عمليات تسريح موظفي شركات التكنولوجيا التي بدأت مع نهاية العام الماضي، ومستمرة خلال العام الجاري، والتي شملت الآلاف من الموظفين، فتحت الباب على مصراعيه أمام عشرات الأسئلة التي تبحث عن إجابات، وعلى رأسها لماذا وظفت الشركات هذه الأعداد من الموظفين من الأساس في ظل كل هذا الكم من التسريح؟ وهل يعني ذلك انهيار صناعة التكنولوجية؟ وإلى متى ستستمر عمليات التسريح؟ وهل هناك بارقة أمل أو نقطة ضوء في العتمة التي خلقتها هذه الأزمة؟
في هذا السياق، نشر موقع بيزنس إنسايدر، المهتم بعالم التكنولوجيا والتجارة والمال، الإثنين الماضي، حوارًا أجراه مع كريس ويليامز النائب السابق لرئيس الموارد البشرية بشركة Microsoft، أحد الذين كانوا في مطبخ صناعة القرار، والذي عاصر من منصبه الأزمة المالية العالمية في 2008، أورد ويليامز ما قال إنها 3 أسباب وراء تسريح موظفي شركات التكنولوجيا.
اقرأ أيضًا.. تسريح الموظفين في تويتر.. إلى أين يتجه موقع التغريدات الأشهر؟
التوظيف الزائد في فترة كورونا
يقول ويليامز إنه في الوقت الذي تضررت فيه بعض الصناعات بشدة مثل السياحة والترفيه عندما كان الجميع محصورًا في منازلهم بسبب فيروس كورونا، كانت شركات التكنولوجيا على العكس تمامًا. حيث كان جميع موظفيها في منازلهم وعلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، ورأت شركات التكنولوجية أن هناك فرصًا غير مسبوقة للتوسع، واعتقد بعض الشركات أن في ذلك تغييرًا جوهريًا.
يشير ويليامز على وجه الخصوص إلى شركة أمازون،التي رأت تحولًا كبيرًا في التجارة الإلكترونية وليس مجرد فترة عابرة، ولكنها تعاملت مع الموقف كتغيير في عادات الشراء، فقامت بالتوظيف على نطاق واسع، حيث ارتفع عدد الموظفين من 800,000 موظف في عام 2019 إلى أكثر من 1.6 مليون موظف في عام 2021. للأسف، عندما عادت الأمور إلى طبيعتها، عاد الناس إلى المتاجر الحقيقية، واستغنوا عن المتاجر الإلكترونية لكن كانت أمازون قامت بتوظيف زائد واضطرت إلى التراجع.
يضيف مسئول الموارد البشرية في مايكروسوفت سابقا: كان الأمر نفسه صحيحًا لبعض شركات التكنولوجيا الأخرى، حيث حملت مايكروسوفت وجوجل وميتا الاعتقاد نفسه، حيث رأت هذه الشركات أن الوباء مثّل تغييرًا جوهريًا في مسيراتها، إلا أنها اكتشفت أنها تتعامل مع توظيف زائد.
اقرأ أيضًا.. أمازون وتويتر وميتا.. هل تسريح العمالة دليل على قرب الخطر؟
رد الفعل.. أو التخلص من العمالة الفائضة
يقول كريس ويليامز، أدت حالة الاستفاقة التي جاءت كرد فعل بعد هدوء فترة كوفيد، إلى إجبار العديد من شركات التكنولوجيا على إجراء ما يشبه أعمال الجرد للبحث عن العمالة الفائض عن الحد.
ويضيف، استغلت الشركات هذه الفرصة لجرد بعض هذه الأشياء التي تجاوزت بكثير ما يمكن إطلاق عليه تاريخ صلاحيتها، مشيرا إلى أن بعض التسريحات كانت لموظفين ذوي فترة عمل طويلة بالشركات، ولكن هؤلاء الموظفين لم تعد مساهمتهم في الشركات تشكل إضافة منذ سنوات.
ويشير ويليامز إلى القاعدة التي تم الارتكان إليها في تسريح موظفي شركات التكنوجيا، قائلًا، عندما يختارون من سيتم فصله، فإن هذه الشركات وضعت معيارا مهما وهو نتائج الأعمال وليس قاعدة آخر من تم توظيفه سيتم فصله أولًا.
اقرأ أيضًا.. رغم تسريحها لآلاف الموظفين.. ميتا تدفع مليون دولار لمطوري الميتافيرس
الخوف من وول ستريت
يكشف ويليامز شركات التكنولوجيا كانت مترددة بعض الشيء بشأن تسريح موظفيها، بسبب الخوف من النظر إليها في وول ستريت على أنها في وضع خطر.
يقول ويليامز: بعض أعمال الفصل الوظيفية التي شهدناها في قطاع التكنولوجيا، هي تلك التي ربما كانت الشركات ترغب في القيام بها منذ سنوات، لكنهم لم يرغبوا في أن ينظر إليهم من قبل وول ستريت على أنهم شركات في خطر. لم يرغبوا في أن يكونوا الوحيدين الذين يقومون بفصل الموظفين، في حين كانت الشركات الأخرى مازالت توظف أو على الأقل لا تسرّح، حيث أن هذا المظهر كان سيؤدي إلى انخفاض أسهمهم بشكل حاد.
ويضيف: مع توفير ما يسميه بـ التغطية للعديد من الشركات التي تقوم بفصل الموظفين، قامت بعض الشركات التي كانت تتجنب الفصل بالقيام به، حتى شركة أبل الحذرة والمستقرة قد استخدمت هذا الأمر لإعادة ترتيب هيكلها التجاري وفصلت عددًا قليلًا.
اقرأ أيضًا.. تسريح الموظفين في ميتا.. جولة جديدة قريبًا
المستقبل مشرق
وعلى الرغم من أن عمليات تسريح موظفي شركات التكنولوجيا شملت عشرات الآلاف، فإن ويليامز له رؤية غير متفائلة فيقول: نحن في موسم الفصل الوظيفي، وليس من الواضح أننا رأينا الأخير أو الأسوأ من ذلك. أتوقع أن نشهد المزيد خلال الصيف وحتى الخريف.
في الوقت نفسه يرى ويليامز أن هناك بادرة أمل فيقول: ومع ذلك، لا يوجد سبب لرؤية تسريح موظفي شركات التكنولوجيا على أنه نذير شؤم ومعاناة لعالم التكنولوجيا. هناك تقريبًا الكثير من الأمل.
يوضح ويليامز أين الأمل رغم عتمة تسريح موظفي شركات التكنولوجيا فيقول: هناك الثورة التي سيحملها الذكاء الاصطناعي، حيث تراهن شركة مايكروسوفت على أن كل جانب من جوانب العمل المعرفي سيتأثر، وسيكون للتعلم الآلي والأدوات مثل شات جي بي تي ChatGPT تأثير عميق عبر التكنولوجيا وخارجها.
ويضيف، هناك العالم المدهش للحوسبة الكمية، سيعيد صياغة عالم التشفير والمالية والنمذجة والجينوم وغيرها، ثم هناك العالم الافتراضي. ربما تبالغ Meta في بيع الميتافيرس، ولكن هناك أسباب كثيرة للتفاؤل بالواقع المعزز. تطبيقات السيناريوهات المختلطة للعالم الحقيقي والصناعي لا حصر لها. حتى يشاع أن شركة أبل تبذل جهدًا جديًا هنا.
واختتم ويليامز بالإشارة إلى أن هناك الكثير من التحوّل الرقمي الذي يُنتظر بفارغ الصبر، ولا يزال هناك العديد من الشركات القديمة لم تتحول إلى العمل إلكترونيا، هناك الكثير من فرص العمل في الأفق أكثر مما نتخيل.