من وضع حلولٍ لمواجهة أزمة الازدحام، مرورًا بدعم الشركات الناشئة في هذا المجال، وصولًا إلى شراء الرقائق التي تدخل في صناعة برمجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تتطلع المملكة العربية السعودية إلى الاضطلاع بدور حاسم في استخدامات الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية.
في عام 2023، توقعت شركة الاستشارات العالمية برايس ووترهاوس كوبرز أن يساهم الذكاء الاصطناعي بـ135 مليار دولار في الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030، مما يجعل المملكة المستفيد الرئيسي من التكنولوجيا في الشرق الأوسط.
وذكرت شركة برايس ووتر هاوس كوبرز في تقريرها، أنه من المتوقع أن تعود أكبر المكاسب إلى المملكة العربية السعودية، حيث من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135.2 مليار دولار في عام 2030 في الاقتصاد، أي ما يعادل 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
في السطور التالية سنتعرف على أبرز المبادرات التي تقودها المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تعكس رؤيتها الطموحة والاستراتيجية للانضمام إلى الدول الرائدة في هذا المجال الذي يعد أهم القوى الدافعة للتحول الرقمي والابتكار في العصر الحالي، ويمثل فرصة كبيرة لتحسين جودة الحياة والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
اقرأ أيضًا: أكاديمية سدايا.. كيف تستفيد من برامج البيانات والذكاء الاصطناعي في السعودية؟
السعودية إلى عالم الرقائق الإلكترونية
في الثاني عشر من فبراير الجاري زار جنسن هوانغ، رئيس شركة إنفيديا عملاق الرقائق الإلكترونية، المملكة، حيث كشف بيان صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، عن لقاء جمع بين هوانغ، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبدالله السواحة.
بيان الوزارة، قال إن «هوانغ وسواحة استكشفا الدور المحتمل الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي التوليدي في دعم الابتكار الرقمي وفرص الاستثمار بالمملكة، وتعزيز الابتكار في التقنيات العميقة، وتحسين الفوائد الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، واغتنام العديد من الفرص في القطاع الرقمي».
لكن زيارة هوانغ إلى المملكة وإجراء النقاشات مع المسؤولين السعوديين تأتي بالتزامن مع تقارير صحفية تحدثت عن رغبة السعودية في الانضمام إلى السباق العالمي للذكاء الاصطناعي، عبر شراء الآلاف من رقائق إنفيديا (Nvidia) عالية الأداء الضرورية لبناء برمجيات الذكاء الاصطناعي.
والتعاون مع إنفيديا ليس الأول إذ افتتحت سدايا في 17 مايو الماضي بالتعاون مع شركة التكنولوجيا المتعددة الجنسيات مركز التميز للذكاء الاصطناعي التوليدي. ويعد افتتاح المركز جزءاً من شراكةٍ متعددة السنوات بين سدايا وإنفيديا، بعد توقيعهم اتفاقية أولية في شهر فبراير.
وأكد المسؤولون، وقتها أن الشراكة بين الجانبين ستسهم في توفير التدريب والبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وستوفر منصة لمشاريع الذكاء الاصطناعي على المستوى المحلي والإقليمي. وبالإضافة إلى ذلك، تهدف الشراكة إلى تعزيز تطوير النماذج اللغوية.
اقرأ أيضًا: منصة إحسان بالسعودية.. عمل خيري مدعوم بالذكاء الاصطناعي
منصة حواسيب عملاقة فائقة الأداء
وتخطط الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة إنفيديا لإطلاق خطة لبرنامج متعدد السنوات لتثبيت منصة حواسيب عملاقة فائقة الأداء بالسعودية بحيث ستكون هذه المنصة مساهمة في بناء العديد من التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا اللغة والرؤية الحاسوبية، وتسهم في تحقيق طموحات تبني الذكاء الاصطناعي في السعودية.
إطلاق أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي
في 13 فبراير الجاري، أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) عن إطلاق أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع شركة إنفيديا، والتي ستساعد في تمكين الأجيال القادمة في هذا المجال الحيوي.
وتصنع شركة إنفيديا رقائق تعمل على أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يمكنه إنشاء محتوى جديد، مثل النصوص والصور، بناء على مطالبات المستخدمين، والذي تطور بشكل كبير الفترة الماضية، بداية من برنامج ChatGPT، إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى.
في #المنتدى_العالمي_للمدن_الذكية #سدايا تطلق أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع شركة @nvidia لبناء جيل متمكن في المجال#حياة_أجود pic.twitter.com/cFXkgPEjEV
— SmartCforum (@SmartCforum) February 13, 2024
وتهدف الأكاديمية إلى تدريب المهندسين والباحثين والمبتكرين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي يستخدم الشبكات العصبية العميقة لإنشاء محتوى جديد ومفيد من البيانات الموجودة، مثل النصوص والصور والأصوات والفيديوهات.
وتقدم الأكاديمية برامج ودورات متخصصة في مواضيع مثل الحوسبة المتسارعة، والتعلم العميق، ومعالجة اللغة الطبيعية، وتوليد الصور ونماذج اللغات الكبيرة باللغتين الإنجليزية والعربية.
وتعمل الأكاديمية على تطوير مشاريع وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي على المستوى المحلي والإقليمي، وتقديم الدعم والاستشارة للمنظمات السعودية في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة والصحة والتعليم والبيئة.
اقرأ أيضًا: السعودية تطلق المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
منصة جديدة للحد من التشوه البصري بالذكاء الاصطناعي
وفي 12 فبراير، وعلى هامش فعاليات المنتدى العالمي للمدن الذكية بالرياض، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان منصة (SmartC Visual Pollution)، وهي منصة تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد وتحليل مظاهر التشوه البصري في المدن السعودية.
في #المنتدى_العالمي_للمدن_الذكية أصحاب المعالي والسمو والسعادة يدشنون المنصة الوطنية لتحسين المشهد الحضري.#حياة_أجود pic.twitter.com/JBTDP4NWnb
— SmartCforum (@SmartCforum) February 12, 2024
وتعمل منصة (SmartC Visual Pollution) على استخدام كاميرات متنقلة لتصوير الطرق والمباني والإعلانات وغيرها من العناصر التي تؤثر على المشهد الحضري، وتستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد وتصنيف وتحليل بيانات التشوه البصري، وتقديم تقارير وتوصيات للجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وتهدف هذه المنصة إلى دعم أعمال التخطيط الحضري وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء مدن ذكية ومستدامة وجميلة.
إطلاق مركز التميز في حلول الازدحام باستخدام البيانات والذكاء الاصطناعي
وفي 13 فبراير، أعلنت سدايا عن إطلاق مركز التميز لحلول الازدحام باستخدام البيانات والذكاء الاصطناعي (AI). يهدف المركز إلى تطوير حلول ذكية لمختلف الجهات الحكومية في المملكة لتعزيز جودة الحياة لسكان المدن.
ويسخر المركز البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم الجهود المبذولة للحد من الازدحام وتسهيل تدفق حركة المرور. ويهدف إلى تطوير حلول ذكية لمختلف الجهات الحكومية ودعم اتخاذ القرارات المبنية على البيانات لتقليل مستويات الازدحام وتعزيز الاستدامة والكفاءة وجودة الحياة في المدن، وفقا لوكالة الأنباء السعودية.
مركز جديد للذكاء الاصطناعي في الصناعة والتعدين
وفي نفس اليوم، افتتح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر بن إبراهيم الخريف، ورئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، الدكتور عبدالله الغامدي، مركز التميز للذكاء الاصطناعي في الصناعة والتعدين (AI Center of Excellence for Manufacturing & Mining)، وهو مركز يهدف إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع.
مركز التميز للذكاء الاصطناعي في الصناعة والتعدين يحقق الاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعي في قطاع الصناعة.#حياة_أجود#المنتدى_العالمي_للمدن_الذكية pic.twitter.com/TOknmwQAZC
— SmartCforum (@SmartCforum) February 13, 2024
ويسعى المركز الجديد إلى دعم الصناعة والتعدين في المملكة بتقديم حلول ذكية تستخدم البيانات والذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف الإستراتيجية، والمساهمة في جعل المملكة قوة صناعية رائدة ومركزًا لوجستيًا عالميًا.
ويقوم المركز بتوعية وتدريب العاملين في القطاع على أهمية وفوائد استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي، وتوفير فرص لبناء القدرات والكفاءات الوطنية المتخصصة في هذا المجال.
دعم أبحاث الذكاء الاصطناعي
من جهة أخرى، أعلنت المملكة، في الأول من فبراير الجاري، من خلال منظمة التعاون الرقمي دعم الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويهدف هذا الجهد إلى دعم البحث وتحسين وإدارة السياسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي عبر الدول الأعضاء، وزيادة الوعي بأخلاقياته، ودعم بناء القدرات في هذا المجال.
المبادرة التي تحمل عنوان “مبادرة الذكاء الاصطناعي التوليدي للدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي” أطلقها وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبدالله السواحة، خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي.
وافتتح الوزير المشروع إلى جانب مسؤولين من الدول الأعضاء الستة عشر – والتي تشمل قطر وباكستان والمغرب – بالإضافة إلى وفود رفيعة المستوى من الشركاء والمراقبين.
وسيشرف على هذا الجهد المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، المعروف باسم ICAIRE، والذي تقوده الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي.
وتتوافق هذه المبادرة مع دعم المملكة المستمر لرسالة المنظمة، التي تركز على تعزيز الشمولية والازدهار الرقمي، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
إطلاق أول برنامج لتسريع الذكاء الاصطناعي التوليدي
وفي يوليو، انطلق برنامج GAIA، وهو أول مسرع للذكاء الاصطناعي التوليدي (AI) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهو نتاج شراكة بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي والبرنامج الوطني لتطوير التقنية (NTDP) وشركة نيوناتيف إنك (New Native Inc).
برنامج GAIA هو برنامج تسريع مكثف لمدة 10 أسابيع، يقام في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، ويهدف إلى دعم الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي يستخدم الشبكات العصبية العميقة لإنشاء محتوى جديد ومفيد من البيانات الموجودة، مثل النصوص والصور والأصوات والفيديوهات.
البرنامج يقدم للمشاركين فرصة الحصول على تدريب عالي الجودة وتوجيه من قبل خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، والوصول إلى منصات وأدوات حديثة ومتطورة، والتعرف على أفضل الممارسات والمعايير العالمية في هذا المجال. كما يساعدهم على تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشاريع ناجحة وقابلة للتطبيق في السوق.
كما يستهدف البرنامج إنشاء 300 شركة جديدة في هذا المجال في غضون 36 شهرًا. كما يهدف إلى إنشاء مجتمع نابض بالحياة للشركات الناشئة المحلية والدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنهم تبادل الخبرات وتعزيز التعاون والشراكة.