أُغلق مصرف سيليكون فالي SVB، الشريك المصرفي لما يقرب من 50% من شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية المدعومة من المشروعات الأمريكية المدرجة في أسواق الأسهم عام 2022، ما دفع محللين وخبراء إلى السؤال عن مدى إمكانية حدوث أزمة مالية مصرفية جديدة. مع العلم أن المصرف واحد من أكبر 20 بنكًا في أمريكا وإذا فشل فسيكون هذا ثاني أكبر بنك في تاريخ الولايات المتحدة يتعرض للإفلاس.
ومن جهة أخرى، شهد هذا الأسبوع أيضا ظهور مشكلات مالية كبرى في الولايات المتحدة، حيث أعلنت شركة سيلفرجيت Silvergate Capital، وهي الشركة القابضة لأحد أبرز المصارف في الولايات المتحدة والذي راهن منذ عام 2016 بشكل كبير على خدمة اقتصاد التشفير الناشئ، أنها ستنهي عملياتها المصرفية.
اقرأ أيضًا.. بعد هبوط 60% من أسهم SVB.. هل يواجه البنك خطر الإفلاس؟
أدت هذه الانهيارات المصرفيه إلى طرح التساؤل من قبل العديد من الخبراء الماليين والاقتصاديين عن مدى إمكانية تكرار الأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2007/2008 وانتشرت في جميع أنحاء العالم، خاصة بعد أن تم تقييم مصرف سيليكون فالي كواحد من أفضل المصارف في الولايات المتحدة الأمريكية وفقًا لتصنيف فوربس.
من المهم أن نتذكر هنا أن البنوك بشكل عام في وضع مالي أقوى بكثير مما كانت عليه في 2007/2008 بسبب اللوائح التنظيمية، وما تلاها من من زيادات في احتياطيات رأس المال، لكن هذا لا يعني أن كل الأمور المالية تسير على ما يرام. وهذا التفجير يظهر مدى السرعة التي يمكن أن تنتشر بها الأزمات في الأسواق المالية.
ما هي أسباب التعثر ؟
يعود تعثر المصرفين المعنيين بالشركات الناشئة و اقتصاد التشفير إلى التراجع الكبير في التدفقات المصرفية النقدية حيث يواجه عملائهم السابقين والحاليين سواء كانوا بورصات تشفير أو شركات تقنية ناشئة، تحديات تجارية واسعة بفضل الظروف الاقتصادية والمالية، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض الودائع وزيادة عمليات السحب النقدية في وقت كانت فيه الكثير من ممتلكات البنوك غير النقدية طويلة الأمد، تتعرض لانخفاض كبير في قيمتها.
اقرأ أيضًا.. سيلفرجيت يبدأ خطة التصفية.. هل ينتظر SVB ذات المصير؟
كما تأتي الأزمة بعد أن شهد كلا البنكين تدفقات هائلة حتى عام 2020 وأوائل عام 2021 وبعد أن تضاعفت الميزانية العمومية لبنك سيليكون فالي، ثلاث مرات بين نهاية عام 2019 ومارس 2021.
وأعلنت سيلفرجيت خسارة قدرها مليار دولار بسبب انخفاض قيمة الأصول التي تم بيعها في الربع الأخير من العام الماضي، ونتيجة لانهيار بورصة العملات المشفرة FTX، أحد عملاء سيلفرجيت الرئيسيين. من جهته خسر بنك سيليكون فالي، 1.8 مليار دولار أثناء تصفية الأصول طويلة الأمد لموقع كوينتليجراف.
وفي كل من المصرفين، شكلّت انخفاض قيمة سندات الخزانة الأمريكية جزء كبيرة من الخسارة المالية والتي أدت إلى التعثر المالي.
ففي هذا الإطار، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن إصدار سندات خزانة جديدة ذات عوائد تصل إلى 4% أعلى، أدى إلى خفض القيمة السوقية لسندات ما قبل الارتفاع ذات العوائد المنخفضة بحوالي 1%. ما يعني أن نفس الخطر الذي أصاب سيليكون فالي وسيلفرجيت ينطبق إلى حد ما على مجموعة كبيرة من البنوك الإقليمية.
لذلك فأنه من المتوقع أن يؤدي استمرار ارتفاع العوائد على سندات الخزينة الأمريكية، إلى زيادة الضغوط على الاستثمارات الجديدة في القطاعات عالية المخاطر بما في ذلك التكنولوجيا والعملات المشفرة.
اقرأ أيضًا.. 3 نصائح مالية لا ترغب في الاستمتاع إليها
ماذا يعني هذه الانهيارات في عالم التشفير؟
من المرجح أن يعزز سقوط كل من سيليكون فالي وسيلفرجيت، حجج المنظمين الأمريكيين، بأن التشفير يهدد النظام المالي التقليدي بالفعل.
في وقت سابق من هذا العام، أصدر المنظمون المصرفيون في الولايات المتحدة بيانًا يحذرون فيه البنوك من مخاطر خدمة الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة.
من جهة أخرى، أشار خبراء صناعة التشفير والعملات المشفرة، إلى أن انهيار سيليكون فالي وسيلفرجيت كان بسبب المخاطر المصرفية التقليدية ولم تكن الأصول المشفرة أو شركات التشفير السبب الرئيسي لتعثرها المالي وفقا لموقع نازدك.
كما أوضحت كيتلين لونج، المؤسس والرئيس التنفيذي لبنك Custodia، أن سيلفرجيت كانت ستنجو من تدفقات البنك دون الإضرار برأسمالها، إذا كان لديها ما يكفي من النقد في ودائعها، لتلبية طلبات السحب من العملاء.