منذ أن منحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية الضوء الأخضر لإطلاق صناديق البيتكوين المتداولة، يوم الأربعاء الماضي 10 يناير الجاري، وأثار هذا الإطلاق الكثير من الجدل بين من يرى فائدة في الاستثمار في هذه الصناديق، حيث تسمح بالوصول السهل إلى العملة المشفًّرة، وبين من يرى أنه لا فائدة من الاستثمار فيها بسبب الرسوم، وأن الأفضل هو الوصول إلى العملات المشفرة عبر بورصات الكريبتو.
وصناديق البيتكوين المتداولة هي أدوات استثمارية تتبع سعر البيتكوين دون الحاجة إلى امتلاكه بشكل مباشر. تعتبر هذه الصناديق طريقة آمنة ومنظمة للوصول إلى سوق العملات المشفرة، وتجذب الكثير من المستثمرين الذين يريدون الاستفادة من التغير في سعر البيتكوين.
وكانت هناك محاولات عديدة لإطلاق صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة منذ عام 2013، لكنها واجهت رفضًا من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، التي كانت تخشى التلاعب وعدم الشفافية في سوق البيتكوين. ومع ذلك،، تغيرت المواقف، ووافقت الهيئة على 11 صندوقًا للبيتكوين المتداولة، بعد إعلان تطبيق قواعد صارمة لحماية المستثمرين. وكانت بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، من بين أول من حصل على موافقة.
وتعد الموافقة على صناديق البيتكوين المتداولة الفورية علامة فارقة في صناعة العملات المشفرة، حيث تعد فرصة لتدفقات مالية ضخمة، لكن هل الاستثمار فيها ينطوي على عوائد جيدة؟
رسوم صناديق البيتكوين المتداولة عائق للاستثمار
يرى المستثمر الكندي كيفن أوليري، نجم برنامج شارك تانك لدعم رواد الأعمال، أن الرسوم التي يحصل عليها مزودو صناديق البيتكوين المتداولة قد تكون عائقًا للاستثمار فيها، «حتى لو كان بعضهم يقدمون تنازلات مؤقتة حاليًا».
وقال أوليري في مقابلة مع فوكس بيزنس (Fox Business): «إذا كنت أؤمن بالبيتكوين كذهب رقمي وأريد الاحتفاظ به لفترة طويلة، فلن استثمر في أي صندوق استثمار متداول، لماذا أضيع أموالي على هذه الرسوم؟ هذا لا يجدي نفعًا على الإطلاق، ولا يقدم أي قيمة لي».
اقرأ أيضًا: ماذا يقول رجل بلاك روك القوي عن مستقبل البيتكوين؟
وكيفن أوليري، رجل أعمال ومستثمر كندي، يستثمري في عدد من الشركات في الولايات المتحدة وكندا وبلدان أخرى، واكتسب شهرة كمستثمر عندما شارك في برنامج «Dragons’ Den» الذي يبث على سي إن بي سي، المختص بدعم مشاريع رواد الأعمال، ثم انتقل إلى النسخة الأمريكية من برنامج شارك تانك (Shark Tank) على قناة إيه بي سي (ABC).
ويحظى المستثمر الشهير بشعبية كبيرة في مجتمع رواد الأعمال، حيث يتبع الكثيرون منهم نصائحه حول الاستثمار الجيد وكيفية تحقيق النجاح للشركات الناشئة.
صناديق البيتكوين المتداولة لن تستمر طويلًا
وفي سياق متصل، يعتقد كيفن أوليري، أن فرص استمرار جميع صناديق البيتكوين المتداولة الـ 11 التي وافقت عليها هيئة الأوراق المالية والبورصات، ضئيلة جدًا خلال السنوات المقبلة، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
وأضاف أوليري، أنه يتوقع أن يسيطر صندوقان أو 3 على السوق، بينما ستنخفض عدد صناديق البيتكوين المتداولة، على أن تكون الفرصة الأكبر ستكون لأصحاب الملاءة المالية الأكبر، معلقً: «أراهن أن الشركات العملاقة مثل فيليدتي (Fidelity) وبلاك روك (BlackRock) سينتهي بها الأمر إلى القمة لأن لديهم قوى مبيعات هائلة».
وعلى الرغم من شكوكه بشأن الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة الجديدة، إلا أنه لا يزال يعتبر موافقة الجهات التنظيمية عليها خطوة مهمة في تطوير صناعة العملات المشفرة.
اقرأ أيضًا: هل يصل سعر البيتكوين إلى مليون دولار؟.. محللون يجيبون
ويأمل أوليري أن تتمكن صناديق الاستثمار المتداولة أيضًا في تحفيز المشرعين على النظر في أنظمة المدفوعات المشفًّرة، مثل العملة المستقرة المرتبطة بالدولار، معلقًا: «الآن، لدينا هذه المناسبة الهامة، وهي عظيمة، لكننا في وقت مبكر جدًا، نحن في الشوط الأول».
وفي مقابلة سابقة توقع أوليري، أن عملة البيتكوين لديها القدرة على مضاعفة سعرها 3 مرات لتتراوح بين سعر 150 ألف دولار إلى 250 ألف دولار. وفي الوقت نفسه استبعد وصول سعر العملة إلى مستوى 1.5 مليون دولار بحلول عام 2030، كما توقعت كاثي وود الرئيس التنفيذي لصندوق آرك إنفستمنت، مؤكدًا أن ذلك لن يحدث إلا في حال وقوع كارثة اقتصادية.
وتابع: «أن ارتفاع قيمة عملة البيتكوين بهذه السرعة إلى هذا السعر يعني أن الاقتصاد الأمريكي قد تعثر بطريقة أو بأخرى من وجهة نظري، لذلك لا، أنا لا أتفق مع نقطة السعر هذه».
عوائد كبيرة تنطوي على مخاطر
وتثير المخاطر المرتبطة بالاستثمار في صناديق البيتكوين المتداولة، تثير جدلاً بين المستثمرين. وفقًا لمحللي إيه بي سي نيوز (ABC News)، فإن صناديق البيتكوين المتداولة توفر فرصة للربح الكبير، ولكن أيضًا تنطوي على مخاطر كبيرة، حيث تتعرض للتقلبات الشديدة والعوامل غير المؤكدة في قطاع العملات المشفرة. ويقول بعض المحللين إن الارتفاع المحتمل في سعر البيتكوين قد يكون مغريًا للمستثمرين، إذا ساهم تدفق الأموال إلى صناديق البيتكوين المتداولة في دخول العملة المشفرة إلى الأسواق الرئيسية.
ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالتقلبات العالية للأصول، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالاحتيال وسوء الإدارة في صناعة العملات المشفرة. وقد شهدت هذه الصناعة عدة انهيارات وفضائح انهيار بورصة FTX واتهام مؤسسها بالاحتيال، وتنحي الملياردير «CZ»، الرئيس التنفيذي السابق لبورصة بينانس (Binance)، من الرئاسة التنفيذية للبورصة.
وعلى الرغم من أن رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، غاري غينسلر، وافق على صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة، إلا أنه حذر من المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة.
بعد الموافقة عليها.. كيف ستغير صناديق البيتكوين المتداولة قواعد اللعبة؟
وقال غينسلر: «لم نوافق على عملة البيتكوين أو نؤيدها، يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين بشأن المخاطر العديدة المتعلقة بالبيتكوين والمنتجات التي تعتمد على قيمتها على العملات المشفرة».
وأشارت كالي كوكس، المحللة في شركة الاستثمار «eToro»، والتي تتابع العملات المشفرة، إلى أن كل شخص يجب أن يقيم صناديق البيتكوين المتداولة وفقًا لأهدافه المالية الخاصة.
وأضافت: «لديك آمالك وأحلامك الخاصة بما يتعلق بمحفظتك ، لذلك يجب أن تنظر إلى كيفية تناسبها».
وينصح بريان أرمور، مدير أبحاث الاستراتيجيات السلبية في شركة مورنينغ ستار، المستثمرين بأن يكونوا على علم بالمخاطر المرتبطة بالاستثمار في صناديق البيتكوين المتداولة، مشيرًا إلى إنها تتطلب تحمل التقلبات العالية، ويجب على المستثمرين أن يتحققوا من أنهم مرتاحون لذلك.
وقال إن صناديق البيتكوين المتداولة قد تؤدي إلى تحقيق استقرار أكبر في سعر البيتكوين إذا ازدادت شعبيتها ونضجت السوق. ولكنه يعتقد أن هذا السيناريو غير محتمل في الوقت الحالي.