على الرغم من موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية (SEC)، على طلبات الترخيص لصناديق البيتكوين المتداولة في البورصة وتوقعات الخبراء بأن هذه الموافقة ستزيل الضبابية في مشهد تنظيم صناعة العملات المشفرة، إلا أن الصراع بين الهيئة وبورصات العملات المشفرة قد تجدد مرة أخرى.
الأسبوع المقبل، ستواجه الفرق القانونية التابعة للهيئة التنظيمية بورصات العملات المشفرة ممثلة في منصات كوين بيز (Coinbase)، الأكبر في الولايات المتحدة، وبينانس يو إس (Binance)، الذراع الأميركية للمنصة العالمية، ومنصة كراكن، بادعاء أن هذه البورصات تنتهك القوانين الفيدرالية الأميركية من خلال السماح بتداول أوراق مالية غير مسجلة في صورة عملات مشفرة.
وتقول بورصات العملات المشفرة، إن هيئة الأوراق المالية لم تثبت في دعواها أن تلك العملات المشفرة هي أوراق مالية.
صراع بورصات العملات المشفرة وهيئة الأوراق المالية
بعد أن وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على صناديق البيتكوين المتداولة، شهد سوق الكريبتو انتعاشًا كبيرًا، مع تلاشي التوتر بين الهيئة التنظيمية وبورصات العملات المشفرة. هذا أدى إلى زيادة قيمة العملات المشفرة، مع تدفق أموال هائلة إلى صناديق الاستثمار الجديدة في البورصة الأميركية.
ومع ذلك، يبدو أن النزاع بين الهيئة التنظيمية وبورصات العملات المشفرة لم ينته بعد، حيث أن الهيئة التنظيمية تريد أن تثبت أن العملات المشفرة هي أوراق مالية تخضع لسلطتها.
الأسبوع المقبل، ستواجه منصة بينانس للعملات المشفرة، هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية في محكمة بواشنطن، في جلسة استماع هامة، قد تحدد مصير تنظيم العملات المشفرة.
اقرأ أيضًا: «نظام جديد للعملات المشفرة» يفجر صراعًا بين «الأوراق المالية» و«كوين بيز»
وفقًا لوكالة رويترز، كان من المفترض أن تعقد الجلسة يوم الجمعة، لكنها تأجلت بسبب الثلوج الغزيرة في العاصمة الأميركية.
وبعد جلسة الاستماع لبينانس، ستكون هناك جلسة استماع أخرى بين الهيئة التنظيمية وبورصة العملات المشفرة الأميركية كوين بيز، التي وجهت لها الهيئة التنظيمية اتهامات بتداول أوراق مالية غير مسجلة.
وتدعي الهيئة التنظيمية أن معظم العملات المشفرة أوراق مالية يجب أن تخضع رقابتها، بينما تنكر بورصات العملات المشفرة هذا الادعاء.
وقد أقامت بي إيه إم ترايدنغ (BAM Trading)، التي تدير بينانس الأميركية (Binance.US)، دفاعًا قانونيًا ضد الهيئة التنظيمية، مؤكدة أنها لا تملك سلطة على أصول العملات المشفرة. وهذا ما تحاول كوين بيز (Coinbase) أيضًا إثباته في قضيتها ضد الهيئة التنظيمية.
وتنفي بينانس (Binance) أنها ارتكبت أي مخالفات أو احتيال في تداول العملات المشفرة.
تأثير الصراع على سوق الكريبتو
بحسب موقع كوين ديسك، المتخصص في أخبار الكريبتو، فإن مستقبل صناعة العملات المشفرة في الولايات المتحدة، يعتمد على نتيجة النزاع القانوني بين هيئة الأوراق المالية والبورصة وبورصات العملات المشفرة: كوين بيز، وبينانس، وكراكن.
إذا قررت المحاكم الفيدرالية أن العملات المشفرة هي أوراق مالية تخضع لسلطة الهيئة التنظيمية، فسيتعين على جهات الإصدار ومنصات التداول الالتزام بقواعد جديدة للتسجيل والإبلاغ.
اقرأ أيضًا: 10 مدن حول العالم تقبل الدفع بالبيتكوين.. تعرّف إليها
ومن ناحية أخرى، إذا أيدت المحاكم موقف بورصات العملات المشفرة أو طالبت الكونغرس بإصدار تشريعات خاصة، فسيكون ذلك دافعًا لنمو واستثمار صناعة الكريبتو.
ومن المحتمل أن تتأثر أسعار العملات المشفرة بنتائج هذه القضايا، خاصة بعد الارتفاع الذي شهدته مؤخرًا، بفضل إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة، التي أثارت توقعات بتدفقات هائلة من الأموال في سوق الكريبتو، مما يشير إلى إمكانية حل الخلاف بين الهيئة التنظيمية وبورصات العملات المشفرة.
من ينتصر في صراع الكريبتو؟
من جهة أخرى، ينتظر المستثمرون والمتداولين في سوق الكريبتو نتيجة هذا الصراع، الذي بدأ في يونيو 2023، عندما رفعت الهيئة التنظيمية دعاوى ضد كوين بيز وبينانس، متهمة إياهما بإدراج أصول مشفرة دون تسجيلها كأوراق مالية، مثل رمز سول (SOL) التابع لشبكة سولانا (solana)، ورمز إف آي إل (FIL) التابع لشبكة فيل كوين (filecoin)، ورموز أكسز (AXS)، التابع لشبكة إكسز إنفينتي (وaxie infinity)، ورموز رقمية أخرى، بأن هذه الأصول كانت في الواقع أوراقًا مالية غير مسجلة.
الصناعة لم تستسلم لهذه الدعاوى، وحصلت على دعم من بعض المشرعين والجماعات المؤثرة، الذين طالبوا المحاكم برفض القضايا. كما استندت البورصات إلى حجج قانونية تبرهن أن عملها مشروع وأن الأصول التي تتداولها ليست أوراق مالية.
اقرأ أيضًا.. رئيس شركة ريبل: سان فرانسيسكو فقدت مكانتها كعاصمة للبلوكتشين
لكن الهيئة التنظيمية لم تتراجع عن موقفها، وأصرت على أن العملات المشفرة هي أوراق مالية تعتمد على المعاملات النقدية وليس على الرموز المميزة. ولهذا السبب، تحاول الهيئة التنظيمية ورئيسها غاري غينسلر إثبات أن البورصات ارتكبت مخالفات واحتيال.
ومن المحتمل أن تكون هذه القضايا حاسمة لمصير سوق الكريبتو في الولايات المتحدة، حيث ستحدد ما إذا كانت الهيئة التنظيمية لديها السلطة على العملات المشفرة أم لا. وقد يكون لهذه القضايا أيضًا تأثير على أسعار العملات المشفرة، التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، بفضل إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة، التي جذبت تدفقات كبيرة من الأموال في سوق الكريبتو.
ومن المهم ملاحظة أن هيئة الأوراق المالية والبورصة ليست لا تقهر في هذا المجال، فقد خسرت قضية جزئية ضد ريبل، شركة عملات مشفرة أخرى، في العام الماضي، حيث حكمت المحكمة الفيدرالية بأن عملة XRP ليست ورقة مالية عند بيعها للأفراد. وهذا الحكم يمثل انتصارًا لصناعة العملات المشفرة، ويمكن أن يستخدم كسلاح للبورصات ضد الهيئة التنظيمية.