أحدثت التقنيات المتقدمة ثورة في العديد من القطاعات، ومن بينها قطاع اللياقة البدنية الذي يشهد تحولاً جذرياً بفضل هذه التقنيات.
خلال الفترة الأخيرة برزت تقنية الواقع الممتد (Extended Reality)، التي تجمع بين الواقع الافتراضي (Virtual Reality)، والواقع المعزز (Augmented Reality)، والواقع المختلط (Mixed Reality)، كعامل رئيسي في إعادة تشكيل ممارسات التمارين الرياضية. هذه التقنية لا تغير فقط طريقة أداء التمارين بل توفر أيضاً فرصاً جديدة للعلامات التجارية الرائدة مثل بوما (Puma)، ولي ميلز (Les Mills)، وفيت إكس آر (FitXR)، وسوبرناتشورال (Supernatural) لتعزيز تجارب اللياقة البدنية.
اقرأ أيضًا.. منصة ميتافيرس الثقافية السعودية.. تجربة مبتكرة في عالم الواقع الافتراضي
تطبيقات الواقع الافتراضي توفر التحفيز
في صيف عام 2018، انطلقت المؤثرة الشهيرة راشيل ز.، المعروفة بالاسم المستعار أوترورلدي (OtterWorldly)، في بث تجاربها المباشرة وهي تمارس اللياقة البدنية في الواقع المختلط. تُبرز مقاطع الفيديو مهاراتها في استخدام السيف الافتراضي لتقطيع الكتل الرقمية على نغمات أغاني مثل كِل ذِس لَف (Kill This Love) لفرقة بلاكبينك (Blackpink).
في حديثها لموقع «بيزنس إنسايدر»، أشارت راشيل إلى أن الطابع التنافسي لتطبيقات الواقع الافتراضي المخصصة للياقة البدنية قد أحدث تغييرًا في نظام تمريناتها الرياضية، مؤكدةً أن هذه التطبيقات توفر التنوع والتحفيز وإمكانية تتبع التقدم، مما يساعدها على البقاء متحمسة وملتزمة بروتينها الرياضي.
يُحدث الواقع الممتد تغييرات جوهرية ومستمرة في مجال التمارين واللياقة البدنية، حيث يشمل الواقع الافتراضي الذي يغمر المستخدمين في بيئة كاملة مصممة بواسطة الكمبيوتر؛ والواقع المعزز الذي يضع طبقات من الصور الرقمية فوق العالم الحقيقي باستخدام أجهزة مثل الهواتف الذكية ونظارات الواقع المعزز؛ والواقع المختلط الذي يدمج بين العالمين الحقيقي والافتراضي.
كيف تستغل العلامات التجارية الكبرى تطبيقات الواقع الافتراضي؟
في تقرير لموقع «بيزنس إنسايدر»، تحدث قادة العلامات التجارية الرائدة في مجال اللياقة البدنية مثل بوما، ولي ميلز، وفيت إكس آر، وسوبرناتشورال، حول كيفية استغلالهم للواقع الممتد في تقديم تدريبات تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة.
في العام الجاري، أقامت شركة بوما (Puma) شراكة مع ميتا كويست 3 (Meta Quest 3) لإطلاق تمارين غامرة في عالم الميتافيرس (Metaverse) الافتراضي. يُمكن للمستخدمين الذين يرتدون سماعات الرأس ميتا كويست (Meta Quest) الانغماس في جلسات تمرين افتراضية تشمل الملاكمة والزومبا.
صرح إيفان داشكوف (Ivan Dashkov)، رئيس قسم التكنولوجيا الناشئة في بوما، لـ«بيزنس إنسايدر»، بأنه يمكن للأفراد الآن استكشاف أنواع متنوعة من التمارين التي قد لا يتاح لهم تجربتها في الواقع الحقيقي، بسبب عدم توافرها في محيطهم. وأضاف: «لم أكن لأمارس الملاكمة أبدًا، لكن في الواقع الافتراضي، أصبحت هذه التمارين هي الأفضل لدي».
يتجه الأشخاص الذين يعانون مما يُعرف بالقلق من صالات الألعاب الرياضية أو الخوف من التسجيل السري والتشهير بهم على الإنترنت، نحو التمارين في الواقع الافتراضي. يقول داشكوف: «قد لا ينظر الناس إلى التكنولوجيا على أنها وسيلة للتمرين، لكن الواقع الافتراضي يمكن أن يهدم هذه الحواجز».
اعترف داشكوف بوجود منحنى تعلم لاستيعاب هذه التكنولوجيا، معتبرًا أن «التحدي المثير هو أن الجمهور العام لبوما قد لا يكون قد تبنى هذه التقنيات الحديثة بعد».
خلال حفل إطلاق الشراكة بين بوما وميتا كويست تحدث عن تغيير في نظرة الناس لتمارين الواقع الافتراضي. وذكر داشكوف أن الحاضرين، بعد ارتداء السماعات والتمرين لمدة 15 دقيقة، اختبروا لحظة إدراك مفاجئة. وأضاف: «لم يكونوا ليتوقعوا أن يتعرقوا كما لو كانوا يلعبون لعبة فيديو».
ومع ذلك، يُعد حجم سماعات الرأس ميتا كويست عائقًا، إذ يمكن أن يكون مرهقًا بسبب حجمها الكبير. لكن داشكوف يتوقع أن تصبح السماعات أصغر في المستقبل، «مثل نظارات تُرتدى وتُظهر المحتوى أمام العينين».
اقرأ أيضًا.. ما تأثير تكنولوجيا الميتافيرس والذكاء الاصطناعي في بيئات عمل 2024؟
التكيف مع احتياجات المستهلك
تستفيد شركة لي ميلز من تقنية الواقع الممتد لتطوير تمارين روتينية، مثل تمارين القوة واليوغا (Yoga). في شهر ديسمبر، أطلقت الشركة لعبة لياقة بدنية ضمن الواقع الافتراضي، صُممت لإحضار خبراء الرقص الثلاثي الأبعاد إلى بيوت مستخدمي ميتا كويست (Meta Quest).
ذكرت ليزا إدواردز (Lisa Edwards)، مديرة الابتكار الرقمي في لي ميلز، أن «تطوير اللعبة استلزم من الشركة التكيف لتوحيد مجتمع عالمي من محبي اللياقة البدنية». قبل ثلاث سنوات، عندما بدأت لي ميلز التعاون مع المطورين، كانت التكنولوجيا في مراحلها الأولى، وكان الاستثمار في خدمات الواقع الممتد يُعد مغامرة.
أفادت إدواردز بأن الشركة تقوم بقراءة تقييمات العملاء وتحليل لوحات معلومات نشاط المستخدمين لتوجيه قرارات العمل ولمواكبة «الاحتياجات المتغيرة للمستخدمين».
وأضافت: «نحن نتابع عن كثب البيانات الوافرة التي نحصل عليها من المطورين وميتا (Meta)».
جذب جمهور أكبر عبر الواقع الافتراضي
لجذب جمهور أكبر، قال سام كول (Sam Cole)، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة فيت إكس آر (FitXR)، وهي شركة متخصصة في الواقع الممتد، لـ«بيزنس إنسايدر» بأنه على صناعة اللياقة البدنية التركيز على الوصول للأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة بشكل مكثف أو الذين يعانون من قيود في الحركة.
وأشار كول إلى أن تجربته مع إصابة في وتر العرقوب قبل عام جعلته يدرك «أهمية التوازن بين الصحة البدنية والعامة مع تقدم العمر».
أكد كول أن تمارين فيت إكس آر (FitXR) تعطي أهمية كبيرة للتوازن، مع الأخذ في الاعتبار العناصر الأساسية التي تجعل التمارين الجماعية ممتعة، ودمجها مع تصورات بصرية غامرة ومحفزة تدعو إلى المشاركة.
اقرأ أيضًا.. ريبوك تتعاون مع Futureverse لإطلاق تجربة ميتافيرس جديدة
وذكرت ليان بيدانتي (Liane Pidanti)، رئيسة قسم اللياقة البدنية في شركة سوبرناتشورال (Supernatural)، وهي خدمة للياقة البدنية ضمن الواقع الافتراضي، حالة شخص استفاد من التمارين الغامرة في تحسين حركته.
وأوضحت بيدانتي أن هذا الشخص، الذي كان يعاني من زيادة في الوزن ويعتمد على الكرسي المتحرك، وجد في دروس التمارين على منصة سوبرناتشورال وسيلة للعمل على استخدام المشاية. وأضافت: «هذه هي النوعية من التجارب التي يمكن أن تحدث في الواقع الافتراضي».
وأشار كول إلى أنه رغم تحفظ بعض الأشخاص تجاه الواقع الافتراضي أو عدم ثقتهم به كونه تقنية حديثة، فإنه يرى أن «القيود التي يتصورها الناس أكثر تعقيدًا من القيود الحقيقية»، وأنه على الأفراد تجربة الواقع الافتراضي بأنفسهم لاكتشاف ذلك.