يمكن اعتبار الثلاثين من نوفمبر لعام 2022 يومًا محوريًا في تاريخ التقنية ولشركة إنفيديا، إذ شهد إطلاق شركة أوبن إيه آي (OpenAI) لبرنامج تشات جي بي تي (ChatGPT)، وهو نظام الدردشة الآلي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي والذي لقي استحسانًا واسعًا من قبل الخبراء والمستثمرين. وقد حقق تشات جي بي تي رقمًا قياسيًا بوصوله إلى مائة مليون مستخدم نشط شهريًا خلال شهرين فقط من إطلاقه، مما يشير إلى بزوغ فجر عصر تكنولوجي جديد: عصر الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا.. إنفيديا تكشف عن رقاقة جديدة «أكثر قوة» لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي
إنفيديا أبرز المستفيدين من الذكاء الاصطناعي التوليدي
ومن المعروف للمستثمرين أن شركة إنفيديا (NVIDIA) كانت من أبرز المستفيدين من انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث شهدت وحدات معالجة الرسومات (GPUs) والرقائق الأخرى التي تنتجها زيادة كبيرة في الطلب نظرًا لملاءمتها الفائقة لتشغيل تطبيقات معقدة مثل تشات جي بي تي، وقد كان نجاح هذا الروبوت دليلًا على قوة وحدات معالجة الرسومات التي توفرها إنفيديا.
وقد كان الاستثمار في أسهم إنفيديا عند إطلاق تشات جي بي تي للمرة الأولى خطوة ذكية للغاية، فماذا لو كنت قد استثمرت 10000 دولار إنفيديا في اليوم الذي أُطلق فيه تشات جي بي تي، فكم المبلغ الذي ستحصل عليه اليوم؟
ولكن قبل الإجابة على أي استفسارات حول العائد على السهم منذ ذلك الحين، من المهم التعرف إلى الأسباب التي جعلت من إنفيديا الفائز الأكبر بفضل الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا.. الرابحون من الذكاء الاصطناعي.. «إنفيديا» ليست وحدها
لماذا تقود شركة إنفيديا طفرة الذكاء الاصطناعي؟
تُعد شركة إنفيديا رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لعدة أسباب. منذ ابتكارها لوحدات معالجة الرسومات (GPUs) في عام 1999، استمرت إنفيديا في تصدر هذا المجال، حيث تُستخدم وحدات معالجة الرسومات ليس فقط في الألعاب، وهي إحدى نقاط قوة إنفيديا التاريخية، بل وجدت أيضًا تطبيقات في مجالات مثل تعدين العملات المشفرة والقيادة الذاتية. والآن، يأتي دور الذكاء الاصطناعي.
تتميز وحدات معالجة الرسومات بقدرتها على تنفيذ العمليات الحسابية المعقدة بشكل أسرع وأكثر كفاءة مقارنةً بوحدات المعالجة المركزية (CPUs)، مما يجعلها مثالية للتدريب والاستدلال في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التطبيقات التي تتطلب حوسبة متسارعة. وقد وصف جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، هذه التقنية بأنها مستقبل البنية التحتية لمراكز البيانات.
مع تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على وحدات معالجة الرسومات، شهدت تقنية إنفيديا تحسينات كبيرة منذ بداياتها. ووفقًا لمجموعة الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد، فقد زاد أداء وحدات معالجة الرسومات بمقدار 7000 مرة تقريبًا منذ عام 2003، ومن المتوقع أن تستمر هذه الرقائق في التطور. كما أن وحدات معالجة الرسومات تُعتبر أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنةً بالبدائل مثل وحدات المعالجة المركزية.
بناءً على MLPerf، وهو معيار صناعي للذكاء الاصطناعي، تُعتبر وحدات معالجة الرسومات من إنفيديا الأفضل في التدريب والاستدلال منذ بدء الاختبار في عام 2019، مما يساعد على تفسير سيطرة إنفيديا على هذه الفئة.
تُعد شركة آدفانسيد مايكرو ديفايسيس (AMD) Advanced Micro Devices هي الشركة الرئيسية الأخرى المصنعة لوحدات معالجة الرسومات، لكن إنفيديا تحتفظ بحصة سوقية تقدر بنحو 98% في فئة وحدات معالجة الرسومات لمراكز البيانات. وعلى الرغم من ظهور منافسين جدد مثل Mi300 من AMD ومسرع غاودي 3 (Gaudi3) من شركة إنتل، إلا أن من الصعب تحدي هيمنة إنفيديا في مجال وحدات معالجة الرسومات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وهذا يفسر لماذا تجاوزت قيمة الشركة الآن 2 تريليون دولار، ولا يزال سهمها يحقق مستويات قياسية بعد أكثر من عام من إطلاق تشات جي بي تي.
اقرأ أيضاً.. ألعاب الفيديو لن تعود كما كانت قبل الذكاء الاصطناعي؟.. القصة لدى «إنفيديا»
ماذا لو كنت استثمرت في إنفيديا لحظة إطلاق تشات جي بي تي؟
وفقً لموقع ذي موتلي فول (The Motley Fool) بعد إطلاق تشات جي بي تي، شهدت أسهم إنفيديا قفزة ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة 8.2%، لتصل إلى 169.15 دولار في نهاية اليوم. هذا الارتفاع يعكس تقدير السوق للإمكانات الكبيرة للتطبيق الجديد في دعم قطاع GPU.
ولذلك إذا كنت قد استثمرت في إنفيديا في ذلك اليوم، لكانت العوائد قد زادت بنسبة 428% بحلول 12 مارس، مما يعني أن استثمار 10000 دولار كان سينمو إلى 52800 دولار. هذا النمو يفوق بكثير مكاسب مؤشر S&P 500 البالغة 26.2% ومؤشر ناسداك الذي حقق نحو 41% في نفس الفترة.
يُظهر هذا أن الاستثمار في إنفيديا قد لا يكون محفوفًا بالمخاطر كما يُعتقد، خاصةً بعد الزيادة الكبيرة في القيمة السوقية التي تجاوزت 1.5 تريليون دولار في أقل من 16 شهرًا، مما جعلها ثالث أكبر شركة عالميًا من حيث القيمة السوقية، بعد مايكروسوفت وأبل.
ومع ذلك، ينبغي للمستثمرين أن يتوقعوا تقلبات في سهم إنفيديا، مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع الذكاء الاصطناعي بأكمله قد يشهد تقلبات. وعلى الرغم من المخاوف من وجود فقاعة، فإن هذه المخاوف قد تكون مبالغًا فيها. إنفيديا، التي تتمتع بسيطرة في مجال GPU AI، من المتوقع أن تحافظ على مكانتها الريادية مع استمرارها في الابتكار بشكل متسارع.