حكاية المال هي حكاية الجميع المفضلة. هذا الحلم الوردي الذي يسعى الجميع للمسه وتخزينه لعيش حياة مترفة جميلة وأحيانًا سعيدة. فلنتعرف إذًا على بطل القصة: المال.
تعريف المال
يتصف المال بكونه حجر أساس الحضارة البشرية ومفتاح التنمية الاقتصادية. وبشكل عام، يعتبر المال مقياس للقيمة وطريقة لتخزينها، ووسيلة لتبادل السلع والخدمات بين الأفراد.
يعد المال وحدة أساسية في العملية الحسابية وجزءً لا يتجزأ منها. ويأتي المال بأشكال مختلفة، فيكون عملات نقدية معدنية، أو عملات ورقية، أو حتى عملات افتراضية أو أصول رقمية. يمكنا القول أن المال مر بمراحل مشيقة ليتحول من أشكال بسيطة تقليدية إلى عملات مشفرة كما هو الحال اليوم في معظم العالم.
أقرأ أيضًا.. معجم اللغة المالية.. ما هي أبرز المفاهيم الكلاسيكية والحديثة؟
مراحل تطور المال
في القدم، لم يكن المال على شكله اليوم، بل أتى بشكل آخر ليعبر عن المقايضة كالحجارة والماشية. وبكلمات أخرى، استخدمت السلع الأساسية والموجودة بمتناول الأفراد كمال للشراء والبيع. وقد استخدمت هذه الأغراض لتسهيل عملية التبادل وتم تقييمها حسب أهميتها وقدسيتها ووفقًا للطلب والعرض عليها.
ومع بداية الاستقرار البشري وانتشار مستوطناته وتمكينه في محيطه المجاور بعد انتشار نمط الإنتاج الزراعي، نشأت مفاهيم جديدة كالاقتصاد والتجارة وصولًا إلى ولادة المال. ومع هذه الولادة وظهور العملات النقدية المعدنية لأول مرة، بدأت مرحلة تطور المال تأخذ مجراها والتي لن تعرف التوقف.
نُظر إلى الأموال المعدنية على أنها الركيزة الأساسية في نمو الهياكل السياسية المركزية وصعود الدول الحديثة في العالم. فقد سمحت هذه الأداة الجديدة للحكام والمسؤولين ببناء البيروقراطيات والجيوش المطلوبة لضمان سيطرتها وتحكمها بعدد كبير من الأراضي. هذا وقد سهل استخدام المال عملية التجارة وصولًا إلى تحقيق ثروة وربح أكبر.
في الأيام الأولى للعمل المصرفي والحياة المالية، مال الصاغة إلى تخزين الذهب والأموال المعدنية في الخزائن، وبالتالي إصدار الإيصالات ليتم استخدامها كشكل من أشكال الدفع. ولكن، سرعان ما تحولت هذه الإيصالات إلى أموال تمثيلية. فبالفعل، قام الأفراد آنذاك باستخدام الشهادات الورقية لتصوير قيمة السلعة التي يبغونها. وانطلاقًا من هذه الظاهرة، تبلور مفهوم الأموال الورقية والتي يتم استخدامها اليوم.
اليوم الأموال الورقية – Fiat money – غير مدعومة بسلعة كالذهب وليست مرتبطة بمخزون من الاحتياطات المادية الأخرى. الأموال الورقية مدعومة من الحكومة والمصرف المركزي، ويتم تقييمها نسبة إلى ثقة الأفراد الفعلية في هذه السلطات والجهات الداعمة المذكورة. فلا شك في أن الحكومات مصدر السلطة المطلقة التي بدورها تتحكم بالمعروض المالي. فهي الجديرة برفع أو خفض قيمة هذه الأموال من خلال النظام النقدي كطبع المزيد من المال أو رفع أسعار الفوائد.
يعد المال منتج المؤسسات السياسية بحيث تتمتع المصارف المركزية بالسلطة لتنظيم وابتكار المال. تضبط هذه المصارف كمية المال المتداول وقد تعمد إلى إصدار أموال جديدة. وفي ظل هذا الترابط القوي والمتين بين سلطة الحكومة على إدارة المال وبين قوة المال نفسه وسلطته، يبقى إيمان الإنسان بهذه الأداة المسهل الأساسي لهذه العملية.
أقرأ أيضًا.. معجم اللغة المالية.. ما هي أبرز المفاهيم الكلاسيكية والحديثة؟
المال الرقمي
بقيت صورة المال نفسها عبر السنين لتكون أموال مادية ملموسة. ولكن مع التطور الذي يشهده العالم، ذاق المال أيضًا طعم هذا النمو، ليتحول بدوره إلى أموال رقمية. ففي عصرنا الحالي، احتلت الأموال الرقمية محفظات الجميع لتكون وسيلة تبادل أساسية قائمة على مبدأ استخدام السجلات الإلكترونية لتتبع العمليات المصرفية.
المال اليوم أغلبه مال رقمي، الأمر الذي من شأنه أن يؤكد على فكرة ترابط المال بالمجتمع الذي هو فيه، إذ يواكب تطورات الأفراد وميولهم. فهو وليد خيال الإنسان وابتكاراته ليوفي رغبات الفرد ويسهل عملية التجارة وخلق القيمة.
أقرأ أيضًا.. الأسواق المالية قبل وبعد العملات المشفرة.. تعريفات واختلافات
ظهور العملات المشفرة
ومن العصر التقليدي القديم إلى العصر الرقمي الرائد، نصل إلى منتج اليوم وحديث العالم أجمع، ألا وهو العملات المشفرة. فهدد ظهور هذه العملات نظام العملات الورقية وخاصة في وسط عالم بات يستند على الأعمال المصرفية والتجارات عبر الإنترنت. ومع نشوء بطاقات الائتمان وتطبيقات الدفع وغيرها المزيد، من المتوقع أن يتغير تفاعل الإنسان مع مفهوم المال، لنعود ونشدد على فكرة أن المال أساس المجتمع وذا دور جوهري فيه.