على الرغم من بلوغه الـ68 عامًا، إلا أن ستيف بالمر، الرئيس التنفيذي الأسبق لمايكروسوفت، قد خاض مسيرة مهنية استثنائية انتقل خلالها من كونه مساعدًا لبيل غيتس إلى أن أصبح سادس أغنى رجل في العالم.
يُقدر صافي ثروة ستيف بالمر بحوالي 146 مليار دولار حسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، محتلًا بذلك المركز السادس عالميًا في قائمة الأثرياء، ويأتي بيل غيتس، مؤسس مايكروسوفت، في المرتبة الخامسة بثروة تقدر بـ1543 مليار دولار.
رحلة ستيف بالمر المهنية
بالنظر إلى مسيرة ستيف بالمر المهنية تجد أن هناك الكثير من الأسرار وراء نجاحه، لكنها لم تكن دائمًا إنجازات، وهو في سن الرابعة والعشرين، ترك بالمر كلية إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد لينضم إلى مايكروسوفت مع بيل غيتس، زميله السابق في جامعة هارفارد، وتم تعيينه في الشركة بصفته الموظف رقم 30، وحصل على راتب أساسي قدره 50 ألف دولار.
وسرعان ما أصبحت شركة التكنولوجيا الصغيرة الناشئة واحدة من أسرع الشركات نموًا في أميركا، حيث تجاوزت شركة أبل الحالية وهيمنت على نمو أجهزة الكمبيوتر الشخصية في التسعينيات من خلال تطوير نظام التشغيل ويندوز (Windows).
اقرأ أيضًا: قصة نجاح ساتيا ناديلا في قيادة مايكروسوفت
وتولى بالمر منصب الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، خلفًا لبيل غيتس خلال فترة انتقالية مهمة، في عام 2000، حيث تمكن من إدارة آثار قضية مكافحة الاحتكار الشهيرة التي يعود تاريخها إلى عام 1998، بالإضافة إلى آثار انهيار الدوت كوم وظهور منافسة شرسة من المنافسين غوغل وأبل.
وضاعف بالمر إيرادات مايكروسوفت السنوية ثلاث مرات لتصل إلى ما يقرب من 78 مليار دولار خلال فترة ولايته، وتضخمت الأرباح إلى 22 مليار دولار خلال آخر سنة مالية كاملة له كرئيس تنفيذي.
ولا يزال بالمر يمتلك حصة تقدر بنحو 4.5% في مايكروسوفت، وقد شهد قيمتها ارتفاعًا إلى مستويات أبعد، في أعقاب رهان خليفته ساتيا ناديلا على الذكاء الاصطناعي وشركة أوبن إيه آي (OpenAI)، وتجاوزت قيمتها السوقية على جميع الشركات الأخرى، وأصبحت الشركة الأكثر قيمة في العالم، بقيمة 3.2 تريليون دولار.
وفي عام 2021، أصبح ستيف بالمر الشخص التاسع في العالم الذي يبلغ صافي ثروته أكثر من 100 مليار دولار، كما أن بالمر هو الملياردير الوحيد الذي جمع ثروته كموظف، وليس كرجل أعمال.
ومنذ أن ترك مايكروسوفت، اتجه بالمر بشدة نحو العمل الخيري، وتبرع بما يقرب من ملياري دولار لصندوق غولدمان ساكس الخيري الذي ينصح به المانحون والذي يركز على الحراك الاقتصادي في عام 2018، بالإضافة إلى الإعلان عن دعم الكثير من الشركات، حيث استثمر حوالي 175 مليون دولار على مدى السنوات السبع المقبلة، بهدف مساعدة 4 ملايين شاب.
نصائح ستيف بالمر للنجاح
في مقابلة مع مجلة فورتشن ، أفصح ستيف بالمر، عن بعض الإرشادات الأساسية للنجاح. أكد بالمر على أهمية قدرة الرئيس التنفيذي على فهم وإدراك السوق بشكل كامل، مشيرًا إلى أنه إذا لم يكن الرئيس التنفيذي قادرًا على رؤية الصورة الكاملة للمنافسة، فلن فهم السوق.
وقال بالمر: «إذا كان الرئيس التنفيذي لا يرى الملعب، فلن يتمكن أي شخص آخر من رؤيته، قد يحتاج الفريق إلى رؤية ذلك أيضًا، لكن الرئيس التنفيذي يحتاج حقًا إلى أن يكون قادرًا على رؤية المساحة التنافسية بأكملها».
تشمل منتجات مايكروسوفت المتعددة، مثل الخدمات السحابية والحوسبة الشخصية، عدة أسواق متنوعة، وتواجه منافسة شديدة في كل مجال.
خلال فترة بالمر كرئيس تنفيذي، تعرض لانتقادات بسبب عدم مواكبته السريعة للتغيرات في السوق، حيث كانت شركات مثل سامسونغ ونوكيا وغوغل وأبل تتقدم في مجالات الأجهزة المحمولة والحوسبة السحابية. ومع ذلك، شهدت مايكروسوفت نموًا كبيرًا في الإيرادات خلال فترة قيادته.
اقرأ أيضًا: الشركة الأعلى قيمة عالميًا.. كيف تفوق ساتيا ناديلا في قيادة مايكروسوفت؟
لخص ستيف بالمر، الرئيس التنفيذي السابق لمايكروسوفت، مفاتيح النجاح في حياته المهنية بثلاث نصائح رئيسية:
التركيز على المواهب
خلال فترة قيادته في مايكروسوفت، اختار بالمر شخصيات بارزة في صناعة التكنولوجيا، مثل ستيفن سينوفكسي الذي قاد فريق ويندوز، وجي ألارد الذي كان رئيسًا للتكنولوجيا في إكس بوكس، وراي أوزي الذي شغل منصب كبير مهندسي البرمجيات.
في حوار له مع صحيفة وول ستريت جورنال عام 2009، أشار بالمر إلى أهمية تطوير الموظفين الحاليين والاستعداد لاستقبال مواهب جديدة، مع التأكيد على الحاجة إلى التحقق من المراجع عند التوظيف.
يعتبر بالمر الشغف والقدرة على الارتباط بالآخرين من الصفات الأساسية التي يبحث عنها في المرشحين للعمل، ويفضل الأسئلة التي تكشف عن فخر الموظفين بإنجازاتهم.
وأخيرًا، يؤمن بالمر بأن التغيير المستمر في بيئة العمل يتطلب إعادة التفكير المستمرة، مؤكدًا على أن “ساحة اللعب تتغير دائمًا”.
خطط على المدى القصير والطويل
في حديثه لمجلة فورتشن عام 2013، أكد بالمر أن الإنجازات الكبرى التي تحقق الأرباح الضخمة تتطلب وقتًا طويلًا، مشيرًا إلى أن العملية الفعلية لتحقيق ذلك يجب أن تكون في دورة زمنية أقصر.
من بين المبادرات طويلة الأمد التي ساهم فيها مشروع «USAFacts»، وهو مركز معلومات يجمع ويفحص كيف تقوم الحكومات الفيدرالية والولائية والمحلية بجمع الإيرادات وإنفاقها. تشتمل قاعدة البيانات هذه على تقارير يمكن للمستخدمين استخدامها للحصول على بيانات حول موضوعات متنوعة تتراوح من نسب الضرائب إلى معدلات الجرعات الزائدة والجرائم في الولايات المتحدة.
يُعرف الموقع بأنه مبادرة مدنية مستقلة عن الأحزاب السياسية وغير هادفة للربح، بدون أي أهداف سياسية أو تجارية.
اقرأ أيضًا.. رسالة بيل غيتس إلى أثرياء العالم.. هل المليارديرات أخلاقيون؟
اعرف مواضع التقصير
في ختام مقابلته لعام 2013، أوضح بالمر أنه يمتلك فهمًا أعمق للشؤون التجارية مقارنة بالتقنية، معترفًا بأن النضج يجلب معه إدراكًا للمعرفة التي كان يجهلها، ومعبرًا عن ذلك بعبارة «لا أدري».
ويعتبر بالمر أن التقييم الذاتي والقدرة على تحديد نقاط الضعف أمران حاسمان لتحقيق النجاح. يؤكد على أنه من دون معرفة العيوب أو أسباب الفشل، لا يمكن تصحيح المسار والسير نحو الهدف بشكل فعّال.