«كل النجاحات بدأت بمغامرة».. بهكذا قاعدة كان يؤمن محمد الشارخ، المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة صخر لبرامج وأجهزة الكمبيوتر الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز الـ82 عامًا، اليوم الخميس.
ومحمد الشارخ هو رائد أعمال كويتي، أول من قام بتعريب برامج الكمبيوتر ، وأول من أدخل علوم سيبويه، إمام النحاة، والخليل ابن أحمد الفراهيدي إلى بنية أجهزة الحاسوب، فما هي قصته؟
اقرأ أيضًا.. ناصر البيلهيد.. الشغف يتحول لمشروع ناجح!
محمد الشارخ وفكرة شركة صخر؟
الزمان هو العام 1982، والمكان هو منطقة الجابرية في الكويت، والبداية بمجموعة صغيرة من المكاتب وعدد من مهندسي الكمبيوتر والمبرمجين، أما الحلم فهو تعريب برامج الكمبيوتر، ولكن كيف؟ يقول الشارخ في مقابلة تلفزيونية «كانت اللغة العربية موجودة بالفعل على أجهزة الكمبيوتر في لوحة المفاتيح والشاشة، ولكن مفهوم التعريب بالنسبة لنا كان أعمق من ذلك بكثير. لقد أردنا ترميز قواعد اللغة العربية على صعيد النحو والصرف. كنا نحلم بإدراج الفراهيدي وسيبويه في بنية الكمبيوتر».
يضيف الشارخ في المقابلة «كل حرف في اللغة العربية في أي كلمة يمكن أن يحمل أحد الحركات الخمس: الفتح أو الضم أو الكسر أو السكون أو التشديد. ومن هنا كان دورنا هو كيف يمكن للكمبيوتر أن يفهم ذلك كما يفهمه البشر».
«لقد كان ذلك يتطلب منا أن ندرس علمًا متقدمًا هو علم برمجة اللغة، وعلم اللسانيات الحاسوبية، وهذا العلم لم يكن متاحا في الجامعات العربية، وهو يستند إلى هندسة اللغة للفهم الآلي»، يقول الشارخ، مضيفًا «لقد استعنا بعالمة بريطانية لتعليمنا كيف نبدأ، ثم أشرفت على فريق من المبرمجين الذين قاموا ببرمجة قواعد النحو والصرف الآلي».
بعد أن انتهى فريق المبرمجين من ترميز قواعد اللغة، أراد الشارخ اختبار ذلك، فكان أول ما فكر فيه هو اختبار نص لا يسمح بأي خطأ لغوي، كان ذلك النص هو القرآن الكريم. «أنشأنا أول نسخة رقمية من القرآن على الكمبيوتر. ووظفت وقتها أكثر من 20 خبيرا لغويا لمراجعة النص».
اقرأ أيضًا.. «ريقهوة».. شركة ناشئة تحول المشروب لمواد مستدامة
محمد الشارخ وبداية نجاح شركة صخر
كان محمد الشارخ يحلم بأن يكون موجودًا بمنتج شركة صخر الجديد في المملكة العربية السعودية فهي «السوق الكبير»، كما يصفه فقابل وقتها الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز، مفتي عام المملكة آنذاك، الذي أجاز أول نسخة رقمية من القرآن الكريم، كما أجاز النسخة الرقمية من كتب الأحاديث النبوية الستة.
يقول الشارخ: «لقد فتحت الموافقة أمامنا السوق السعودية فوجدنا إقبالًا كبيرًا من الجميع على برامج وأجهزة شركة صخر، مقارنة بالأسواق الأخرى في مصر والكويت والعراق وسوريا».
يضيف: «افتتحنا في المملكة 24 مركزًا للتدريب على الكمبيوتر، فكان الإقبال غير مسبوق والأرباح هائلة، فقمنا بإنتاج برامج تعليمية في اللغة العربية، والفيزياء، والرياضيات، بالإضافة إلى أجهزة كمبيوتر صخر. لقد وصل حجم المبيعات أكثر من مليون جهاز، والبرامج إلى خمسة ملايين».
يقول الشارخ «إن حجم المبيعات المذهل امتد إلى جميع الأسواق. كنت في بغداد حين رأيت الناس يتزاحمون على مبنى الشركة العامة للتجارة في بغداد بعدما علموا بوصول شحنة من أجهزة كمبيوتر صخر. لقد امتد الصف على مسافة تبلغ كيلومترا».
اقرأ أيضُا.. روبرت كيوساكي.. الملياردير عاشق الديون!
كيف سرقت مايكروسوفت عقول صخر من محمد الشارخ؟
في العام 1990 كانت شركة صخر بصدد توقيع اتفاق مع شركة مايكروسوفت لتعريب أنظمة تشغيل ويندوز، فأرسل محمد الشارخ اثنين من أفضل مهندسيه لاستكمال الاتفاق. يقول الشارخ: «سافر المهندسان إلى ولاية سياتل الأميركية، وهناك التقيا ممثلو شركة مايكروسوفت لتوقيع الاتفاق، إلا أنه بعد الاستماع إلى خبراتهم والتعرف على موهبتهم في البرمجة كان لمايكروسوفت رأيًا آخرًا».
يضيف الشارخ: «أرسل مدير العمليات العالمي في شركة مايكروسوفت إلى بيل غيتس تقريرًا بالخبرات التي يتمتع بها المهندسين اللذين يعملان معي، والمنوط بهما توقيع الاتفاق فما كان من بيل غيتس إلا أن أمر بتعيينهم فورًا في شركة مايكروسوفت، فتم العرض على المهندسين فما كان منهما إلا القبول لينتهي هنا الاتفاق».
الشارخ، قال إنه قرر مقاضاة شركة مايكروسوفت أمام محكمة سياتل لكن في النهاية لم يصل إلى شيء حيث قضت المحكمة بالتعويض فقط.
كيف بدأ محمد الشارخ بـ 3 آلاف دينار؟
في سياق آخر، تحدث الشارخ عن كيف بدأ شركته، حيث قال إنه اقترض مبلغا بقيمة 3 آلاف دينار كويتي من أحد الأصدقاء، كما حصل على تسهيلات من بنك كويتي بقيمة 15 ألف دينار كويتي، ليبدأ شركته صخر التي تم تقييمها بعدها بسنوات من قبل شركة أميركية بـ250 مليون دولار. يقول الشارخ «هذا التقييم جاء بعد 3 براءات اختراع كانت صخر أو شركة عربية تحصل عليها».