«إن العثور على الحب في هذه الأوقات أمر معقد للغاية؛ فالطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي الوقوع في حب فروبي». وكائنات الفروبي هي دمى ذكاء اصطناعي، تعيش في جزيرة بعيدة، حيث يمكنها أن تحب وتلعب، وهي طوال الوقت تخبرنا أن حياتها أجمل، وأفضل، من حياة البشر.
الحب والذكاء الاصطناعي، هي الفكرة الرئيسية التي يطرحها العرض المسرحي الإسباني حكاية فروبي الخرافية (Furby Tale)، من تأليف وإخراج بلانكا إسكوبار (Blanca Escobar)، وسارة رويز (Sara Ruiz Ferrer)، والذي تم تقديمه لجمهور مدينة الإسكندرية، ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي.
وفي السطور التالية، تلتقي فاينانشيال فريدوم توداي مع المخرجتين والممثلتين الإسبانيتين بلانكا إسكوبار، وسارة رويز، للوقوف حول خلفيات معالجة تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والميتافيرس على حياتنا في عروضهم المسرحية، وكيفية تفاعل الجمهور مع هذه الأفكار، خصوصًا الجمهور العربي.
بلانكا إسكوبار: التكنولوجيا تساعدنا لنقوم بأشياء مختلفة
بلانكا إسكوبار، ممثلة ومخرجة مسرحية إسبانية، أسست مع رفيقتها سارة رويز فرقة مسرحية في إسبانيا، وقدمتا معًا العديد من المسرحيات حول تأثير التكنولوجيا والميديا على الحياة العصرية. تقول بلانكا: «التكنولوجيا يمكنها أن تساعدنا، لنقوم بأشياء مختلفة، ربما قبل اليوم ما كان في استطاعتنا عمل المقابلات خارج الغرف الزجاجية، أعتقد إننا نستطيع مع التكنولوجيا تجاوز الحدود».
يتم تقديم 3 من شخصيات الفروبي إلى بلانكا كي تختار من بينهم شريكها العاطفي. يمنح الفروبي البينك، أغنية كي ترقص عليها بلانكا مع كل الموجودين في المسرح، باعتبارهم أهل الجزيرة التي يدور فيها العرض. تقول بلانكا: «لقد راعينا اختيار أغنية تكون قريبة من ثقافة الجمهور المصري، فاخترنا أغنية يا حبيبي للفنان محمد رمضان، وفوجئنا بالجمهور يصعد على خشبة المسرحي ويرقصون بمرح بالغ».
إجازة إلى الأبد، وسعادة طوال الوقت، لا حزن، لا منغصات، حتى الرفاهية لا تطلب منك السعي، بل هي واقع متحقق بالفعل. ترى ماذا يحدث عندما يكون لديك كل ما تريده دائمًا؟ هذا هو السؤال الذي يحاول العرض الإجابة عنه، طوال الوقت.بعدما ينقطع الأمل لديها في حدوث أي شيء آخر يكسر الملل، وتدرك أن المشكلة ربما تكون فيها هي، حينها تقول: أريد أن أصبح فوربي!
اقرأ أيضًا: الأشخاص الرقميون.. هل مازال للبشر مكان في الميتافيرس؟
تقول سارة: «شخصيتي في العرض هي دمية ذكاء اصطناعي، تشعر بعدم الارتياح طوال الوقت، ويريد أن يصبح إنسانًا. لكن المجتمع لا يسمح بذلك، الفوربي غير مرتاح مع الاختلافات بينه وبين البشر، ويقرر في النهاية أن يساعد بلانكا لتصبح واحدة منهم».
سارة رويز: أردنا أن يتساءل الناس عما يفضلونه: أن يصبحوا روبوتات سعداء أو بشرًا تعساء؟
شخصيات الفوربي إحدى عناصر الحياة في المكان الذي تدور فيه أحداث مسرحيتنا، ونحن لا نعرف ماذا يحدث مع الفوربي، إنه يسأل عن شيء ما، وينام أثناء العرض، وبإمكانه أن يبقى معنا، ولكنه عندما وجد حبيبته حزينة تعيسة، يتراجع عن قراره برغبته في أن يصبح بشرًا، ليقول إلى الجمهور إن حياتنا نحن الروبوتات أفضل.
View this post on Instagram
تقول سارة: «أنا لا أحب أن أقلل من أي شيء، وفي رأيي إن التكنولوجيا مازالت شيئًا معقدًا، أنا لا أريد أن أحكم عليها.. فقط أنا أسأل نفسي هل تشكل خطرًا علينا فعلا؟ ولكنني لا أجد إجابة حقًا».
يختبر العرض الإسباني حكاية فروبي الخرافية، الحالة التي يريد أن يشرك فيها المتلقي، وهي مدى قدرتنا على تقبل وجود التكنولوجيا كشريك معنا في هذه الحياة، ومدى قدرتنا على النظر إلى كائنات الذكاء الاصطناعي باعتبارها جنس متطور استطاع أن يتخلص من السلوكيات السيئة والمشاعر السلبية التي يعاني منها البشر.
اقرأ أيضًا: أساليب تحسين الصحة النفسية في الميتافيرس
«ربما هناك خطر نلمسه حين نفقد بعض الأشياء، لكننا نربح مع الميتافيرس والتكنولوجيا أشياء أخرى». هكذا تقول بلانكا إسكوبار. وتؤيدها سارة، موضحة: «أن نتواصل مع بعضنا رغم بعد المسافات كما نفعل الآن هو أحد أكبر مكاسب التكنولوجيا».
عندما تزداد الممثلة في العرض حزنًا، يخيم على الصالة صمت عميق، وفجأة تلمع عينيها بالحل، فتختفي فجأة وتظهر مرة أخرى، ولكن في هيئة دمية فروبي، ما يسبب صدمة للمشاهد، على عكس ما يحدث في القصص والأفلام التي تناولت علاقة الإنسان والروبوت، حيث دائمًا يحاول الروبوت أن يصبح إنسانًا، لكن بطلة العرض وجدت أن لا شيء في حياة البشر يستحق الإبقاء عليه.
اقرأ أيضًا: العمارة في الميتافيرس.. كيف تشيد عقارك الافتراضي؟
تقول سارة: «لا أعتقد إن العرض عبارة عن دعوة لنتخلص من حياتنا البشرية، لكنه طريقة لجعل الناس يتساءلون عما يفضلونه: أن يصبحوا روبوتات سعداء أو بشرًا تعساء؟ هناك شيء جيد وشيء سيئ، وبالتالي العرض مجرد دعوة لنسأل أنفسنا ماذا نريد حقًا؟».