كشف الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، عن ظاهرة الذكاء العاطفي الاصطناعي الجديدة المعروفة أيضًا باسم الحوسبة العاطفية، والتي من شأنها أن تحقق أرباحًا هائلة قد تصل إلى 174 مليار دولار بحلول 2025 وفقا للكاتب والباحث برنارد مار Bernard Marr، فما هو هذا النوع الجديد من الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء العاطفي الاصطناعي
تستطيع الحواسيب من خلال تقنية الذكاء العاطفي الاصطناعي قراءة المشاعر، وتحليل البيانات تعابير الوجه، والحركات، ونبرة الصوت وغيرها. وبهذه الطريقة، يزداد التفاعل المتبادل بين الإنسان والآلة بطريقة طبيعية ومماثلة لتفاعل البشر بين بعضهم البعض، وربما تصل الآلة إلى تحديد حالة الفرد النفسية والتفاعل معها على هذا الأساس.
اقرأ أيضًا: الحب والذكاء الاصطناعي.. لماذا لا نتحول جميعًا إلى روبوتات؟
ولدت الحوسبة العاطفية في عام 1995، في مختبر إم أي تي ميديا لاب MIT Media Lab، بعد أن استطاعت الكاميرات والميكروفونات والمستشعرات الفيزيولوجية جمع استجابات عاطفية، من أجل تحديد الشعور، واستطاعت هذه الآلات التفاعل مع المشاعر والاستجابة لها. واليوم، صار من السهل للآلة المفتقرة للمشاعر، أن تلتقط الفروق العاطفية الدقيقة التي قد يفتقدها بعض البشر، أو يستعصي عليهم ملاحظتها في بعض الأحيان.
طريقة عمل الذكاء العاطفي الاصطناعي
تعمل برامج الذكاء العاطفي الاصطناعي على جمع البيانات، وتحليلها، ومقارنتها مع بيانات أخرى من شأنها تحديد المشاعر الأساسية مثل الفرح والخوف. وتتم هذه الاستراتيجية من خلال دمج رؤية الذكاء الاصطناعي، مع المستشعرات الحسية، والكاميرات، وبيانات العالم الحقيقي، وعلم الكلام، وخوارزميات التعلم العميق.
اقرأ أيضًا: الويب 5.. تجربة التفاعل العاطفي بين الإنسان والآلة
ومن خلال برامج الذكاء العاطفي الاصطناعي، تستطيع تحديد الشعور الصحيح، وتفسيره، ودراسة معانيه في كل حالة. وما أن تتوسع قاعدة البيانات العاطفية وتتطور، حتى تتحسن قدرة الخوارزميات على تحديد الفروقات الدقيقة الموجودة في التواصل البشري.
استخدامات الذكاء العاطفي الاصطناعي
لا شك أن مجال الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد الحوسبة العاطفية، مازال في تطور مستمر. وهذا ما يفسره إقبال الشركات الضخمة في الأسواق على اعتماد الذكاء العاطفي الاصطناعي بغرض توفير خدمات ومنتجات أفضل لعملائها حول العالم. ومن أبرز هذه الشركات، نذكر ما يلي:
1. شركة أفكتيفا Affectiva
اعتمدت شركة أفكتيفا Affectiva، وهي شركة برمجيات للتعرف على المشاعر، هذه التكنولوجيا الرائدة في ربوعها وأنظمتها، بهدف مساعدة المعلنين، ومسوقي الفيديوهات في جمع تعبيرات الوجوه لحظة بلحظة عند مشاهدة فيديو ما، من خلال منهجية أفديكس Affdex.
اقرأ أيضًا: كيف تضمن مجالات الذكاء الاصطناعي الحرية المالية للشباب؟
يتم مقارنة البيانات التي تم جمعها، مع بيانات الشركة العاطفية، ومعايير رفع المبيعات، بالإضافة إلى بيانات أخرى خاصة بالشركة بهدف توفير أفكار لعملائها، وتحسين أدائهم، وتطوير محتواهم وإنفاقهم على الوسائط والإعلام.
وتساهم شركة أفكتيفا Affectiva أيضًا في دمج وتوظيف تطبيقات الذكاء العاطفي الاصطناعي في مجال صناعة السيارات، لتطوير تجربة النقل، وتحليل الطرق واعتبارات الأمان الواجب توافرها من أجل تعزيز سلامة الركاب، وتحديد ما إذا كان السائق متعبًا، أ, غير قادر على القيادة بكفاءة، لتفادي أية حوادث محتملة.
2. شركة مايكروسوفت Microsoft
أنشأت شركة مايكروسوفت فريقًا خاصًا، يعرف باسم فريق الفهم البشري والتعاطف HUE، والذي كرس دوره من أجل تطوير تقنيات تكنولوجية جديدة تهدف إلى تعزيز المرونة والسلامة العاطفية. ويلجأ هذا الفريق إلى استخدام الذكاء العاطفي الاصطناعي لالتقاط الحالات العاطفية والاستجابة لها.
اقرأ أيضًا: هل يتخلى المستقبل عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟
ورغم أن الفريق يواجه تحديات كبيرة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومدى إمكانية دمج تقنية الذكاء العاطفي الاصطناعي إلى منتجات مايكروسوفت، وخاصة في مجالات البحث التعاطفي، والفهم البشري في الألعاب، ومساحات العمل التكيفية.
3. شركة كوبمانيون إم إكس Companion Mx
لا شك في أن الذكاء العاطفي الاصطناعي يلعب دورًا جوهريًا في تحديد ولمس المخاوف المرتبطة بالصحة العقلية. وتوفر شركة كوبمانيون إم إكس CompanionMx تطبيقًا جديدًا لمراقبة الصحة العقلية، من شأنه أن يحدد علامات تغير المزاج والقلق عند الأفراد عبر الهاتف.
اقرأ أيضًا: حوار مع برنامج ChatGPT: هل أنت أكثر كفاءة من البشر؟
ابتكر مختبر إم أي تي ميديا لاب MIT Media Lab، جهازًا يمكن ارتداؤه ويدعى بايو أسنس BioEssence، والذي يستطيع استشعار التغيرات في دقات القلب، وتحديد مناطق الألم، وفهم حالات التوتر والإحباط. وبعد التعرف على هذا الشعور الذي ينتاب الفرد، يطلق هذا الجهار رائحة ما، من شأنها أن تساعد الفرد على تخطي هذا الشعور السلبي، وتحسين حالته العاطفية.
ويمكن استخدام هذه التقنية العاطفية الجديدة لمساعدة المصابين بالتوحد. إذ غالبًا ما يستصعب هؤلاء التقاط الإشارات العاطفية من الآخرين عند التواصل. لذلك، بفضل الأجهزة المتطورة القائمة على الذكاء العاطفي الاصطناعي، سيتمكن المصابون بالتوحد من قراءة هذه المشاعر والتفاعل معها بشكل مناسب.
يفتح الذكاء العاطفي الاصطناعي أبوابًا واسعة للتطور والتقدم في مختلف المجالات الحياتية. وإلى جانب تطبيقات هذه التكنولوجيا المختلفة، لا بد للمطورين الأخذ بعين الاعتبار مجموعات هذه البيانات المستخدمة في تدريب التكنولوجيا الصاعدة، وإدراك دورها الأساسي في تمثيل التنوع الشاسع لمجتمعاتنا بغية تحقيق الفائدة العامة.