كتب – جاد الملقي:
الكتيب الصغير الذي كانت تحمله معها لتدّون فيه يومياتها كان شاهدًا على هذا الحلم. اليوم وبعد سنواتٍ أصبحت تسير نحوه بخطى متسارعة أدهشتها هي نفسها.
كيف بدأت رحلتك في عالم الفضاء؟
منذ طفولتي كانت زيارة وكالة الفضاء الأميركية ناسا (NASA)، والتعرّف على حياة رواد الفضاء بمثابة حلم لي. لقد كان لدي كتّيب صغير كنت أكتب عليه يومياتي وأحلامي، وأحد هذه الأحلام كان زيارة NASA، وما أروع أن تستطيع تحقيق هكذا أحلام! زرتها، والتقط العديد من الصور للذكرى واطلعت على تفاصيل دقيقة علمتها للمرة الأولى في عالم الفضاء، حتى الآن لا أصدق أنني استطعت الاطلاع عليها.
اقرأ أيضًا: ريانة برناوي.. قصة أول رائدة فضاء سعودية
هل وجدتِ التشجيع الكافي لذلك عندما أخبرت أسرتك والمحيطين بك؟
كنت أخبر أصدقائي وعائلتي بهذا الحلم، فمنهم من تجاهلني، ومنهم من ضحك علي، ولكنني لم أكترث لهذه الأمور، بل استطعت إثبات نفسي بنفسي ووصلت لما أنا عليه اليوم، فمن مكاني هذا أقول لكل شابٍ أو شابّة أردنية إو عربية، إن كنتم تريدون تحقيق هدفٍ تطمحون إليه، فعليكم أن تسعوا وتثقوا بقدراتكم، ولا تكترثوا بتجاهل من حَولكم، أو عدم إيمانهم بقدراتكم، فأنتم الذين تقررون ماذا تريدون وكيف تريدون أن تصبحوا بالمستقبل.
كيف دخلت إذن عالم الفضاء؟
الأمر بدأ بالصدفة، حيث شاركتني صديقتي منشورًا لمسابقة اسمها جيسري نظّمت في الأردن لتصميم البدلات الفضائية، فقلت لها “لما لا؟”، وشاءت الأقدار وبفضل مجهودٍ كبير مني ومن فريقٍ من زملائي استطعنا الفوز بالمرتبة الأول، بعد أن صمّمنا أو بدلة فضاء تناظريّة تم عرضها في وادي رم.
هل كنت تتوقعين الفوز في المسابقة؟
الأمر كان مفاجئا بالنسبة لي، نعم إنّي أحب الموضة جدًّا، وأعشق عالم الفضاء، ولكنني لم أتصوّر نفسي بارعة لهذه الدرجة لإنتاج تصميم مميّز يسطّر اسمي في هذه الخانة تحديدًا، إنّه لإنجازٌ أفتخر به جدًّا، والحقيقة أنني لم أكتف بهذه هذه البدلة فقط، بل قمت بتوسعة علاقاتي مع المنظمين الأردني والعالمي للمسابقة، إلى أن استطعت تصميم 6 بدلات فضائية تم عرض بعضها في وادي رم وفي أوروبا وأميركا، وأطمح لتصميم السابعة أيضًا.
اقرأ أيضًا.. صاروخ فالكون 9.. معلومات عن ناقل رائدي الفضاء السعوديين
ما هي أهم الفرص والتجارب التي حصلت عليها في هذا المجال؟
منحني عالم الفضاء فرصًا وتجاربًا رائعة، فقد اختارتني منظمة بلينك بوردرليس لابز إنك (BLINC ‘Borderless Labs inc) لأكون من بين السعداء الذين يستفيدون من منحة قدّمها المعهد العالمي لعلوم الفضاء (IIAS ‘International Institute of Space Sciences)، وفرحت كثيرًا عندما حصلت على هذه المنحة. وعندما بدأت تدريبي مع المعهد، خضت تدريبات وتمارين شاقة يقوم بها رواد الفضاء الحقيقيون، مثل التعامل مع اختلاف الجاذبية والطيران وغيرها. وسنحت لي الفرصة أن أركب طائرة وأجرب عملية الإطلاق نحو الفضاء، وشعرت في تلك اللحظة أنني على متن صاروخ يتجه إلى الفضاء.
وبالإضافة إلى ذلك، زرت مركز إطلاق الصواريخ سبيس إكس (SpaceX) ولم أصدق حجم الصواريخ التي رأيتها هناك. كان الأمر وكأنه حلم. وشاهدت أيضًا عدة عمليات إطلاق لهذه الصواريخ، وشعرت بالرهبة من الموقف. حتى أنني تخيلت نفسي للحظة داخل إحدى هذه الصواريخ متوجهة إلى الفضاء.
اقرأ أيضًا: السعودية في الفضاء.. ماذا تريد المملكة بعد رحلة المحطة الدولية؟
كيف كان شعورك عندما تم اختيارك لتمثيل العرب في الاحتفال العالمي للفضاء يوريز نايت (Yuri’s night)؟
لقد كانت تجربة لا تنسى عندما تلقيت دعوة لأكون أول سفيرة عربية ومحجبة في يوريز نايت (Yuri’s night)، الاحتفال العالمي الذي يحتفي بإنجازات البشرية في الفضاء. لم أصدق عيني عندما رأيت اسمي على بطاقة الدعوة، وشعرت بالسعادة والفخر بنفسي وببلدي الأردن. وعندما وصلت إلى مكان الاحتفال، وقفت أمام الحشود وألقيت كلمتي، وكانت لحظة مهيبة ومثيرة في حياتي. ولفتت انتباه الحاضرين بحجابي الأنيق وعلم الأردن الذي زين كتفي، وأثنوا على شجاعتي وإبداعي. وبعد انتهاء كلمتي، جاء العديد منهم للتحدث معي والتعرف علي أكثر، وأبدوا احترامهم وإعجابهم بما قمت به في هذا العمر الصغير. وشعرت بالامتنان والتقدير لهذه الفرصة الرائعة التي أتاحت لي أن أمثل العرب في هذا الحدث العالمي.
ما هي الخطوات والمتطلبات التي تحتاجينها لتحقيق حلمك في أن تكوني رائدة فضاء أردنية؟
لتحقيق حلمي في أن أكون رائدة فضاء أردنية، أحتاج إلى الكثير من الجهد والتعلم والتمرين في مجال العلوم والفضاء. أحتاج أيضًا إلى دعم وتشجيع دولتي الأردن، التي أحبها وأفتخر بها، والتي تمنحني الثقة والتحفيز للوصول إلى أعلى المستويات. أهم شيء بالنسبة لي هو أن أرفع علم الأردن في الفضاء، وأن أثبت للعالم أن الشباب الأردني قادر على تحقيق المستحيل. الأردن هي أرض أجدادي وأهلي وأنا، وهي المنطلق الذي يجعلني أطمح للعالمية.