لا شك في أن البلوكشين تقنية تكنولوجية أثبتت وجودها في عصرنا اليوم خاصة في عالم العملات المشفرة وفتحت لنفسها أبوابًا لعالم مستقبلي جديد.
ونظرًا لما وفرته تقنية البلوكشين من حلول وإضافات للحياة بمختلف قطاعاتها، زاد الإقبال عليها وتبنيها في أيامنا الحالية.
ولكن، قد يكون هذا الإقبال زائدًا عن حده ليتصف بالهوس أو التعلق المتعصب. ومع ذلك فإن التعصب الذي تتلقاه بعض سلاسل البلوكشين من أكثر مؤيديها شراسة، قد يعود بالمنفعة الكبيرة.
أهمية التعصب لسلاسل البلوكشين
إن حصول أي مشروع على مجتمع صلب ومتفانٍ كنز لا يقدر بثمن. وبفضل مثل هذه المجتمعات يتحقق النجاح والتطور. وغالبًا ما ترى هؤلاء الأفراد صادقين في تعليقاتهم على رسالة المشروع.
اقرأ أيضًا: مشروع هيومنود.. البديل الجديد لشبكات البلوكشين
وانطلاقًا من هذا الاندفاع الشرس، يُنظر إلى هؤلاء الأفراد على أنهم الوجه العام لسلاسل البلوكشين الثورية، والتي بطبيعة الحال تفتقر لمؤسسات أو جهات مركزية تديرها أو تتحكم بها.
والجدير بالذكر أن المتبنين الجدد غالبًا ما يتفحصون المجتمع المرتبط بهذه الظاهرة كمرحلة أولية، ثم ينتقلون إلى دراسة التكنولوجيا نفسها.
وتدل هذه التراتبية على دور المجتمع الداعم لأي مسألة وأثره غير المباشر على جذب عملاء جدد أو إبعادهم.
ولسوء الحظ، لا يشكل هذا الإقبال الشرس تحفيزًا إيجابيًا للنمو الإجمالي لتقنية البلوكشين. ويطلق عليه في بعض الأحيان الجانب القبلي، لشدة ارتباط المجتمع بالتكنولوجيا هذه.
وعوضًا عن معاملة البلوكشين كأداة تكنولوجية بحتة لجميع الأفراد والجماهير، يعمد البعض إلى اختيار منصة معينة والدفاع عنها في ساحة مليئة بالمنافسة.
وقد يكون هذا الدفاع شرسًا جدًا كأنهم يدافعون عن معتقداتهم وقضاياهم الوجودية. فتركز بعض الفرق على المنصات التي تبنوها ويصبون كل اهتمامهم فيها متجاهلين المنصات الأخرى التي يوفرها النظام للمصلحة والاستخدام العام.
البلوكشين أداة تكنولوجية وليس نظام معتقدات
إن انقسام المجتمعات الداعمة للسلاسل المختلفة من شأنه أن يزيد من التوتر، وقد يؤدي إلى خلق بيئة معادية بين المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقي وسط التعليقات السلبية حول منصة معينة، والانتهاكات والإهانات التي تسيطر على قسم الآراء، لا شك في أن المستخدم المحتمل سيعيد النظر في قراره، بل وسيتجنب تبني هذه المنصة أو هذا البروتوكول مهما كانت جودته.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا الوسط المشحون بالعدائية إلى تراجع المطورين وعدم إقبالهم على توفير ميزات جديدة خوفًا من التعليقات الهجومية التي قد يتعرضون لها.
وتحتاج أي صناعة جديدة دائمًا إلى بيئة مشجعة وداعمة للابتكار والتطور والتقدم. وفي ظل غياب هذا الحس الإيجابي، سيتدهور المجال شيئًا فشيئًا حتى يزول كليًا.
وكما ذكرنا سابقًا، يميل الإنسان إلى التصرف كفرد من أفراد القبيلة. وبالعودة إلى تاريخ الإنسان وتطوره، عاش هذا الأخير دائمًا ضمن مجموعات تحمي بعضها البعض، ما غذى بالتالي لديه حس التعلق وحماية ما هو عزيز عليه.
وهذا ما حدث مع سلاسل البلوكشين، فبمجرد تبني إحداها، أصبحت هذه الأخيرة شغل المجتمع الشاغل. ومع ذلك، أوضح المطورون أن هدفهم السامي وراء هذه السلاسل المعاصرة هو تحقيق التبني العالمي. لذلك، فإن الانقسام إلى مجتمعات متضاربة يعطل عملية الوصول إلى هذا الهدف وفقا لموقع كوينتلغراف.
وهذا لا يعني إلغاء التنوع والاختلاف، إذ أنهما سبيل النجاح. إن المنافسة الشريفة هي المحفز الأساسي للابتكار والتطور. ويحتاج عالم البلوكشين إلى التلاحم ودفع بعض الجهات إلى تقديم أفضل ما لديها في بيئة مسالمة ومعززة لكل إبداع. لذلك، علينا التخلي عن مبدأ التطرف والتعصب والعمل سوية ضمن شروط المعركة وتحت سقف الديمقراطية لتحقيق الهدف المراد بكل نجاح وسلاسة.