لطالما انحصر حلم الحياة الأبدية في الأفلام، والقصص والروايات، إذ يبدع المؤلفون في رسم حياة أبدية لأبطال قصصهم. ولكن ماذا لو اجتاز مفهوم الحياة الأبدية هذه الحدود الفنية، ليصبح أشبه بحقيقة ممكنة ومتاحة لأي شخص؟
ماذا لو نستطيع التواصل مع أصدقائنا ومعارفنا الراحلين؟ إنه لأمر عجيب ولكن بات حقيقة بفضل تكنولوجيا العصر. فمع انتشار ظاهرة الميتافيرس وتطور هذا العالم الافتراضي، عمد المبتكرون والمصممون إلى إيجاد طرق حديثة بهدف تخليد ذكرى أولئك الذين تركوا الحياة ولم يتركوا ورائهم إلى حقيبة من الذكريات الراسخة في عقول الأحياء.
الحياة الافتراضية
تم تصميم العالم الافتراضي على الإنترنت، ليكون مساحة تلاقي بين الأفراد للعمل والتواصل واللعب وممارسة نشاطاتهم البشرية اليومية بعيدًا عن العالم المادي الواقعي. ولخوض تجربة الميتافيرس بكامل حواسها وجوانبها، يلجأ المستخدمون إلى تقنيات الواقع المعزز والأجهزة الإلكترونية المتوفرة. هذا ويتم تمثيل الأشخاص الفعليين من خلال أفاتارز خاصة بهم في الميتافيرس والتي بدورها تتولى مهام الانتقال والتفاعل في العالم الافتراضي المتوفر.
ما بعد الموت في الميتافيرس
عندما تحين لحظة موت الإنسان في العالم الواقعي، تتعطل حركته وتتلاشى قوته، فلا تبقى منه إلا جثة هامدة وذكريات يتمسك بها من أحبوه وأعزوه. ولكن بفضل التطور الذي يلمسه العالم اليوم، ولدت ثقافة جديدة ناشئة بين الإنسان والآلة ألا وهي الحياة الآخرة الرقمية.
اقرأ أيضًا: الميتافيرس والرعاية الصحية.. مستقبل الطب
وتتحدى الأفاتارز التي تم تصميمها، والصور والحسابات التي تم تجميعها، والاتصالات والرسائل التي تم تبادلها، كل الافتراضات حول الحياة والموت. بكلمات أخرى، غير الميتافيرس اليوم صورة الحياة ما بعد الموت، موفرًا أملًا هائلًا للتنعم بما يشبه الخلود الرقمي.
ويعود الفضل الأكبر إلى شركة سومنيوم سبايس (Somnium Space) المعنية بتطوير نظام العالم الافتراضي، حيث اتجهت إلى تقديم فرصة «العيش إلى الأبد» لمستخدميها في عالمها الافتراضي حتى بعد وفاتهم في الحياة الواقعية.
ويتيح وضع «العيش إلى الأبد» المتوفر في الميتافيرس للمستخدمين “بالولادة من جديد” ولكن هذه المرة في العالم الافتراضي، بنفس شكل وصوت وشخصية الشخص المتوفى. ومن أجل تحقيق هذه الميزة وتوفيرها للعملاء، تتطلب الشركة الرائدة بتخزين حجم هائل من البيانات الشخصية للفرد، كمحادثاته وحركاته وتعبيرات وجهه وتصرفاته، حتى تستطيع تصميم أفاتار طبق الأصل عن الفرد المعني.
وتأمل الشركة في طرح المجموعة الأولى من إصدارات الذكاء الاصطناعي لمستخدميها، حيث سيتم إعادة إنشاء الأشخاص كأفاتار بحركاتهم وقدراتهم المحادثة الأساسية، بحلول العام المقبل.
في ظل هذا التطور الذي طال ليس فقط حياتنا بل مماتنا أيضًا، يقف الإنسان عاجزًا أمام ما هو قادم. فمن فكرة لطالما كانت بعيدة المنال وبل أشبه بالمستحيلة إلى حلم على وشك التحقق، قد لا يضطر الإنسان إلى توديع أحبابه نهائيًا.