لم يعد الذكاء الاصطناعي ظاهرة مرتبطة فحسب بالعالم العلمي والتكنولوجي، بل تعدى ذلك ليدخل إلى كل تفصيلة في حياتنا الومية البسيطة منها والمعقدة. وبالفعل، قطعت هذه التقنية الثورية مسارًا طويلًا لتصل إلى ما وصلت عليه اليوم ولتتغلغل في مختلف القطاعات وصولًا إلى الرعاية الصحية.
يعرف الذكاء الاصطناعي بقدرته الهائلة على التعلم من كميات ضخمة من البيانات ولإمكانيته في التنبؤ وتوقع التغييرات في المجال الطبي والرعاية الصحية. ولا تقتصر مهام هذه التقنية التكنولوجية اليوم على تشخيص الأمراض أو إدارة رعاية المرضى أو ممارسة الطب الشخصي الرائد بل تتطور بشدة ليغير بدوره غير قواعد اللعبة في مشهد الرعاية الصحية.
ولا شك في أن الدمج الذي وقع بين الذكاء الاصطناعي ومجال الرعاية الصحية أدى إلى تغيير جذري في هذا المجال ليحول الرعاية الصحية إلى ميدان أكثر كفاءة وأكثر توجهًا وتركيزًا على المريض نفسه. فقد عززت هذه التكنولوجيا فهم الخبراء للأمراض، وتطوير العلاجات وتقديم الرعاية، وبالتالي إعادة تشكيل مستقبل الرعاية الصحية.
الذكاء الاصطناعي وتشخيص الأمراض
أظهرت هذه التقنية الرائدة دورها الأساسي والمفيد في تشخيص الأمراض، وتحديدًا في مجال الأشعة. فبعيد دراسات عديدة، اتضح أن أنظمة الذكاء الاصطناعي من شأنها الآن مطابقة أطباء الأشعة أو حتى التفوق عليهم في تشخيص حالات معينة باستخدام الأشعة السينية للصدر. فبعيد تدريب هذه البرامج الذكية وتعريضها إلى كميات هائلة من البيانات الطبية والعلمية المختصة، أصبح بإمكان هذه التقنية اكتشاف المرض المعني ورصده بدقة واحترافية تامة بما في ذلك سرطان الرئة والسل.
اقرأ أيضاً.. الرعاية الصحية.. دور جديد للبلوكشين والذكاء الاصطناعي
علاوة على ذلك، عرف الذكاء الاصطناعي لدوره الجذري في عملية التصدي المستمر لوباء كورونا. فقد تم نشر خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تمت صياغتها بعد عام 2020 للتنبؤ باحتمالية إصابة المريض بأعراض حادة، مما يساعد الأطباء على إعطاء الأولوية للرعاية لمن هم أكثر عرضة للخطر. هذا واستخدمت نماذج الذكاء الاصطناعي بغية تحليل التصوير المقطعي المحوسب وتحديد علامات عدوى في بدايتها.
وصلت قدرات الذكاء الاصطناعي إلى عالم طب العيون حيث يتم استخدام هذه التقنية لتشخيص اعتلال الشبكية السكري، وهو سبب شائع للعمى. وتتم عملية الرصد هذه بكل بساطة وسهولة استنادًا إلى فحوصات دقيقة ومماثلة لفحوص الخبراء في هذا المجال. أما فيما يخص القلب وأمراضه، لجأ الخبراء إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في توقع النوبات القلبية والسكتات الدماغية. فقد أفاد الخبراء بأن منصات التشخيص القائمة على الذكاء الاصطناعي باتت اليوم قادرة تمامًا عل اكتشاف الأحداث الطبية التي تغير الحياة حتى خمس سنوات مقدمًا، متفوقة على نماذج التنبؤ التقليدية.
اقرأ أيضاً.. مستقبل الرعاية الصحية في ظل تزايد تطبيقات الـ NFTs
مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية
كشف الذكاء الاصطناعي عن إمكانيات واسعة في ميدان الرعاية الصحية، ومع ذلك، لا مفر من بعض التحديات التي يجب التصدي لها وتخطيها. وبفضل البحث والتطوير المستمرين ناهيك عن التنظيم اللائق، سيحافظ الذكاء الاصطناعي على دوره الأساسي في هذا المجال والذي من شأنه أن يكسب أعمية أكبر مع الوقت وعلى صعيد العالم أجمع. فمع توجه الأشخاص إلى تبني التقنيات اللامركزية شيئًا فشيئًا، فمن المنطقي أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيعرف نموًا مستمرًا مع الوقت. هذا وسيضمن هذا الأخير توفير حلول جديدة واقتراحات مبتكرة لتطوير المجال الطبي وتأمين رعاية صحية مثالية لكل أصحاب هذا القطاع.