صارت منصات تداول العملات المشفرة توازي بأهميتها منصات التداول التقليدية والمصارف. ولأن عالم المال والاستثمار محفوف دائمًا بالمخاطر، يتردد دائمًا السؤال: ماذا سيحدث إذا أعلنت منصات تداول العملات المشفرة إفلاسها؟
غالبًا ما ينتهي مطاف الشركات المفلسة بإغلاق أبوابها، وبالتالي التوقف عن تأدية أعمالها وتوفير خدماتها للعملاء. وبعد إعلان الإفلاس قد يتعرض بعض العملاء المعنيين لعواقب جسيمة مثل فقدان أسهمهم، أو أصولهم ومدخراتهم داخل الشركة.
تعريف الإفلاس
يصف مصطلح الإفلاس بشكل عام الوضعية القانونية لفرد طبيعي أو فرد معنوي كشركة ما مدين بالمال لأطراف أخرى، وغير قادر على سداد هذه الديون والوفاء بالتزاماته المالية تجاه دائنيه.
اقرأ أيضًا: 4 طرق لتجنب خسائر العملات المشفرة
والجدير بالذكر أن الشركة التي تعمد إلى تقديم طلب الإفلاس وبالتالي الإعلان عنه هي ليست إلّا شركة قد غرقت في بحر من الديون وباتت غير قادرة على الخروج من دوامة الالتزامات الثقيلة. وبالتالي فإن إعلان الإفلاس ليس بالعملية البسيطة، إذ يتطلب سلسلة من الإجراءات ذات طابع قانوني.
تتعدد أنواع الإفلاس، فهناك ستة على الأقل يتميز كل نوع منها بشروط وأحكام خاصة به. وبصفة عامة، ينظر إلى عملية إعادة تنظيم الأعمال على أنها أكثر أنواع الإفلاس شيوعًا بين المؤسسات والشركات.
لماذا تعلن منصات تداول العملات المشفرة إفلاسها؟
تتميز صناعة العملات المشفرة بكونها مؤسسات مالية لا مركزية وغير خاضعة لسلطة الحكومات والمصارف. وبمعنى آخر، فهي صناعة حرة غير منظمة بطبيعة الحال.
ونظرًا لهذه الطبيعة التي تتصف بها صناعة التشفير، قد تكون قوانين الإفلاس التقليدية والشائعة في العالم المالي غير قابلة للتطبيق والتنفيذ على مشاريع العملات المشفرة بما في ذلك مشاريع البلوكشين ومنصات تداول العملات المشفرة.
وانطلاقًا من هذه الحقيقة التي قد تكون صعبه لبعض المستخدمين، قد تخفق بعض القوانين في تأمين الحماية اللازمة للمستهلكين في حال أقدمت إحدى شركات العملات المشفرة على إعلان إفلاسها. فما الذي يحصل فعلًا لأموال المستثمرين في هذه الحالة؟
1. تجميد أصول المستثمرين
فكما هو الحال في عالم الشركات التقليدي، يفقد العميل إمكانية التصرف بأصوله فور إعلان الإفلاس من قبل منصة تداول العملات المشفرة المعنية. فما أن تفلس هذه المنصة، ستتعطل كل أعملها ونشاطاتها المالية، سالبةً عملائها القدرة على إجراء المعاملات شتى، وعلى وجه الخصوص، عمليات السحب. واعتمادًا على نوع الإفلاس الذي وقعت المنصة ضحيته، قد يتعسر على العملاء الوصول إلى ودائعهم وسحبها طالما أن شركة العملات المشفرة عاجزة عن سدادها.
أما إذا ساء وضع الشركة لتصبح غير قادرة أبدًا على سداد المدفوعات، فإن ملف الإفلاس سيحدد الجزء الذي سيتم سداده من ممتلكات العملاء المشفرة. ما يعني أن الدين سيتم تسكيره بفضل ودائع المستثمرين بشكل غير إرادي. أما فيما يخص المبلغ الذي يجب دفعه للعميل في أي قضية إفلاس، تتولى المحكمة تدابير الأمور. فغالبًا ما تحكم المحكمة على أن يتم دفع المبلغ المالي على فترة زمنية معينة وبالطريقة التي تقرره. هذا ويتم إبلاغ العميل بموعد الدفع وبمقدار الحصة التناسبية من ودائعهم التي لا بد أن ترجع إلى جيوبهم.
2. ودائع العملات المشفرة غير مؤمنة
نظرًا لطبيعة العملات المشفرة وافتقارها للتنظيم، تعد الودائع والاستثمارات في شركات العملات المشفرة ومشاريعها مفتقرة للتأمين. هذا وقد يؤدي غياب التأمين إلى جعل العملاء عرضة لمخاطر أكبر وأشمل من شأنها أن تثير خسارات جسيمة على صعيد الأموال والممتلكات القيمة.
3. سداد ما تبقى من شركة العملات المشفرة المفلسة وفقًا للأولويات
تنص قوانين إجراءات الإفلاس على أنّ سداد الحصة التناسبية للعملاء يتم وفقًا لترتيب قائمة الأولويات. وبعبارة أخرى، هناك معايير أساسية تحدد من هو الأول في الصف لكي يتقاضى نسبته عندما تعلن الشركة عن إفلاسها. وعادة ما ينقسم العملاء إلى فئتين ألا وهما الدائنون المضمونون والدائنون غير المضمونين. ونظرًا لارتباط الدائنين المضمونين بشكل مباشر مع موجودات واستثمارات تتمتع بامتيازات، يتصدر هؤلاء المركز الأول في اللائحة.
مسؤولية العميل
إن تحتّم الإفلاس فلا مهرب منه. ولكن لتجنب تكبد مخاطر وخسارات جسيمة لا بد لأي عميل أن يلبي معايير “إعرف عميلك” عند التسجيل على أي منصة من منصات تداول العملات المشفرة. فبهذه الطريقة، يطّلع العميل على كافة المعلومات التي من شأنها أن تسنده في حال وقوع أي إفلاس محتمل وبالتالي استرداد أصوله والحفاظ على مصلحته بشكل فعال.