عندما تستمع إلى قصص نجاح المؤسسات العملاقة مثل مايكروسوفت، وأمازون، وآبل؛ ستجد أن أغنى رجال الكوكب قد صنعوا ثروتهم في وقت قياسي، من خلال القدرة على تطوير الأعمال الصغيرة والشركات الناشئة. ولكن من أين يجب أن يبدأ رواد الأعمال قليلو الخبرة، عند الاصطدام بشروط شركات التمويل القاسية بخصوص تمويل الشركات الناشئة؟
ما هو فن تمويل الشركات الناشئة؟
قدم الكاتب الإسباني أليخاندرو كريماديس، في كتابه الشهير فن تمويل الشركات الناشئة (The Art of Startup Fundraising)، مجموعة من التوصيات، والتوجيهات، المبنية على خلاصة تحليلات دقيقة لمعظم المؤسسات الكبرى في العالم، والتي بدأت كونها شركات ناشئة صغيرة.
اقرأ أيضًا: 5 كتب عن الاستثمار وأسرار صناعة الثروة
يساعد كتاب فن تمويل الشركات الناشئة رواد الأعمال الشباب على الحفاظ على تركيزهم خلال مرحلة التمويل، ويضع المتمرسين منهم أمام عدة أسئلة حيوية تحتاج إلى التفكير المستمر قبل الإقدام على طلب التمويل لبعض المشروعات، حيث يؤكد أليخاندرو كريماديس أنه في أحيانٍ كثيرة قد تكون عواقب التمويل أكثر من إيجابياته.
تعد أفكار وتلميحات أليخاندرو كريماديس حول أهمية إنشاء علاقات مع المستثمرين، قبل أن يكون لدى الشركة حاجة فورية إلى النقد السائل؛ إحدى أكثر النصائح القيّمة في مرحلة تمويل الشركات. ويغطي الكتاب كل المواضيع والخطوات اللازمة لجمع مليارات الدولارات، ويعد الجزء الأكثر أهمية هو الفصول التي تتحدث عن مصادر رأس المال، وجولات الاستثمار الحر.
هل يمكن تمويل الشركات عبر الإنترنت؟
يسلط الكتاب الضوء على مرحلة تمويل الشركات عبر الإنترنت، من خلال منظور خبراء التمويل الرقمي في العالم. فالمسألة كلها تعتمد على القدرة على صياغة رؤية واضحة للشركة، وتحديد خط سير مدروس بعناية حول مرحلة النمو، من أجل إقناع شركات التمويل بأنك تمتلك كيانا سيستطيع الوفاء بالتزاماته.
ويرى استشاريو تطوير الأعمال، أن الشركات الناشئة مثل بذور النبات، في حاجة إلى رعاية مستمرة، في ظروف بيئية خاصة. وبالتالي فإن الأعمال التي تنهض بشكل عشوائي وبلا استراتيجية واضحة للبناء، أو للنمو والتطور، هي بمثابة الزراعة والري في أرض بور.
تحديات تمويل الشركات الناشئة
أهم شيء لنجاح عملية تمويل الشركات هو قدرتك على تحديد المستثمرين المناسبين، ثم مهارتك في تجنب الأخطاء الشائعة. وبالطبع لا تعتمد على حكايات “كيف فعلنا ذلك” مثل الشركات الخارقة، فهذه القصص الفريدة من نوعها يتم تطبيقها على سيناريوهات استثنائية. لقد تغيرت اللعبة، واللعب وفقاً للقواعد القديمة يجعلك تتخلف عن الركب.
اقرأ أيضًا: الاستثمار في NFT.. خطوة بخطوة نحو النجاح
سواء كنت تؤسس شركة ناشئة أو تتطلع إلى الاستثمار في شركة قائمة بالفعل، لابد أن تدرك أن سرد القصص يعد أهم شيء في سبيل استمرار شركتك وتطورها. وتساعد القصص في صياغة جانب إنساني لما تفعله، والأهم من ذلك أنها شيء يمكن بيعه. ولكن السؤال الذي يضغط عليه كريماديس طوال الكتاب هو: كيف ستقدم نفسك إلى المستهلكين وشركات التمويل في قصة مُلهمة؟
تمويل الشركات.. قصة قصيرة ملهمة
بصفته متخصصاً في تطوير الشركات، ومستشاراً لعدد من كبريات شركات التمويل؛ يقول أليخاندرو كريماديس، إن أغلب رواد الأعمال يجهلون الحاجة الحقيقية لـ تمويل الشركات الناشئة، حتى في حالة قدرة رأس المال على الوفاء بكافة التزامات التأسيس والاكتتاب العام. فالتمويل هو شكل من أشكال الترابط الاجتماعي، وترسيخ وجود شركتك، وجعل مصلحة استمرارها هدفا أعلى لأفراد ومؤسسات أخرى.
وبالتالي ما يدعو للأسف هو تجاهل العديد من رواد الأعمال لقيمة وأهمية سرد القصص، حيث يركزون فقط على المعلومات الفنية، التي لا يستطيع المستثمرون والمستهلكون الارتباط بها. ويقول أليخاندرو كريماديس: «بعد أكثر من عشرين عاما من العمل في مجال تطوير الشركات، أقول لك بكل ثقة إنه لا يهم مدى روعة اختراعك أو ابتكارك، إذا كان الناس لا يستطيعون التواصل معه، والأهم من منتجك هو طريقة عرضه وتقديمه، هذه قاعدة نهائية».
تمويل الشركات والعرض التقديمي
تذكر شيئاً مهما وأنت في مرحلة البحث عن جهة لـ تمويل الشركات، وهو أن خطة عملك ليست هي قصتك، فالقصة التي ينتظرها الداعمون والمستهلكون، وشركات التمويل هي الجوانب الإنسانية الخفية لعملك، مثل: قصة الشركة، قصة المنتج، قصة العميل، قصة العلامة التجارية، قصة المؤسس/ المؤسسين.
اقرأ أيضًا: التمويل اللامركزي في مسار ضبابي والمنظمات المالية تحاول عبور الحواجز
ينطلق كريماديس من نقطة ثابتة وواضحة، وهي أن الكيفية أو طريقة تقديم الشيء أهم من الشيء نفسه. وبالتالي فإن العرض التقديمي للشركة هو مرحلة تحديد مصير الشركة، بنجاحه إعلان نجاح الخطوة الأولى للشركة، وبفشله ينبغي إعادة النظر من جديد في الاستمرار في العمل من عدمه.
يقدم كريماديس ثلاث استراتيجيات، لتقدم الشركة نفسها إلى البيئة الخارجية، كل استراتيجية منها تحتوي على عدة رسائل، يتم اختيار الرسائل وفق طبيعة النشاط ورؤية الإدارة، ولكن الأهم هو كيف سيتم تقديم هذه الرسائل؟
- خطوة المصعد: وهو محتوى لا يتجاوز 30 ثانية، ويتسم محتوى هذا النوع من العروض التقديمية، بالوضوح، والإيجاز الشديد بهدف إثارة الاهتمام، وإبراز نبرة الثقة واستعراض القوة. وتظهر فائدته في مرحلة تمويل الشركات التي تسعى للتوسع والتمدد.
- كف اليد: محتوى هذا النوع من العروض التقديمية، يتكون من صفحة واحدة، لا يتجاوز الدقيقة والنصف على أقصى تقدير، ويعتمد على بيانات أساسية، رسائل واضحة، مصممة في شكل بصري مبهر ولافت للانتباه.
- المجموعة: يتسم العرض التقديمي في هذه الحالة بالجمع بين الشكلين السابقين، فهو موجز ومبهر، ويستعرض القوة، ويقدم بيانات أساسية، ولذلك يتم تقديمه في أغلب الأحوال عبر رسائل البريد الإلكتروني، بغرض الحث على إجراء طلب. وتتضمن منصة العرض التقديمي، في هذه الحالة: غرض الشركة، المشكلة والحل، لماذا الآن، حجم السوق، المنتج، فريق العمل، نموذج العمل.