في عالم الأعمال، هناك العديد من القصص الملهمة عن النجاح والثراء، لكن قلة منها تضاهي قصة فرانك سلوتمان، الرجل الذي تحول من موظف متواضع في شركة إطارات إلى أغنى رئيس تنفيذي في شركات التكنولوجيا، والذي قاد ثلاث شركات ناشئة إلى النجاح الباهر في السوق.
في السطور التالية، سنتعرف على رحلة سلوتمان من بدايتها في هولندا إلى استقالته من شركة سنوفليك (Snowflake)، وهي شركة سحابة البيانات الأمريكية العملاقة، وأهم إنجازاته وتحدياته وفلسفته في الإدارة.
من هولندا إلى أمريكا: بداية مسيرة فرانك سلوتمان الاحترافية
ولد فرانك سلوتمان في هولندا في عام 1958، ودرس الاقتصاد في جامعة إيراسموس روتردام، حيث حصل على شهادة البكالوريوس والدكتوراه في إدارة الأعمال العامة. وبعد التخرج، عمل في شركة الإطارات «Uniroyal» في وظيفة بقسم أبحاث السوق، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة في عام 1982، بحثًا عن فرص أفضل.
وفي الولايات المتحدة، عمل سلوتمان في عدة شركات تكنولوجية، مثل «Borland» و«Compuware» و«Rational Software»، واكتسب خبرة في مجالات مختلفة، مثل التسويق والمبيعات والتطوير والتمويل. وفي عام 2003، حصل على أول منصب له كرئيس تنفيذي في شركة «Data Domain»، وهي شركة متخصصة في تخزين البيانات والنسخ الاحتياطي.
اقرأ أيضًا: ساندر بيتشاي.. هل يدفع ثمن أخطاء الذكاء الاصطناعي في غوغل؟
من «Data Domain» إلى «ServiceNow»: قيادة الشركات الناشئة إلى النمو والازدهار
في شركة «Data Domain»، واجه فرانك سلوتمان تحديات كبيرة، فالشركة كانت على حافة الإفلاس، وكان عليه أن يجمع التمويل اللازم لإنقاذها، وكذلك أن يزيد من الإيرادات ويوسع من قاعدة العملاء. ونجح سلوتمان في تحقيق هذه الأهداف، فزادت الإيرادات من 8 ملايين دولار في عام 2003 إلى 300 مليون دولار في عام 2008، ووصل عدد العملاء إلى أكثر من 3000 عميل. وفي عام 2009، تم بيع الشركة إلى «EMC» مقابل 2.4 مليار دولار.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يشن حربًا على غوغل.. ما القصة؟
بعد مغادرة «Data Domain»، انتقل سلوتمان إلى شركة «ServiceNow» في عام 2011، وهي شركة تقدم حلولا لإدارة خدمات تكنولوجيا المعلومات. وفي شركة «ServiceNow»، قاد سلوتمان الطرح العام الأولي للشركة في عام 2012، والذي جمع 210 ملايين دولار بتقييم 2.2 مليار دولار. وكذلك، قام بتحويل الشركة من مزود بسيط لمكتب المساعدة إلى شركة رائدة في مجال السحابة والأتمتة والذكاء الاصطناعي. وفي عام 2017، ترك سلوتمان منصبه كرئيس تنفيذي للشركة، والتي بلغت قيمتها السوقية حينها 20 مليار دولار.
من «ServiceNow» إلى «Snowflake»: تحقيق أكبر طرح عام أولي في تاريخ التكنولوجيا
في عام 2019، تلقى فرانك سلوتمان عرضًا ليصبح رئيسًا تنفيذيًا لشركة «Snowflake»، وهي شركة تأسست في عام 2012، وتقدم منصة لسحابة البيانات، تتيح للعملاء تخزين وتحليل ومشاركة البيانات بسهولة وسرعة. وقبل سلوتمان، كانت الشركة تعاني من بطء النمو والخسائر المتراكمة، وكان عليه أن يعيد تنظيم الشركة وتحسين أدائها.، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
وفي عام 2020، قرر سلوتمان أن يطرح الشركة للاكتتاب العام، رغم الظروف الصعبة التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وكان الطرح العام ناجحًا بشكل مذهل، فجمع الشركة 3.4 مليار دولار بتقييم 33.3 مليار دولار، وهو أكبر طرح عام أولي في تاريخ التكنولوجيا.
اقرأ أيضًا: في ذكرى إطلاق فيسبوك الـ20.. هل ينتهي عصر وسائل التواصل الاجتماعي قريبًا؟
وبعد الطرح العام، ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 112% في يوم واحد، ووصلت قيمتها السوقية إلى 70 مليار دولار. وبهذا، أصبح سلوتمان يمتلك حصة قدرها 5.9% في الشركة.
فرانك سلوتمان أغنى من تيم كوك وساتيا ناديلا
على الرغم من أن شركتي أبل ومايكروسوفت، هما الأكثر قيمة في العالم حاليًا، بما يقارب 3 تريليونات دولار، والروساء التنفيذيين، تيم كوك في أبل، وساتيا ناديلا في مايكروسوفت، هما الأكثر شهرة؛ إلا أن فرانك سلوتمان، أصبح هو أغنى رئيس تنفيذي بين شركات التكنولوجيا، وفقًا لوكالة بلومبرغ.
اقرأ أيضًا.. «مهمة شاقة».. رئيس شركة إنفيديا يشارك تجربة تأسيس عملاق الرقائق الإلكترونية
تساوي ثروة سلوتمان حاليًا 3.7 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يجعله أغنى رئيس تنفيذي في شركات التكنولوجيا، متفوقًا على تيم كوك من أبل وساتيا ناديلا من مايكروسوفت. ولكن كيف حقق سلوتمان هذا الإنجاز؟ وما هي فلسفته في الإدارة والقيادة؟
فلسفة سلوتمان في الإدارة: الصرامة والمسؤولية والتميز
يعتبر فرانك سلوتمان رئيسًا تنفيذيًا صارمًا ومتطلبًا، وهو يؤمن بأن النجاح يتطلب العمل الشاق والمسؤولية والتميز. وهو يتبع مبدأ “الأداء أو الموت”، وهو يقول إنه يجب على الشركات أن تكون قادرة على التنافس والابتكار والتكيف مع التغيرات في السوق، وإلا فسيخسرن مكانتهن وزبائنهن.
اقرأ أيضًا: «لا شيء يسعدني أكثر من بناء شركة».. من جينسن هوانغ مؤسس إنفيديا؟
وفي كتابه «المليار دولار: القصة الحقيقية لكيفية إنشاء وبيع شركة تكنولوجيا ناشئة»، يشرح سلوتمان كيفية قيادته لشركة “Data Domain” من الفشل إلى النجاح، ويقدم نصائح وتوجيهات للمؤسسين والمديرين التنفيذيين والمستثمرين في مجال التكنولوجيا.
ومن بين هذه النصائح، يذكر سلوتمان أهمية اختيار الفريق المناسب وتحديد الرؤية الواضحة والتركيز على العملاء والجودة والقيمة.
ويعتبر فرانك سلوتمان أيضًا من الرؤساء التنفيذيين الذين لا يخشون من التعبير عن آرائهم ومواقفهم، حتى لو كانت مخالفة للتيار السائد أو السياسة الصحيحة. وقد أثار سلوتمان الجدل في عدة مناسبات، عندما انتقد الحكومة الأمريكية والصين والتنوع والتضامن مع فلسطين. وقد اعتذر سلوتمان عن بعض تصريحاته، مؤكدًا أنه لا يقصد الإساءة أو الإهانة لأي شخص أو جماعة.
الاستقالة من Snowflake والمستقبل: ماذا بعد؟
في 28 فبراير 2024، أعلن فرانك سلوتمان عن استقالته من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة «Snowflake»، بعد أن قادها إلى أكبر طرح عام أولي في تاريخ التكنولوجيا.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يعلن نجاح زرع شريحة نيورالينك في أول دماغ بشري
وقال سلوتمان إنه يريد أن يتفرغ للأمور الشخصية والعائلية، وأنه يثق في قدرة خليفته سريدهار راماسوامي على مواصلة تطوير الشركة وتحقيق رؤيتها. وسيظل سلوتمان رئيسًا لمجلس إدارة الشركة، وسيشارك في توجيه الاستراتيجية والسياسة.
ولكن هل يعني هذا أن سلوتمان سيتقاعد نهائيًا من عالم التكنولوجيا؟ أم أنه سيبحث عن تحدي جديد أو فرصة جديدة؟ هذا ما لا يعرفه إلا هو، ولكن ما يمكننا القوله بثقة، هو أن سلوتمان قد ترك بصمة لا تنسى في تاريخ التكنولوجيا، وأنه قد أصبح مصدر إلهام للكثيرين من الطموحين والمبدعين.