فتحت المعركة القانونية القائمة بالمملكة المتحدة حول هوية ساتوشي ناكاموتو مخترع البيتكوين الغامض خزانة أسرار رسائله البريدية. يدعي كريغ رايت، وهو باحث أسترالي ورجل أعمال، أنه هو ساتوشي ناكاموتو، ويطالب بحقوق الملكية الفكرية للبيتكوين. ولكن هذا الادعاء يواجه الكثير من الشكوك والانتقادات من قبل مجتمع البيتكوين، الذي يرى أن رايت لا يملك الأدلة الكافية لإثبات زعمه.
في السطور التالية، سنستعرض بعض الرسائل البريدية النادرة التي تم عرضها من قبل ممثلي مجتمع التشفير أمام المحكمة والتي تدحض ادعاءات رايت. كانت هذه الرسائل بين خبير التشفير آدم باك وساتوشي، وكذلك بين عدد من مطوري البيتكوين. هذه الرسائل تكشف عن بعض الأفكار والدوافع والتحديات التي واجهها ساتوشي في إنشاء أول عملة مشفرة في العالم.
اقرأ أيضًا.. جاك دورسي.. الرحلة من مؤسس تويتر إلى مرشح لـ«ساتوشي ناكاموتو»
فكرة البيتكوين كانت موجودة قبل ساتوشي ناكاموتو
في عام 2008، قبل أربعة أشهر من إطلاق البيتكوين رسميا، أرسل ساتوشي ناكاموتو رسالة بريد إلكتروني إلى آدم باك، خبير التشفير ومطور النقد الرقمي، يخبره بأنه يستعد لإصدار ورقة بحثية عن البيتكوين. ساتوشي أشار إلى أنه استوحى من محاولة آدم باك السابقة لإنشاء أموال رقمية تسمى «هاش كاش»، والتي تستخدم مفهوم «إثبات العمل» لمنع الهجمات والإساءة.
مخترع البيتكوين أوضح أن الهدف من البيتكوين هو إنشاء نظام نقدي رقمي لا يحتاج إلى جهة مركزية أو ثالثة موثوقة للتحقق من المعاملات ومنع الإنفاق المزدوج. وهذه الفكرة ليست جديدة، فقد تم مناقشتها في ورقة بحثية قديمة بعنوان بي-موني (B-money) كتبها واي داي (Wei Dei)، وهو عالم حاسوب ومخترع آخر للنقد الرقمي. ساتوشي أكد أنه بدأ من هذه النقطة، وأضاف بعض التحسينات والابتكارات.
ناكاموتو قال: «الشيء الرئيسي الذي يضيفه نظام البيتكوين الخاص بي هو أيضا استخدام إثبات العمل لدعم “دفتر الأستاذ الموزع». وبهذا، أشار ساتوشي إلى أن البيتكوين يستخدم شبكة من الحواسيب المتصلة ببعضها البعض لتسجيل وتأكيد المعاملات في سجل عام يسمى “بلوك تشين”، والذي يعمل كدليل لا يمكن تغييره في سجل معاملات البيتكوين.
اقرأ أيضًا: «أنا ساتوشي ناكاموتو!».. «مخترع البيتكوين المجهول» يظهر في ساحات القضاء!
ساتوشي ناكاموتو ربما كان فريقًا وليس شخصًا واحدًا
وفقًا لـ كوينتليغراف في يناير 2009، أرسل ساتوشي ناكاموتو رسالة بريد إلكتروني أخرى إلى آدم باك، يخبره بأنه أصدر النسخة الأولى من برنامج البيتكوين، والذي يسمح للمستخدمين بتوليد وإرسال وتلقي البيتكوين. ساتوشي قال: «الهدف الرئيسي للنظام هي إنشاء سلسلة من إثباتات العمل القائمة على التجزئة لإنشاء دليل واضح على إجماع الأغلبية». وبهذا، أشار ساتوشي إلى أن البيتكوين يستخدم آلية تسمى “التوافق”، والتي تضمن أن جميع الحواسيب في الشبكة تتفق على حالة البلوك تشين، وترفض أي معاملات مزيفة أو مكررة.
ساتوشي أضاف أن المستخدمين يحصلون على عملات بيتكوين جديدة من خلال المساهمة بإثبات العمل في السلسلة. وهذا يعني أن الحواسيب التي تشارك في الشبكة تتنافس لحل مشكلات حسابية معقدة، والتي تسمح لها بإضافة كتل جديدة من المعاملات إلى البلوك تشين. والحاسوب الذي يجد الحل الصحيح يحصل على مكافأة معينة من البيتكوين، وهذا يسمى «التعدين».
ويستخدم ساتوشي هنا الضمير الجمع «نحن» في رسائله البريدية، وكتب: «نحن نقترح حلا لمشكلة الإنفاق المزدوج باستخدام شبكة نظير إلى نظير». وهذا يوحي بأن ساتوشي ربما لم يكن شخصا واحدا، بل جزءا من فريق أو مجموعة من المطورين. ولكن هذا لا يزال مجرد تخمين، فلم يكشف ساتوشي أبدا عن هويته أو هوياته الحقيقية.
اقرأ أيضًا.. هل «ستيف جوبز» هو «ساتوشي ناكاموتو» مبتكر بيتكوين؟
البيتكوين كبديل للنظام المالي التقليدي
ساتوشي ناكاموتو، المخترع الغامض للبيتكوين، تنبأ بالنقاش الحالي حول تأثير البيتكوين على البيئة منذ أكثر من عقد من الزمان. وقال إن تعدين البيتكوين سيستهلك الكثير من الطا
ساتوشي قال في رسالة بريد إلكتروني عام 2009: «إذا نمت لتستهلك طاقة كبيرة، فأعتقد أنها ستظل أقل إهدارًا من النشاط المصرفي التقليدي كثيف العمالة والموارد الذي سيحل محله». وبهذا، أشار ساتوشي إلى أن البيتكوين، رغم استهلاكها الكبير للطاقة، فإنها توفر الكثير من التكاليف والمخاطر المرتبطة بالنظام المالي التقليدي، مثل الرسوم والتضخم والتزوير والرقابة والاحتكار.
وقد أثبتت دراسة صدرت عام 2021 من شركة غلاكسي ديجيتال، وهي شركة متخصصة في الاستثمار في العملات المشفرة، أن البيتكوين تستخدم أقل من نصف الطاقة التي تستخدمها الخدمات المصرفية التقليدية، كما أنها تستخدم أقل من استخدام تعدين الذهب. وقد استندت الدراسة إلى بيانات عن استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية لكل من البيتكوين والمصارف والذهب، ووجدت أن البيتكوين تستهلك حوالي 113.89 تيراواط ساعة في السنة، بينما تستهلك الخدمات المصرفية 263.72 تيراواط ساعة، وتعدين الذهب 240.61 تيراواط ساعة.
وقال ساتوشي في رسالة بالبريد الإلكتروني، في 2009: «من المثير للسخرية أن ينتهي بنا الأمر إلى الاختيار بين الحرية المالية والحفاظ على البيئة».
اقرأ أيضًا.. ساتوشي ناكاموتو يظهر على X.. هل عاد مؤسس البيتكوين؟
ساتوشي ناكاموتو ليس الأول في مصطلح العملة المشفرة
في 11 يونيو 2009، أرسل ساتوشي رسالة بريدية إلى مايك هيرن، وهو مبرمج ومطور بيتكوين في وقت لاحق. في هذه الرسالة، أشار ساتوشي إلى أن شخصًا ما اقترح استخدام مصطلح «العملة المشفرة» لوصف بيتكوين. وأعرب ساتوشي عن إعجابه بهذا المصطلح، وقال إنه يلخص جوهر البيتكوين كنظام يستخدم التشفير لضمان الأمان والخصوصية واللامركزية. ومنذ ذلك الحين، أصبح مصطلح العملة المشفرة شائعًا للإشارة إلى جميع العملات الرقمية التي تعتمد على تقنية blockchain.
ساتوشي ناكاموتو يحافظ على سرية هويته
في 17 يوليو 2009، أرسل ساتوشي رسالة بريدية إلى مارتي مالمي، وهو مبرمج ومطور بيتكوين أيضًا. في هذه الرسالة، شرح ساتوشي سبب عدم الكشف عن هويته الحقيقية، وقال إنه يريد أن يتجنب أي انتباه غير مرغوب فيه أو تضليل من قبل الصحافة أو السلطات. كما حذر ساتوشي من أن بعض الناس قد يحاولون استخدام تحليل blockchain للكشف عن معلومات خاصة عن المستخدمين، وأنه يجب على المستخدمين اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية خصوصيتهم. وهذا ما يعكس الرؤية الليبرتارية لساتوشي، التي تؤمن بالحرية الفردية والمسؤولية والمقاومة للسيطرة المركزية.
اقرأ أيضًا.. ساتوشي ناكاموتو.. كيف تخيل الذكاء الاصطناعي مؤسس بيتكوين المجهول؟
وفي النهاية فإن هذه الرسائل البريدية النادرة تعطينا نظرة عميقة على عقل ساتوشي ناكاموتو، المخترع الغامض للبيتكوين. تظهر هذه الرسائل كيف كان ساتوشي مبدعًا وحذرًا ومصممًا على إنشاء نظام جديد للنقد الرقمي يمكن أن يغير العالم. وحتى اليوم، لا يزال ساتوشي ناكاموتو أسطورة في عالم العملات المشفرة، ولا يزال هويته ومصيره محاطين بالغموض.