تستمر تطبيقات العالم الافتراضي في اقتحام ميادين جديدة، ومؤخرًا صار تحسين الصحة النفسية في الميتافيرس، واحدًا من أبرز التطبيقات المدهشة لإمكانات العالم الافتراضي في مجال العلاج النفسي والعقلي.
وتظهر توقعات شركة جارتنر (Gartner Inc) أن نحو 25% من السكان في العالم سيقضون ساعة واحدة على الأقل يوميًا في عالم ميتافيرس بحلول عام 2026، ما دفع عدد من المسؤولين والعاملين في المجالات المختلفة إلى استكشاف عالم الميتافيرس، خاصة في المجالات التي تعتمد على الخيال.
أهمية الصحة النفسية في الميتافيرس
وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية، يعد الاكتئاب أحد أكثر الأمراض شيوعًا في العالم إذ يصيب ما يقدر بنحو 3.8% من السكان، بما في ذلك 5% بين البالغين و5.7% بين البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يتحكم بالاضطرابات العقلية
وعلى الرغم من وجود العديد من العلاجات والأدوية الفعالة للاضطرابات النفسية، فإن أكثر من 75% من الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا يحصلون على أي علاج بسبب نقص مقدمي الرعاية الصحية، أو نقص الموارد، أو الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، حسبما ذكرت منظمة الصحة العالمية.
ويعتبر الميتافيرس تحولًا مهمًا في طرق العلاج النفسي، وسيؤثر بصورة ملحوظة على الصحة العقلية، إذ يمثل ميتافيرس اندماجًا ثلاثي الأبعاد لمنصات التواصل الاجتماعي، والألعاب الافتراضية، والتسوق، والفنون الرقمية، والتداول، والعقارات، وأسواق الاستثمارات.
اقرأ أيضًا: ماثيو بول: الميتافيرس سيعمل بجوار الإنترنت لتحسين حياتنا
ويعد تحسين الصحة النفسية بالتعرض للواقع الافتراضي علاجًا واعدًا للكثير من الاضطرابات النفسية، إذ توسعت استخداماته مؤخرًا لتشمل علاج اضطراب ما بعد الصدمة، من خلال تقديم ست جلسات لأحد الجنود الأمريكيين المصابين باضطراب ما بعد الصدمة المرتبط بالقتال، ما ساعد في تقليل أعراض الاضطراب، كما تم التوضيح في أحد الأبحاث في المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة.
تعزيز الصحة النفسية في الميتافيرس
يوفر الواقع الافتراضي أو عالم ميتافيرس ميزة مهمة للعلاج النفسي، وهي المحاكاة، وخاصة وأنه من الصعب للغاية تكرار الحياة الواقعية، لذا يعتمد المرضى والأطباء على التخيل.
اقرأ أيضًا: احذر مخاطر الميتافيرس على الأطفال!
وساعدت تقنيات الواقع الافتراضي في تحسين الصحة النفسية لدى الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، حيث يميل الأطفال إلى البيئات الجذابة، وتهدف تلك التقنيات إلى تعليم المرضى سلوكيات جديدة تساعدهم على التكيف مع ظروف حياتهم وكيفية إدارتها.
المحاكاة واضطراب ما بعد الصدمة
ولعبت تقنيات الواقع الافتراضي دورًا في تحقيق الاستفادة للأفراد القلقين اجتماعيًا بشكل كبير، من خلال دورات تدريبية على المهارات الاجتماعية في الواقع الافتراضي، وتقديم جلسات نفسية في الميتافيرس لعلاج بعض الأمراض النفسية مثل القلق والتوحد، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
اقرأ أيضًا: الأشخاص الرقميون.. هل مازال للبشر مكان في الميتافيرس؟
ويسمح الواقع الافتراضي لمقدم الرعاية بتخصيص البيئة الافتراضية لمحاكاة سيناريوهات القتال الأكثر صلة بالصدمة التي يعاني منها الجنود، ونظرًا للنتائج الواعدة لتلك التجربة، فقد حظيت بإقبال عدة مستشفيات متخصصة في تحسين الصحة النفسية لدى المحاربين القدامى في الولايات المتحدة.
جلسات نفسية في الميتافيرس
كما أظهر العلاج المعرفي من خلال جلسات نفسية في الواقع الافتراضي لمرضى التوحد نتائج إيجابية، إذ نجحت الدراسات التي أجريت في جامعة تكساس وقسم الطب النفسي بجامعة نورث وسترن في إجراء تجارب باستخدام برامج الواقع الافتراضي التي تستخدم الصور الرمزية لمحاكاة مقابلات العمل والاجتماعات.
ويتبلور مفهوم الصحة النفسية من خلال تطبيقات الواقع الافتراضي، والتي تعد أكثر فعالية مقارنة بالعلاج التقليدي في التعامل مع الاكتئاب والقلق والتوحد، إذ يمكن استخدام الواقع الافتراضي من قبل المرضى المصابين بأمراض مزمنة لمحاكاة البيئات المختلفة خارج المستشفيات، ما يساعد على تعزيز الصحة النفسية للأطفال والبالغين بصورة مستمرة.