فيما يشبه انتفاضة البشر للدفاع عن حقوقهم المعنوية ضد تزييفات روبوتات الذكاء الاصطناعي، أزيلت أغنية هارت أون ماي سليف Heart on my sleeve، المستنسخة بتقنيات الذكاء الاصطناعي بصوت المغنيين الكنديين دريك Drake، وذا ويكند The Weeknd، من على أغلب منصات بث الفيديوهات والموسيقى ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت خلال الأيام الماضية، بعد جدل واسع أثارته منذ طرحها في 4 أبريل، مما استدعى تدخل عملاق الموسيقى يونيفيرسال ميوزيك جروب لإزالتها لما تمثله من انتهاك لحقوق الشركة الناشرة صاحبة الحق في توزيع أغاني الفنانين.
ليُثار الآن تساؤلات: كيف سيحمي البشر حقوقهم ضد الانتهاكات المستندة إلى الروبوتات؟ وهل القوانين الحالية قادرة على تحقيق ذلك أم إنها تحتاج إلى تطوير لتواكب التطور التكنولوجي المذهل الحالي؟
اقرأ أيضًا.. الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي.. فوضى التضليل
ما قصة أغنية دريك وذا ويكند؟
في 4 أبريل، أطلق حساب مجهول باسم غوست رايتر ghostwritter977 على موقع تيك توك، أغنية باسم Heart on my sleeve، على منصات Spotify, Apple Music, SoundCloud, Amazon Music, Deezer, YouTube, Tidal، وفي يوم الجمعة 15 أبريل نشر إصدارًا منها مدته دقيقة على موقع تيك توك، قال الحساب إنه استنسخ صوت المغنيين الكنديين ذا دريك Drake وذا ويكند The Weeknd لأدائها عبر الذكاء الاصطناعي، وحصدت الأغنية ملايين الاستماعات عبر الإنترنت منذ طرحها.
الأغنية كانت عبارة عن حوار بين المغنيين الاثنين حول المغنية والممثلة والمنتجة الأمريكية سيلينا غوميز، التي كانت في علاقة مع المغني ذا ويكند ثم انفصلا.
ساعد النجاح الباهر الذي حققته الأغنية في جعلها في طليعة الجدل الذي تكثفت مؤخرًا حول روبوتات الذكاء الاصطناعي التوليدي ولا سيما منذ إصدار شات جي بي تيChatGPT الخاص بشركة Open AI ومولدات الصور مثل DALL-E.
وكتب الحساب المجهول Ghostwriter الذي نشر الأغنية على YouTube جملة «هذه مجرد البداية»، في إشارة منه إلى أن هناك المزيد.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي يخدع لجنة تحكيم جائزة سوني للتصوير.. ما القصة؟
كيف واجهت الشركة الممثلة لـ دريك وذا ويكند القضية؟
من جهتها، تدخلت شركة يونيفرسال ميوزيك جروب، التي تمتلك حقوق التأليف والنشر للمغنيين الاثنين، واعتبرت أن ما يجري هو انتهاك لقانون حقوق النشر.
وقالت الشركة، في بيان لها أرسلته لموقع billboard يوم الإثنين الماضي، إن المنصات لديها مسؤولية قانونية وأخلاقية لمنع استخدام الخدمات التي تضر بالفنانين، وتسألت، إلى أي جانب من التاريخ يريد أصحاب المصلحة في الوسط الموسيقي أن ينحازوا، جانب الفنانين والمعجبين والتعبير الإبداعي البشري، أم جانب التزييف العميق والاحتيال وحرمان الفنانين من حقوقهم.
وعلى الفور أزيلت الأغنية التي حصدت في البداية على تيك توك أكثر من 15 مليون مشاهدة، ثم تم إزالتها من آبل ميوزيك Apple Music وسبوتيفاي Spotify، وديزر Deezer، وتيدال Tidal، ويوتيوب.
تقول نيويورك تايمز في تقرير لها، إن محاكاة صوتي دريك وذا ويكند اللذين يعدان من أشهر الموسيقيين على هذا الكوكب، تمثل إزعاجا بسيطا نظرا لحداثة هذه الظاهرة، والتي تم القضاء عليها بسهولة عبر إزالتها من منصات البث، لكن بالنسبة للآخرين في الصناعة تمثل هذه الأغنية شيئا أكثر خطورة.
ومع ازدهار منتجات الذكاء الاصطناعي بسرعة عبر النصوص والصور والصوت والفيديو، يقول الخبراء إن التكنولوجيا يمكن أن تعيد تشكيل الصناعات الإبداعية على جميع المستويات.
اقرأ أيضًا.. الصندوق الأسود لـ غوغل Bard.. يُعلّم نفسه ويضلل ويراوغ!
قانون حقوق النشر ليس واضحا بشأن الذكاء الاصطناعي
من جهتها، نقلت بي بي سي نيوز عن محامي الملكية الفكرية، جاني إيهالاينن، قوله إن القانون المتعلق بحقوق النشر والذكاء الاصطناعي ليس واضحًا، وأشار إلى أنه مع ذلك فإن الصوت العميق المزيف، الذي لا ينسخ أداءً محددًا، ويمكن اعتباره عملاً محميًا في حد ذاته، لافتا إلى أن التشريعات الحالية ليست كافية في أي مكان لمعالجة التزييف العميق والقضايا المحتملة فيما يتعلق بالملكية الفكرية والحقوق الأخرى.
وقال توني ريج، المحاضر في إدارة صناعة الموسيقى بجامعة سنترال لانكشاير ومستشار صناعة الموسيقى، إن حل هذه المشكلات سيستغرق وقتًا، مضيفا: ربما يكون الجانب الأكثر إثارة للقلق في هذه القضية هو تقويض الحقوق المعنوية. إذا كان بإمكان أي شخص تقليدك، وتقليد علامتك التجارية، وصوتك، وأسلوبك، فقد يكون ذلك مشكلة كبيرة، ومن هنا يقع على عاتق القانون توفير العلاج اللازم.
وترى بي بي سي أن استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الموسيقى سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي يعد هناك توترات ناشئة عن قدرته على تقويض قيمة الإبداع البشري، في الوقت نفسه يمكن أن يزيد من قيمة هذا الإبداع.
في حين أن الاحتمالات هائلة وتزداد تطورا، فمن الصعب تخيل المدى الكامل لإمكانات الذكاء الاصطناعي للتأثير على إنشاء الموسيقى واستهلاكها وأعمالها في ما يَعِد بعصر تحولي.