بعد إعلان تشانغبينغ تشاو، الملقب بـ CZ، تركه منصبه كرئيس تنفيذي لـ بورصة بينانس التي أسسها وكان وجهها الأكثر شهرة، أثار ذلك ردود فعل كبيرة ليس فقط داخل بورصة العملات المشفرة نفسها، ولكن في سوق الكريبتو أيضًا، والسؤال الآن: ما مصير بورصة بينانس، أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم، تستحوذ على ثلث حجم التداول في سوق العملات المشفرة؟
انخفاض سعر عملة بينانس
انخفاض سعر عملة بينانس Binance Coin، المعروفة باسم (BNB)، بنسبة 8.39٪ في الساعات الأخيرة لتصل إلى 244 دولارًا، كان أحد النتائج المباشرة لاستقالة تشانغبينغ تشاو، الرئيس التنفيذي لمنصة بينانس. و(BNB) هي عملة رقمية تستخدم في التداول ودفع الرسوم على بورصة بينانس، وتم إطلاقها في يوليو 2017 مع بدء تشغيل المنصة، وكانت تعتمد في البداية على بلوكتشين إيثيريوم ومعيار ERC-20، قبل أن تصبح العملة الأصلية للمنصة.
اقرأ أيضًا: قبل تنحي «CZ».. أزمات ضربت بورصة بينانس في 2023
وتقدم بورصة بينانس خصمًا لجميع المتداولين عند استخدام عملة BNBفي رسوم المعاملات لتحفيزهم على استخدامها، بالإضافة إلى إمكانية تداولها مقابل عملات رقمية أخرى مثل بيتكوين وإيثيريوم ولايتكوين. وبعد انهيار سعر العملة الرسمية لمنصة بينانس، تعرض المتداولون الذين لديهم عقود طويلة مفتوحة على (BNB) لتصفية جماعية لمراكزهم.
وأظهرت شركة نانسن بلوكشين (blockchain Nansen)، المتخصصة في تحليل العملات المشفرة، أن بورصة بينانس شهدت تدفقات خارجية صافية تصل إلى مليار دولار، وفي نفس الوقت، انخفضت السيولة بنسبة 25٪ خلال نفس الفترة الزمنية حيث قام صناع السوق بسحب مراكزهم.
هل يتكرر سيناريو FTX؟
وحذرت «نانسن» من أن تدفقات الصرف الصافية قد تؤدي إلى حالة من الذعر تسبب في عمليات سحب كبيرة، عندما لا يتم التعامل معها بشكل صحيح، فإذا لم تتمكن البورصات من منع المستخدمين من سحب أموالهم، فإن الأحداث الكبيرة وزيادة الخوف من فقدان الأموال تؤدي إلى تدهور الوضع.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، انهيار بورصة FTX، في نوفمبر 2022، حيث نشر موقع كوين ديسك Coindesk وقتها ما يفيد بوجود خلل في الميزانية العمومية للشركة، تبعه إجراء تحقيق اعقبه موجة من عمليات السحب الضخمة التي لم تتمكن البورصة من التغلب عليها.
اقرأ أيضًا.. ريتشارد تينغ.. الخبير التنظيمي يقود بورصة بينانس خلفًا لـ«CZ»
وعلى مدار العام الماضي، شهدنا أيضًا انهيارات داخلية مشابهة من البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة، مثل بنك سيليكون فالي (Silicon Valley Bank) وسيلفرجيت (Silvergate)، ومع الأحداث الكثيرة التي تحدث في منصة بينانس، يتساءل البعض في صناعة العملات المشفرة، عما ينتظر بورصة التداول الشهيرة.
هل تتجاوز بورصة بينانس الأزمة؟
في ظل تعرضها للعديد من الأزمات، تواجه بينانس غرامة ضخمة تبلغ 4 مليارات دولار، وهي قيمة تؤثر سلبًا على أي شركة، مما يضعها في موقف صعب. ولكن «سي إن بي سي» نقلت عن خبراء أن بينانس لديها فرصة لتجاوز هذه المحنة، بالرغم من الضغوط التي تواجهها، معتمدين على قرارها بالتعاون مع وزارة العدل، وتطبيق خطة على 3 سنوات لتحقيق الامتثال، وحجم الأصول التي تمتلكها.
وقالت البروفيسورة ييشا ياداف من جامعة فاندربيلت: «إن 4 مليارات دولار مبلغ كبير جدًا وسيؤدي إلى تضرر ميزانية بينانس بشكل كبير». وأكملت: «لكن مكانة بينانس في سوق العملات المشفرة لعدة سنوات، وأحجام التداول سيجعلها ستتمكن من تسديد الغرامة والتغلب على الأزمة».
اقرأ أيضاً.. كيف أثرت الاتهامات ضد منصة بينانس على سوق العملات المشفرة؟
وبالنظر إلى نفوذ الملياردير CZ في سوق الكريبتو كأشهر وأغنى شخصية فيه، ودوره في بورصة بينانس كأكبر مالك لها؛ فقد ظهرت بعض الآراء التي ترى أن رحيله قد يكون مفيدًا للبورصة والسوق. وبعد أن توصلت بينانس إلى تسوية، انقسمت وجهات النظر في مجتمع الكريبتو إلى وجهتين:
1. زيادة الاستقرار والثقة في السوق
يعتقد الكثير من المستثمرين والقادة في صناعة العملات المشفرة، أن التسوية تمثل خطوة إيجابية، لأن حل المشاكل القانونية التي تعاني منها بينانس قد يقلل من المخاطر الكبيرة التي تهدد السوق بأكمله.
وقال أناتولي كراتشيلوف، الرئيس التنفيذي لشركة نيكال ديجتال أسسيت مانجمينت، لـ«رويترز»: «إن التسوية شيء يمكن لبينانس التعامل معه، ويمكن أن يجلب بعض الاستقرار إلى سوق العملات المشفرة المتقلب».
وقال جايمي ميرينو، تاجر التجزئة الذي يدير واحدة من أكبر قنوات تداول العملات المشفرة على اليوتيوب في أمريكا اللاتينية، لموقع دي كريبت: «هذه فرصة لشراء البيتكوين إذا انخفضت بسبب هذه الأخبار وانعدام الثقة الذي يولده بين الجماهير؛ إذا تتضمن استراتيجيته أن يكون خائفًا عندما يكون الآخرون جشعين، وجشعًا عندما يكون الآخرون خائفين».
2. التوافق مع اللوائح ونمو الصناعة
يعتبر البعض أن التسوية تمثل فرصة لزيادة الامتثال للقوانين داخل صناعة العملات المشفرة بشكل عام؛ لأن بورصات العملات المشفرة مثل بينانس تواجه ضغوطًا قانونية مشابهة وتلتزم بالمعايير التنظيمية؛ لذلك قد يكون القطاع في مرحلة نضج، ويصبح أكثر استقرارًا، وربما يجذب قاعدة أوسع من المستثمرين المؤسسيين.
وستواصل بورصة بينانس نشاطها ولكن بشروط جديدة، حيث عليها أن تحافظ على برنامج الامتثال الخاص بها وتحسنه لضمان توافق أعمالها مع معايير مكافحة غسيل الأموال الأمريكية، وعليها أن تعين مراقب امتثال مستقل.
وقالت ياشا ياداف، من جامعة فاندربيلت، إن احتياطيات بينانس ستخضع للمراجعة، حيث سيقوم المستثمرون بتقييم خياراتهم بعد خروج الرئيس التنفيذي للشركة، مشيرة إلى أن بورصة العملات المشفرة تسعى إلى خلق شفافية استراتيجية منذ انهيار بورصة FTX، حيث نشرت بينانس دليلاً على الاحتياطيات، وهو نظام لإظهار كمية أصولها والتزاماتها.
وأضافت: «لا شك أن احتياطيات بينانس ستمرة في الخضوع للتدقيق في الأشهر والسنوات القادمة، والسؤال الكبير الذي يطرح على بينانس هو كيفية إدارتها، وحالة إدارتها الداخلية وإدارة المخاطر، هذا هو المجال الذي كان محاطًا بالغموض منذ فترة طويلة بالإضافة إلى رأس المال الذي لا يمكن اختراقه والهيكل التنظيمي الذي دفع تعقيده المنظمين مثل لجنة تداول السلع الآجلة إلى التحقيق في هذه العلاقات التنظيمية كوسيلة محتملة لبينانس للمشاركة في أنشطة تنتهك اللوائح المعمول بها، سيكون أكثر تنظيمًا ووضوحًا الفترة القادمة».