تسعى شركات التكنولوجيا للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في سوق يغلب عليه الصراعات، ولكن شركة غوغل (Google) لم تحقق النجاح المرجو، بل واجهت مشاكل وأخطاء في برامجها الذكية، مما أثار الانتقادات والشكوك حول قدرات ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي للشركة، ومستقبله في منصبه.
ساندر بيتشاي هو من ذوي الخبرة في شركة غوغل، حيث انضم إليها في عام 2004 كنائب رئيس لإدارة المنتجات عندما كان في الـ 31 من عمره، وترقى إلى رئيس تنفيذي لشركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل، في عام 2015. وهو واحد من أغنى الرؤساء التنفيذيين في العالم، إذ حصل على 226 مليون دولار كراتب سنوي في عام 2022. ولكنه الآن يعاني من أصعب تحدي في مسيرته الاحترافية، بسبب تخلف شركته في مجال الذكاء الاصطناعي.
دعوات لتغيير قيادة غوغل بمن فيهم ساندر بيتشاي
بعد أن أنتج منشئ صور جيميني (Gemini) التابع لغوغل (Google) صورًا تاريخية خاطئة، أوقفت الشركة الخدمة مؤقتًا. هذا الخلل كان كارثيًا لدرجة أنه أثر على سعر سهم غوغل، مما اضطر ساندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لغوغل، إلى الاعتذار للموظفين ووصف الحادث بأنه غير مقبول.
هذا الحادث أظهر أن غوغل فقدت موقعها الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما اعتبره البعض فشلًا لساندر بيتشاي في مواجهة منافسيه في قطاع التكنولوجيا، ما زاد من المطالبات بتغيير قيادة الشركة.
اقرأ أيضًا: الأعلى أجرًا في العالم.. قصة صعود ساندر بيتشاي إلى رئاسة غوغل
وقال بن طومسون، المحلل والكاتب لنشرة «Stratechery»، إن غوغل تحتاج إلى تغيير ، مما يعني التخلص من أولئك الذين سمحوا للشركة بالتدهور ، بمن فيهم الرئيس التنفيذي ساندر بيتشاي.
ويتابع موظفو شركة غوغل نشرات طومسون الإخبارية. وتساءل مارك شموليك، المحلل في بيرنشتاين، في مذكرة بحثية نشرت هذا الأسبوع ، عما إذا كان الوقت قد حان لتغيير قيادة عملاق الإنترنت.
وكتب: «إن الأزمة الأخيرة تطرح المزيد من الشكوك حول مدى ملاءمة هذا الفريق الإداري لقيادة غوغل (Google) نحو المستقبل».
الأزمات الإدارية في غوغل
تتعرض إدارة غوغل للانتقادات بسبب التباطؤ في اتخاذ القرارات والاتجاه إلى الابتكارات. وأفاد مصادر مطلعة في شركة غوغل، لموقع بيزنس إنسايدر، أن الشركة تعاني من البيروقراطية المفرطة والخوف من التأثير على أعمال البحث الخاصة بها.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يشن حربًا على غوغل.. ما القصة؟
وقد أظهر ساندر بيتشاي، الذي أصبح رئيسًا تنفيذيًا لشركة غوغل في عام 2015 وشركة ألفابت في عام 2019، أنه رئيس تنفيذي ناجح في زمن السلام، حيث كان قادرًا على حماية أعمال البحث القيمة في غوغل والتفاوض بحكمة مع الجهات التنظيمية.
وقد ارتفعت قيمة غوغل السوقية إلى حوالي 1.7 تريليون دولار حاليًا، بزيادة تزيد قليلاً عن 400 مليار دولار منذ عام 2015 عندما تسلم ساندر بيتشاي المنصب.
تسريح العمال والركود في غوغل بليكس
ما يثير القلق لدى المراقبين، بحسب موقع بيزنس إنسايدر، هو حالة الجمود في غوغل بليكس (Googleplex)، وهو المقر الرئيسي للشركة الواقع في ماونتن فيو، بمقاطعة سانتا كلارا، في ولاية كاليفورنيا والقريب من مدينة سان جوزيه، والحرم الجامعي المجاور له.
وقامت الشركة بإنشاء غوغل بليكس (Googleplex)، ليكون مجمعًا شاملًا للموظفين يمنحهم بيئة عمل مميزة داخل وخارج المقر، حيث يوجد فيه كل أنواع الرفاهية من مطاعم تقديم الطعام وصالات الألعاب للكبار والصغار وصالات البلياردو وملاعب الكرة وغيرها من وسائل التسلية.
اقرأ أيضًا: عيد ميلاد غوغل الـ25.. قصة فكرة تحولت إلى شركة تقارب قيمتها الـ2 تريليون دولار
لكن على الرغم من ذلك، يشعر الموظفون الحاليون والسابقون بالقلق من وجود حالة من الجمود في غوغل بليكس (Googleplex)، بسبب تسريح الموظفين في الفترات السابقة وعدم التفوق في سباق الذكاء الاصطناعي،، وهذه المشكلات أصبحت الآن ظاهرة، بينما تسعى الشركة لإطلاق المنتجات إلى السوق في أقرب وقت ممكن.
كل هذه الأمور دفعت بالمطالبات بتغيير ساندر بيتشاي من قيادة غوغل إلى العلن في هذا الوقت، حتى أن أرافيند سرينيفاس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «Perplexity»، والباحث السابق في أوبن إيه آي (OpenAI)، والمتدرب السابق في غوغل (Google) وقسمها للأبحاث ديب ميند (DeepMind)، شارك في النقاش حول مستقبل بيتشاي هذا الأسبوع، وحتى اقترح نظرية حول من قد يخلف الرئيس التنفيذي.
ونشر سرينيفاس تغريدة على منصة إكس (X): «ساندر بيتشاي هو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة ألفا بيت (Alphabet)، وهو في وضع أفضل لاختيار رئيس تنفيذي لشركة غوغل (Google)، سواء كان ذلك شخصًا جديدًا من خارج الشركة، أو مرشحًا داخليًا، أو استمرار نفسه».
وحتى ماريسا ماير، التي كانت الموظفة رقم 20 في غوغل، وعملت هناك لمدة 13 عامًا، شاركت في النقاش، وردت على تغريدة عثمان لاراكي، الرئيس التنفيذي لشركة «Color Health»، الذي قال إن غوغل (Google) تواجه مشكلة غير قابلة للحل.
وقالت ماير: «أريدهم أن يفوزوا وأعتقد أنهم قادرون على ذلك، لكن عليهم أن يركزوا على الابتكار وأن يتبنوا عقلية المنافس بدلاً من عقلية القائد في السوق».
هل يقضي الذكاء الاصطناعي على محرك البحث؟
بحسب موقع بيزنس إنسايدر، فإن القلق الأكبر داخل غوغل، ليس فقط الخسارة في سباق الذكاء الاصطناعي وعدم القدرة على الابتكار؛ بل الخوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي التوليدي محل البحث القليدي، وبالتالي فإن ذلك يهدد مستقبل عملاق البحث غوغل (Google).
اقرأ أيضًا.. سباق الذكاء الاصطناعي بين غوغل ومايكروسوفت يحتدم
وتنبأت شركة «Gartner» مؤخرًا أن ينخفض البحث التقليدي بنسبة 25% بحلول عام 2026 بسبب بدائل الذكاء الاصطناعي، مثل خدمة شات بوت chatbot التي تقدمها شركة «Perplexity».
وتعي شركة غوغل، أن هذا هو الواقع الذي تواجهه، ولذلك تعمل على تطوير بحث جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي، أي نعم ببطء ولكن بإصرار.
لكن الفوضى الأخيرة أثارت قلق المحللين بشأن الآفاق طويلة المدى، وما إذا كان بيتشاي يستطيع قيادة غوغل خلال واحدة من أصعب الأزمات التي تمر بها الشركة على الإطلاق، أم يكون الحل في تركه لقيادة غوغل؟