«كل قصة تنتهي.. هذه ليست سوى بداية حقبة جديدة لبلدنا ومنطقتنا».. الكلمات التي أطلقتها ريانة برناوي، رائدة الفضاء السعودية وأول امرأة عربية تذهب في مهمة خارج كوكب الأرض، تكشف عن مستقبل السعودية في الفضاء الذي بدأ بعودة أول رحلة خاصة تقل رائدي الفضاء السعوديين علي القرني وريانة برناوي إلى الأرض في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، بعد رحلة استغرقت تسعة أيام إلى محطة الفضاء الدولية.
كان علي القرني وريانة برناوي انطلقا إلى المختبر المداري يوم الأحد قبل الماضي 21 مايو في مهمة Ax-2، وهي مهمة خاصة من أربعة أشخاص تديرها شركة أكسيوم سبيس في هيوستن الأمريكية، والثنائي القرني وبرناوي هما ثاني وثالث سعودي يصلان إلى الفضاء، وبرناوي هي أول امرأة من المملكة تخوض هذه الرحلة.
وهبطت كبسولة سبيس إكس التي تقل رواد الفضاء السعوديين في خليج المكسيك، قبالة سواحل فلوريدا بعد 12 ساعة من انفصالها عن المحطة المدارية.. ولكن ماذا بعد ذلك؟
مستقبل السعودية في الفضاء
حول مستقبل السعودية في الفضاء تقول مشعل الشميري Mishaal Ashemimry، مستشار رئيس هيئة الفضاء السعودية، في تصريحات لموقع بروفويند سبيس ProfoundSpace.org، إننا بالتأكيد أمام لحظة تاريخية. كان الجميع متحمسين، عندما كنا نحضر لإطلاق الرحلة التي تعتبر نقطة بداية لبرامج رحلات فضائية بشرية وطنية مستدامة هي جزء من استراتيجية الفضاء الوطنية بالمملكة.
مستشار هيئة الفضاء السعودية، أضافت أن برامج رحلات الفضاء البشرية في كل بلد تمثل مسألة اعتزاز وطني وتجعل الناس فخورين حقًا بإنجازات البلاد، وفي نفس الوقت لها تأثيراتها الإيجابية المباشرة وغير مباشرة على رأس المال البشري ونمو عدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى حتى إذا لم تكن لها صلة مباشرة بالفضاء.
وأوضحت أن بعض الأبحاث قد لا تكون بالضرورة موجهة نحو الفضاء، فمثلاً في الأبحاث الصيدلانية، يمكن الاستفادة من بيئة الجاذبية الصغرى والظروف في الفضاء لفهم الهياكل البلورية البروتينية التي يمكن تصميمها لإنتاج الأدوية.
وأشارت الشميري إلى أن هناك 11 تجربة علمية أجريت وشارك فيها باحثين سعوديين تركز على صحة الإنسان – على وجه التحديد، تشمل تجارب على الجهاز العصبي على المستوى الجزيئي والخلوي والأنسجة. وأربع تجارب تركز على علم الخلايا، وتتناول الاستجابة الالتهابية في الفضاء وكيفية علاجها، وهذا له تأثير على السرطان. ثم هناك تجربة واحدة تبحث في استمطار السحب في الفضاء، وهي فريدة نوعًا ما لأنه لم يقم أحد بهذا من قبل في الفضاء. بشكل أساسي.
وكشفت الشميري عن أن هناك 3 تجارب علمية موجهة إلى الطلاب السعوديين، ضمن برنامج السعودية في الفضاء الأولى تسمى Liquid Fireworks، وتقوم فكرتها على المقارنة بين سلوك السوائل على الأرض وفي الفضاء، والتأثيرات القطبية على حركة السوائل في الفضاء مقابل الأرض، أما التجربة الثانية فهي Space Kite. وتقوم على المقارنة الديناميكا الهوائية للطائرة الورقية الفضائية داخل محطة الفضاء الدولية، حيث توجد بيئة الجاذبية الصغرى، مقابل ما يحدث على الأرض لنرى نوعيًا كيف يختلف السلوك على الأرض وفي الفضاء.
أما التجربة الثالثة، فهي تجربة نقل الحرارة. فعلى الأرض، هناك ثلاث طرق لنقل الحرارة: التوصيل ، والحمل الحراري ، والإشعاع. لكن في الفضاء، لديك واحد فقط، وهو الإشعاع. لذلك، سيتم مقارنة التغير في الحرارة الذي يحدث على الأرض مقابل ما يحدث في الفضاء، لأن رواد الفضاء سيكون لديهم غرفة مفرغة بها عنصر ساخن. يهدف الفراغ الموجود هناك إلى محاكاة البيئة الخارجية للفضاء.
ومشعل الشميري مهندسة طيران وتعمل كمستشار خاص للرئيس التنفيذي لهيئة الفضاء السعودية التي تشرف على برنامج الفضاء للمملكة، وحصلت على جائزة المرأة الملهمة لعام 2015، أما في عام 2018 فقد حصلت على جائزة الإنجاز العلمي من الملك سلمان بن عبد العزيز.
مستقبل السعودية في الفضاء
وحول مستقبل السعودية في الفضاء، قالت الشميري إن برنامج رحلات الفضاء يهدف إلى أن يكون برنامجًا مستدامًا، لافتة ستعتمد المهمات التي يقوم بها رواد الفضاء السعوديين على الفرص التي ستأتي في المستقبل. لكن هذه فقط المهمة الافتتاحية في بداية هذا البرنامج، وستكون هناك مشاركة مستمرة في المهمات المستقبلية بالتأكيد.
وأضافت أن المملكة تريد المساهمة في العلم لصالح البشرية جمعاء، ولا يمكن فعل ذلك مرة واحدة فقط، بل يمكن فعل ذلك عدة مرات، وليس هذا فقط، ولكن بعض التجارب تتطلب عملية تكرارية. تبدأ بنوع معين من التجارب ، وتحصل على البيانات ، وتتعلم كيفية توسيع هذا البحث بشكل أكبر، وهكذا دواليك. لذا تتطلب بعض التجارب بعثات متعددة لتؤتي ثمارها.
واختتمت الشميري قائلة تهدف مشاركتنا إلى إفادة الجميع. لأنه مهما كان العلم الذي تنتجه في الفضاء، فمن المفترض أن نشاركه مع عامة الناس. نيتنا أن تستفيد البشرية جمعاء.
انتهاء مهمة رواد الفضاء السعوديين
أنهى المواطنان السعوديان وزملاؤهما الأمريكان، بيجي ويتسون وجون شوفنر، اللذان يشكلان الطاقم المكون من أربعة أفراد، رحلة الفضاء التي أطلق عليها اسم «AX-2».
وعملت المهمة على أبحاث علوم الحياة، حيث استخدمت ريانة برناوي التجارب لإنتاج المجموعة النهائية من الحمض النووي. والمواد النانوية المستوحاة من قاعدة جانوس في المدار.
وخلال فترة وجودهم في المختبر المداري، نجح رواد فضاء «Ax-2»، في تنفيذ أكثر من 20 مشاركة توعية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات وأكثر من 20 دراسة بحثية في الجاذبية الصغرى، بالإضافة إلى ثمانية أحداث إعلامية.