي يناير 2011، تولى تيم كوك منصب الرئيس التنفيذي المؤقت مرة أخرى، بينما كان جوبز في إجازة طبية مع تدهور حالته الصحية بشكل كبير، ولم يمر الكثير من الوقت وبالتحديد في أغسطس 2011، استقال جوبز من منصبه للتركيز على صحته، ثم عين مجلس الإدارة كوك رئيسًا تنفيذيًا دائمًا لشركة أبل.
وعندما توفي جوبز في أكتوبر 2011، قام تيم كوك بتنكيس الأعلام في حرم المقر الرئيسي لشركة أبل تخليدا لذكراه، حتى أن المقربون من كوك أنه كان متأثرًا جدًا ووصف هذا الوقت بأنه الأكثر وحدة في حياته.
وقال كوك عن جوبز في عام 2017: «إن أعظم هدية له… لم تكن منتجًا منفردًا، بل شركة أبل نفسها التي أعطها له جوبز، حيث علمه كل شئ، وقال له ذات مرة إن صنع الأشياء بقدر كبير من العناية والحب هو في نهاية المطاف الشيء الذي يبقي أبل»، لافتًا إلى أن يعتقد أن رؤية جوبز تعيش في كل مكان في الشركة.
وفي الأشهر التي أعقبت استقالة جوبز ثم وفاته، كان هناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت شركة أبل قادرة على الحفاظ على الزخم تحت قيادة كوك أم لا؟
نمو شركة أبل في عهد تيم كوك
تيم كوك واصل الحفاظ على تراث أبل كرئيس تنفيذي، وأطلق منتجات جديدة ومبتكرة، مثل ساعة أبل واتش في عام 2015، وهي أول ساعة ذكية من أبل، وسماعات إير بودز في عام 2016، وهي السماعات اللاسلكية الصغيرة التي أصبحت من أكثر المنتجات مبيعًا لأبل.
اقرأ أيضًا.. رسالة بيل غيتس إلى أثرياء العالم.. هل المليارديرات أخلاقيون؟
تيم كوك لم يكتف بذلك، بل زاد من تنوع أيفون بإضافة نماذج مختلفة ورخيصة مثل «iPhone SE»، ودخل في مجال الخدمات بإطلاق «Apple Music» و«Apple TV» و«Apple News»، وهي خدمات تربط العملاء بأبل، وساهمت في نمو الشركة.
تيم كوك راهن على الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، وأنتج «Vision Pro»، وهو جهاز شخصي متطور جدًا، يحتوي على سماعة رأس و12 كاميرا، ويستخدم تقنية تسمى «Eyesight»، تمكن من يقترب من رؤية وجه المستخدم، ومن المنتظر أن يباع في 2 فبراير.
ثروة تيم كوك
تيم كوك أصبح مليارديرًا في عام 2020، عندما وصلت قيمة أبل إلى 2 تريليون دولار، وفي عام 2021، حصل على دفعة عاشرة من صفقة أسهم أبرمها عندما أصبح رئيسًا تنفيذيًا.
تبلغ ثروة تيم كوك حوالي 2 مليار دولار، وفقًا لفوربس، وهو في المركز 1647 بين أغنى الأشخاص في العالم، ويكسب تيم كوك من راتبه وأسهمه في أبل، والتي تعادل 3.3 مليون سهم، بقيمة 651.783.000 دولار، حسب رويترز.
اقرأ أيضًا.. نشأ في أسرة متوسطة.. من هو لاري إليسون رابع أغنى شخص في العالم؟
في عام 2023 خفّض تيم كوك راتبه، بسبب انتقادات من مساهمي أبل، وفقًا لبيزنس إنسايدر، وربط أجره بأداء أسهم أبل، ليعكس نجاح الشركة.
ويسكن تيم كوك في منزل يساوي 2.3 مليون دولار في بالو ألتو، كاليفورنيا، ولا يميل إلى الإسراف في الإجازات أو امتلاك اليخوت أو الطائرات الخاصة مثل زملائه في التكنولوجيا.