كشف تقرير نشرته رويترز وقائع مروعة بحق العمال في شركة سبيس إكس، التي تعود ملكيتها إلى الملياردير إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم. وتشمل هذه الوقائع إصابات خطيرة بين العمال ومشاكل جمة في بيئة العمل، حيث يواجه العديد من العمال مخاطر صحية نتيجة للعمل الشاق الذي يتطلبه تحقيق حلم إيلون ماسك بالسفر إلى المريخ.
تأسست شركة سبيس إكس في عام 2002 على يد إيلون ماسك، وتستهدف استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى تطوير قطاعات صناعة الطيران والنقل الفضائي. ومنذ إعلان إيلون ماسك عن حلمه الوصول إلى المريخ، أصبحت سبيس إكس مركز اهتمام المتحمسين والموهوبين الراغبين في استكشاف الفضاء.
على الرغم من سمعة إيلون ماسك بصرامته في العمل والضغط الذي يفرضه على فريقه، فإن العديد من العمال انضموا إلى الشركة بحماسة كبيرة، تجذبهم فرصة العمل في مجال التكنولوجيا الفضائية. وعلى الرغم من توفير سبيس إكس بعض المزايا للعمال، مثل الرعاية الطبية والابتكار، فإن إيلون ماسك يفرض ضغطًا كبيرًا على الموظفين لإنجاز المهام في أسرع وقت ممكن، مما ساهم في نجاح الشركة.
اقرأ أيضًا: صراع الأغنياء.. جيف بيزوس ينافس ماسك بالاستثمار في الفضاء مع ناسا
على مدار السنوات الماضية، قدمت سبيس إكس إنجازات عديدة في مجال الفضاء، حيث نجحت في إطلاق العديد من الأقمار الصناعية والصواريخ الفضائية. وأنشأت أيضًا وحدة تسمى «ستارلينك»، التي تهدف إلى إطلاق 40 ألف قمر صناعي لتغطية الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
بفضل هذه الإنجازات، ازدادت قوة سبيس إكس بشكل كبير، حيث يبلغ عدد موظفي الشركة أكثر من 13 ألف عامل، وتقدر قيمتها بين 32 مليار دولار و150 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أكثر الشركات الخاصة قيمة في العالم. وتواصل الشركة تحقيق إيرادات تقدر بحوالي 9 مليارات دولار في العام الحالي، مع التوقعات بزيادة المبيعات إلى حوالي 15 مليار دولار في عام 2024.
ضغوط على عمال سبيس إكس لاستعمار المريخ
وعلى الرغم من هذه النجاحات، يبدو أن إيلون ماسك غير راضٍ عن تقدم الشركة، حيث لم يتحقق بعد حلمه في استعمار المريخ. وهذا يدفعه إلى ممارسة ضغوط أكبر على العمال لزيادة الإنتاجية. يعاني واقع العمل في الشركة من صعوبات ومشاكل، بما في ذلك إصابات العمال والضغط الشديد الذي يفرضه إيلون ماسك على الفريق لتحقيق أهدافه الطموحة.
وفقًا لتقرير رويترز،، تكشفت ممارسات قاسية في شركة سبيس إكس بحق العمال، حيث بدأت الشركة في التضحية بصحة وسلامة العمال وتجاهل مشاكلهم الصحية من أجل زيادة الإنتاجية.
اقرأ أيضًا: خدمة ستارلينك Starlink: كل ما تود معرفته حول الإنترنت الفضائي من إيلون ماسك
أحد العمال السابقين في شركة سبيس إكس، ترافيس كارسون، كشف أن بعض العمال يتناولون عقار أديرال بدون وصفة طبية، وهو منشط يستخدم لمعالجة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بهدف زيادة تركيزهم في العمل. وتعمل الشركة وفق وتيرة عمل مكثفة، مما يضع ضغوطًا كبيرة على العمال ويجبرهم على اللجوء إلى هذه الوسيلة للتكيف مع الظروف.
عدد ساعات العمل في سبيس إكس يتجاوز الـ80 ساعة أسبوعيًا
أفاد أربعة عمال حاليين وسابقين في الشركة أن بعض الموظفين يعملون لفترات طويلة تصل إلى 80 ساعة في الأسبوع، وأنهم يضطرون للنوم في المنشأة نفسها لإنجاز المزيد من العمل. وبعض العمال حتى يضطرون للنوم في الحمامات بسبب التعب الشديد الذي يعانون منه.
ووفقًا للتقرير، يعمل عمال اللحام في سبيس إكس في ظروف صعبة، حيث يقومون باللحام في هياكل الخيام في مواقع الإطلاق، ويتعاملون مع درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 100 درجة فهرنهايت أثناء العمل على صواريخ الشركة. وللتعامل مع مشكلة الحرارة، يتلقى العمال علاجًا عبر الوريد للمضي قدمًا في العمل.
اقرأ أيضًا: ستارلينك Starlink.. هل سيطر إيلون ماسك على الفضاء؟
كما كشفت الوكالة أن أكثر من 600 عامل تعرضوا للإصابات في منشآت سبيس إكس خلال تسع سنوات، ولكن الشركة لم تقدم تقارير رسمية عن هذه الإصابات إلى إدارة السلامة والصحة المهنية. ووفقًا للتقرير، معدل الإصابات في المنشآت التابعة للشركة تجاوز متوسطات صناعة الفضاء في نفس الفترة.
وفي مقابلات مع أكثر من 36 شخصًا، كشفت رويترز أن بعض العمال الحاليين والسابقين أبدوا قلقهم بشأن الضغط في مكان العمل، حيث يحاولون الاستفاقة مع الوتيرة السريعة التي يرغب إيلون ماسك في تحقيقها في الشركة.
ومن المعروف أن الملياردير الأميركي يضغط منذ فترة طويلة على شركة سبيس إكس لبناء صاروخ يتيح للبشر السفر إلى المريخ في يوم من الأيام.
اقرأ أيضًا.. كيران كوازي.. قصة أصغر موظف في سبيس إكس عمره 14 عامًا
إيلون ماسك يساهم في مخاوف السلامة في سبيس إكس
أشار توم مولين، المهندس السابق في الشركة، إلى أنه كان واحدًا من عدد قليل من الموظفين الذين تم فصلهم بعد تقديم شكاوى بشأن بيئة العمل في الشركة.
وأشار أربعة موظفين حاليين إلى أن إيلون ماسك نفسه ساهم في بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة في سبيس إكس، من خلال تجنبه استخدام الألوان الزاهية التي تستخدم أحيانًا لأسباب تتعلق بالسلامة. وقد أفاد ثلاثة مشرفين سابقين في الشركة بأنه طُلب منهم إعادة طلاء الآلات الصفراء باللون الأسود أو الأزرق، وطُلب من بعض العمال عدم ارتداء سترات أمان صفراء زاهية عندما يكون الملياردير في الموقع.
ومع ذلك، أزاحت الشركة عن نفسها مسؤولية عن إصابات العمال، مؤكدة أنها تقدم تدريبًا على السلامة للعمال، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
وأشارت الشركة في ردها على أحد الاستفسارات من إدارة السلامة والصحة المهنية، وفقًا لرويترز، إلى أن المهندسين هم المسؤولون في النهاية عن جميع جوانب المكونات والأنظمة.
ومن الواضح أن إيلون ماسك يدير شركاته وفق وتيرة عمل متسارعة، وأحيانًا يتطلب ذلك المشاركة في سباقات لإنجاز العمل بسرعة وحتى العمل والنوم في المصنع في شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية.
وقال والتر إيزاكسون، مؤلف سيرة إيلون ماسك، إن الملياردير لديه شعور يصل حد الهوس بضرورة الإنجاز السريع، وهو ما يترك أثرًا على صحة موظفيه العقلية والجسدية الذين يشعرون طيلة الوقت بأنهم يعملون تحت ضغط لتحقيق الأهداف بسرعة عالية وعلى نحو مستمر، مما يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق والإجهاد.
وفيما يتعلق بالبيئة العملية، يمكن أن يشعر الموظفون بالقلق بشأن سلامتهم وسلامة زملائهم. قد يكون هناك ضغط على الموظفين للعمل بسرعة ودون وقفة للتفكير في السلامة والإجراءات الوقائية المناسبة.
توقعات بوصول قيمة سبيس إكس لنصف تريليون دولار
في سياق آخر، توقع المستثمر والملياردير رون بارون، مؤسس شركة بارون كابيتال لإدارة الاستثمار، أن تصل قيمة شركة سبيس إكس لحوالي نصف تريليون دولار بما يعادل 500 مليار دولار في عام 2023.
ويمتلك الملياردير رون باورن، حوالي 1.7 مليار دولار من الأسهم في شركة تقنيات الفضاء.
وأضاف بارون، في مقابلة مع شبكة سي إن بي سي، أن طرح وحدة ستارلينك، المتخصصة في الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في شركة سبيس إكس، سوف تصل قيمتها إلى 300 مليار دولار بعد تحويلها إلى شركة مستقلة وطرحها للاكتتاب العام بالبورصة في عام 2027.
ويمتلك إيلون ماسك، حصة قدرها 42% في شركة سبيس إكس، ويسيطر على 79% من قوة التصويت فيها.