لقد أحدتث تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز ثورة في مجال الطب، خاصة وأن هذه التكنولوجيا الرقمية باتت أداة يتم توظفيها في غرف العمليات الجراحية لمساعدة الأطباء على علاج المرضى بطرق مبتكرة وغير تقليدية.
ومن بين الأدوات التي تُبشر بمستقبل واعد في غرف العمليات الجراحية، تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز. والواقع الافتراضي Virtual Reality (VR) هو محاكاة تقوم بها أجهزة الحاسوب لعالم خيالي أو واقع بديل، أما الواقع المعزز Augmented Reality (AR) فهو عبارة عن نسخة محسنة من البيئة المحيطة مع إضافة مكونات رقمية ( أجسام افتراضية أو معلومات) يمكن التفاعل معها وتوفير المساعدة اللازمة للمستخدم.
تحول غير مسبوق تضمنه تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز
ووفقـًا للدكتور مجدل القحطاني، أستاذ الهندسة الصناعية في جامعة الملك سعود، ومستشار علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، فيمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز أن تصنع تحولاً غير مسبوق في قطاع الرعاية الصحية وخاصة في غرف العمليات الجراحية من خلال خلق تجربة نوعية و تفاعلية بين الطبيب و المريض، إذ يمكن استخدام هذه التقنيات في تطبيقات مختلفة في الرعاية الصحية.
اقرأ أيضاً.. ألعاب الواقع الافتراضي تساعد في علاج فرط الحركة والتوحد
وأشار الدكتور القحطاني إلى إمكانية استخدام التقنيات في التدريب الطبي، إذ توفر تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز تجارب فريدة وتفاعلية، ما يسمح لدراسي الطب بممارسة العمليات الجراحية وتقنيات التشخيص في بيئة آمنة.
الواقع الافتراضي والمعزز بديل التخدير
كما يمكن استخدام تقنية الواقع الافتراضي لتشتيت انتباه المرضى عن الألم أثناء الإجراءات الطبية أو كعلاج لإدارة الألم بدون الحاجة إلى التخدير. وقد لجأ أطباء في جامعة برمنجهام بريطانيا العام الماضي بالفعل في استخدام نظارات الواقع الافتراضي لمساعدة المرضى على تخفيف آلامهم، عبر تشتيت انتباهم بإشارات سمعية وبصرية، عوضـًا عن التخدير.
يأتي ذلك فيما يمكن استخدام هذه الأدوات في العلاج التأهيلي. وتستطيع تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز خلق بيئة تمارين تأهيلية محفزة وشيقة وتفاعلية للمرضى الذين يتعافون من الإصابات أو الإعاقات.
اقرأ أيضاً.. الروائح الرقمية: تفعيل حاسة الشم في العالم الافتراضي!
وفي مجال الصحة النفسية، يمكن اللجوء إلى تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز لمحاكاة سيناريوهات وبيئات حقيقية لعلاج مشاكل الضغط النفسي، فضلاً عن الاسترخاء وإدارة الضغط، وهو ما أكد عليه أستاذ الهندسة الصناعية مجدل القحطاني.
وهناك أيضـًا مجال التصوير الطبي التشخيصي، إذ يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، إنشاء صور ثلاثية الأبعاد لتشريح المرضى، ما يسمح للمهنيين الطبيين بفهم وتخطيط الجراحات المعقدة بشكل أفضل. ويعمل الواقع المعزز عن طريق التقاط ما يراه الجراح من خلال كاميرا محمولة على رأسه، ثم تدمّجُ المقاطع المصورة مع الصور الطبية للمريض، وبالتالي تكون التفاصيل كاملة أمام الطبيب المختص.
ووفقـًا لهذه المعايير، يظهر مصطلح «الطب عن بُعد»، حسبما قال الدكتور القحطاني، إذ يمكن استخدام هذا التقنيات لتسهيل الاستشارات عن بُعد والمواعيد الطبية، ما يسمح المختصين بتقديم الرعاية الافتراضية للمرضى في المناطق البعيدة أو ذات الخدمات الصحية الضعيفة.
مستقبل الطب في ظل تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز
وتُظهر المعلومات أن مستقبل الطب بات يرتبط ارتباطـًا وثيقـًا بالكتنولوجيا الرقمية. ومن المتوقع أن تساعد تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز على تحسين الدقة وتقليل أوقات الجراحة بنسبة 11% على الأقل. وقد لاقت هذه التكنولوجيا الثورية رواجـًا في جميع أنحاء العالم ، حيث بات يعتمد عليها الأطباء في الإجراءات الجراحية المختلفة مثل “تغيير مفصل الركبة”.
اقرأ أيضاً.. توقعات بنمو سوق الأزياء في الواقع الافتراضي بنحو 6.61 مليار
ولكن هل تتطور هذه التقنيات إلى حد يُمكن فيه الاستغناء عن الأطباء من البشر؟. الإجابة حتى الآن، لا، ولكن سيظل هذا تحديـًا قائمـًا أمام العقل البشري حتى لا تلغي التقنيات وجوده خاصة في مجالات معقدة وحساسة مثل الطب وخاصة فيما يتعلق بغرف العمليات الجارحية.