تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، شهدت مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، انعقاد القمة العالمية للحكومات 2024، بمشاركة أكثر من 25 رئيس دولة وحكومة، و120 وفداً حكومياً وأكثر من 85 منظمة دولية وإقليمية ومؤسسة عالمية، إضافة إلى نخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، وبحضور أكثر من 4000 مشارك.
وشهدت القمة حوارات تفاعلية بين وزير الدولة للذكاء الاصطناعي بالإمارات عمر العلماء، ورؤساء تنفيذيين لشركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تبادلوا الآراء والخبرات والرؤى حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين حياة الناس وبناء حكومات المستقبل.
ولعل أبرز ما شهدته الجلسات الحوارات التفاعلية التي أدارها عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي في الإمارات، مع المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا (NVIDIA) جنسن هوانغ، والرئيس التنفيذي لشركة OpenAI مؤسس برنامج الذكاء الاصطناعي الأشهر في العالم ChatGPT، سام ألتمان.
لا ينبغي الخوف من الذكاء الاصطناعي
في حوار مباشر بين عمر العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي بالإمارات، وجنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، الرائدة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي، تناول الطرفان موضوع الذكاء الاصطناعي وتأثيره على العالم والمجتمعات.
وقال هوانغ، الذي يقود شركة تحقق نجاحات باهرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتبلغ قيمتها السوقية 1.83 تريليون دولار، وفقًا لموقع «Economy middle east»، إنه لا ينبغي الخوف من الذكاء الاصطناعي، بل ينبغي الاستفادة منه، مثلما استفاد الناس من الثورات الصناعية السابقة، التي غيرت وجه الحياة والاقتصاد.
وأوضح هوانغ، أن الذكاء الاصطناعي هو بداية ثورة صناعية جديدة، تتطلب تطوير وتحسين أداء أجهزة الكمبيوتر، لتتمكن من معالجة كميات هائلة من البيانات، وإنتاج حلول مبتكرة ومستدامة، داعياً كل دولة إلى أن تملك نظامها الخاص بالذكاء الاصطناعي، لتحفظ بياناتها وتاريخها ومستقبلها.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ما هو؟
وعندما سأله الوزير عمر العلماء، عن النصائح التي يمكنه تقديمها للقادة العالميين في مجال الحوسبة، أجاب هوانغ: «نحن نعيش في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يشبه الثورات الصناعية السابقة، التي اعتمدت على البخار والكهرباء والكمبيوتر والإنترنت».
وأضاف: «الاستثمار في مراكز البيانات يقترب من تريليون دولار، وهذا الرقم سيزداد بشكل كبير في السنوات القادمة»، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو الجيل القادم من هذه التكنولوجيا، الذي سيمكن أجهزة الكمبيوتر من إنشاء محتوى جديد ومدهش.
وتابع: «لقد ساهمنا في تحسين أجهزة الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي بمعدل مليون مرة في العقد الماضي، ولذلك يجب أن نتوقع أنه سيكون أسرع وأفضل في المستقبل».
وعن الدول النامية التي لا تستطيع مجاراة هذا التطور، قال هوانغ إن الحل هو «دمقرطة التكنولوجيا»؛ أي توفير الفرصة للجميع للوصول إلى الابتكارات والمشاركة في تطويرها، بدلاً من حصرها في يد شركات أو دول معينة، مؤكداً أن هناك الكثير من الباحثين في الجامعات الذين يعملون في هذا المجال، ويمكن الاستفادة من خبراتهم وإبداعاتهم.
و«دمقرطة التكنولوجيا» تعني إتاحة الابتكارات للجميع للعمل عليها ومحاولة تطويرها بدلاً من احتكارها لشركات ومؤسسات محددة تمتلك حقوق براءات الاختراع، وهذا يسمح للجميع بالعمل على التكنولوجيا حتى لو كان مبتدئ أو بإمكانيات قليلة لأنه يبدأ من حيث انتهى الآخرين.
هوانغ يشيد بخطوات الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي
وقال هوانغ، خلال حواره مع الوزير عمر سلطان العلماء، إن الإمارات عززت مكانتها من خلال دمج اللغة العربية في أنظمتها المتطورة وابتكار نموذج للذكاء الاصطناعي إماراتي الصنع، مشيدا بجهود شركة «Core42» وشركات التكنولوجيا المختلفة في الإمارات.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل.. قادة شركات يتحدثون لـ«فاينانشيال فريدوم توداي»
وأضاف: «أول شيء يجب على كل دولة القيام به هو بناء البنية التحتية وليس العمل على تطبيق معين، فإذا كنت ترغب في تطوير الطاقة، عليك أن تبني المولدات، وإذا كنت تريد الغذاء، عليك أن تبني المزارع، وإذا كنت تريد الذكاء الاصطناعي، عليك أن تبني البنية التحتية، إنها ليست باهظة الثمن، ولكن هناك شركات تريد تخويف الجميع، بينما في الواقع هناك أجهزة كمبيوتر يمكنك شراؤها، وكل دولة قادرة على القيام بذلك».
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، أن تنظيم الذكاء الاصطناعي، مثل أي تقنية جديدة، يتطلب تطويره بطريقة تضمن للجميع استخدامه بشكل آمن، على غرار تنظيم صناعة السيارات والأدوية وجميع الصناعات الخاضعة للتنظيم، متابعًا: «نريد إضفاء الطابع الديمقراطي على هذه التكنولوجيا لتحقيق الأمان والتوافق».
وفيما يتعلق بالعلاقة بين الذكاء الاصطناعي وتعليم الأطفال في المستقبل، علق هوانغ: «ربما تتذكرون السنوات العشر الماضية، كان الجميع يعتقد أنه من الضروري أن يتعلم الأطفال علوم الكمبيوتر وكيفية البرمجة، والحقيقة أن العكس هو الصحيح؛ يمكننا إنتاج تكنولوجيا الكمبيوتر بحيث لا يضطر الجميع إلى البرمجة، وبالتالي أصبح الجميع الآن مبرمجين وهذه هي المعجزة؛ يتفاعل العديد من الأشخاص مع الذكاء الاصطناعي وكل شركة تتحدث عنه اليوم، ويمكن لأي شخص أن يصبح عالمًا أو خبيرًا».
سام ألتمان يتحدث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي
في مكالمة فيديو مشتركة بين سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي (OpenAI)، وعمر سلطان العلماء، وزير دولة الإمارات للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد، تناول الطرفان موضوع الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمع والاقتصاد.
وأوضح ألتمان، الذي يقود شركة مسؤولة عن تطوير برنامج الدردشة الآلي تشات جي بي تي (ChatGPT)، أنه يشعر بالقلق من المخاطر التي قد ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي في المستقبل، خاصة «الاختلالات المجتمعية الدقيقة للغاية» التي قد تنجم عن استخدام الأنظمة الذكية بطريقة غير مدروسة.
اقرأ أيضًا.. الوظائف التقنية الأعلى أجرا لعام 2023.. تعرف إليها
وطالب ألتمان بضرورة إنشاء هيئة دولية تشبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة وتنظيم التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، قائلا: «هناك بعض السيناريوهات التي يمكن تصورها بسهولة حيث تخرج الأمور عن السيطرة، وأنا لا أقصد الروبوتات القاتلة التي تهاجم الناس في الشوارع، بل أقصد الاختلالات المجتمعية الدقيقة للغاية، حيث تكون هذه الأنظمة موجودة في المجتمع، وبدون أي نوايا سيئة محددة، تتسبب في كوارث هائلة».
وأشار ألتمان إلى أن صناع الذكاء الاصطناعي، مثل أوبن إيه آي (OpenAI)، ليس لديهم السلطة أو الخبرة لوضع القوانين واللوائح التي تحكم هذا المجال، وقال: «نحن لا نزال في مرحلة النقاش الكثيف. فكل شخص في العالم ينظم مؤتمرًا أو يكتب فكرة أو ورقة سياسية، وهذا أمر جيد، فأعتقد أننا نحتاج إلى نقاش صحي في هذا الوقت، لكن في وقت ما في السنوات القادمة يجب أن نتحول إلى خطة عمل تحظى بدعم عالمي حقيقي».
ماذا لو كان سام ألتمان وزيرًا للذكاء الاصطناعي بالإمارات؟
وفي سؤال مباشر من عمر سلطان العلماء، وزير دولة الإمارات للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد، عن ماذا سيفعل لو كان في موقعه وزيرًا للذكاء الاصطناعي، أجاب ألتمان بالإشادة بجهود الوزير وبلاده في هذا المجال، قائلا: «أعتقد أنني سأفعل ما تفعلونه وأقدر ما تقومون به، وهو أنني سأحاول إيجاد طريقة للتنظيم تسمح للناس بتجربة هذه التكنولوجيا وكأنهم في المستقبل بحيث يستطيعون تخيلها في أحلامهم وكيف سيكون شكل العالم بها».
اقرأ أيضًا: كيف يستكشف قادة الأعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي في بيئات العمل؟
وأضاف: «أعتقد أن إنشاء القواعد التنظيمية أمر صعب جدًا، لكنه يستحق المحاولة من أجل بناء مستقبل أفضل»
واختتم: «أظن أن الخوف من الذكاء الاصطناعي ينبع من أن التكنولوجيا التي لدينا الآن تشبه أول هاتف محمول؛ لذا نحتاج إلى بعض الوقت، ولكنني أرى أنه بعد سنوات قليلة سيتحسن الوضع كثيرًا عما هو عليه الآن، وبعد عشر سنوات، سيكون الأمر رائعًا جدًا».