تعود جذور صناعة التكنولوجيا المالية Fintech إلى أواخر القرن العشرين مع ظهور الخدمات المصرفية الإلكترونية وتداول الأسهم عبر الإنترنت. منذ ذلك الحين توسعت التكنولوجيا المالية وتغيرت بمرور الوقت نتيجة للتقدم التكنولوجي والإنترنت الأمر الذي ساعد في إنشاء خدمات ومنتجات مالية جديدة بهدف تعزيز الصناعة بشكل عام.
ساعدت الأزمة المالية العالمية لعام 2008 على نمو التكنولوجيا المالية من خلال زيادة طلب العملاء على الخدمات المصرفية والمالية غير التقليدية. أدى ظهور الأجهزة المحمولة والاستخدام الواسع للهواتف الذكية أيضًا إلى نمو صناعة التكنولوجيا المالية حيث أصبح بإمكان العملاء الوصول إلى الخدمات المالية من أي مكان وفي أي وقت.
تطور صناعة التكنولوجيا المالية
لم تكن صناعة التكنولوجيا المالية كما نعرفها اليوم موجودة قبل أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين. ويمكن إرجاع أصول التكنولوجيا المالية إلى ظهور أنظمة الكمبيوتر ونمو الخدمات المصرفية الإلكترونية في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.
ومن أبرز الأمثلة على منتجات وأعمال التكنولوجيا المالية التي ظهرت في أواخر التسعينيات نذكر ما يلي:
– منصات تداول الأسهم عبر الإنترنت: تمكن العملاء من تداول الأسهم عبر الإنترنت لأول مرة بفضل شركات التجارة الإلكترونية ما عزز بشكل كبير حركة أسواق الأوراق المالية.
– الخدمات المصرفية الإلكترونية: قدمت من المصارف مثل ويلز فارجو Wells Fargo وسيتي بنك Citibank، خدمات مصرفية عبر الإنترنت تتيح للعملاء مراقبة حساباتهم وإجراء المعاملات المالية.
– بالإضافة إلى ذلك برزت خدمات الدفع مثل باي بال PayPal كلاعبين أساسيين في مجال المدفوعات، ما وّفر للمستهلكين طريقة مريحة وآمنة لإرسال الأموال واستلامها عبر الإنترنت.
الفترة الممتدة ما بين: 2005-2008
تم إنشاء منتجات وخدمات جديدة في المجال المالي خلال الفترة الممتدة ما بين 2005-2008 بما في ذلك المدفوعات والقروض والتأمين نتيجة لنمو أعمال التكنولوجيا المالية الجديدة. كان التوسع في التكنولوجيا المالية مدفوعًا أيضًا بالاستخدام المتزايد للهواتف الذكية خلال هذه الفترة. مثالان على منتجات أو شركات التكنولوجيا المالية التي ظهرت بين عامي 2005 و 2008 هما:
– منصات إقراض P2P: تم إنشاء ليندنج كلوب Lending Club، وهي واحدة من أقدم منصات الإقراض من نظير إلى نظير P2P، في عام 2006 وهي تربط المستثمرين والمقترضين دون الحاجة إلى المؤسسات التقليدية.
– المدفوعات عبر الهاتف المحمول: في عام 2008 أنشأت Square، وهي شركة متخصصة في المدفوعات، نظامًا يمكّن الشركات الصغيرة من قبول بطاقات الائتمان عبر جهاز محمول. كان هذا تقدمًا كبيرًا في صناعة المدفوعات التي ساعدت في تطوير المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
الفترة الممتدة ما بين:2008-2015
في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، أعطى ظهور التمويل البديل لشركات التكنولوجيا المالية آفاقًا جديدة في قطاعات مثل التمويل الجماعي والإقراض من نظير إلى نظير. كما بدأت تقنية البلوكتشين Blockchain في الظهور الأمر الذي أدى إذا الثورة في صناعة الخدمات المالية. ومن أبرز المنتجات أو شركات التكنولوجيا المالية التي بدأت شعبيتها بالتزايد خلال الفترة 2008-2015 هي:
التمويل الجماعي
من أبرز الأمثلة على هذه الأنواع من التمويل الجماعي هي منصة كيكستارتر Kickstarter التي تأسست عام 2009، كواحدة من أولى منصات التمويل الجماعي التي تسمح لأصحاب المشروعات بجمع الأموال من عدد كبير من الداعمين.
العملات المشفرة
شكلّت بداية صعود العملات المشفرة مثل البيتكوين Bitcoin التي تم إنشاؤها في عام 2008 طريقة جديدة للمستهلكين لتخزين ونقل القيمة، ما أدى إلى إرباك في عمليات التمويل التقليدي.
الفترة الممتدة ما بين:2015-2020
في الفترة الممتدة ما بين عامي 2015 و 2020 تم اعتماد منتجات وخدمات فينتيك Fintech على نطاق واسع، ما أدى إلى مزيد من التوحيد في هذا القطاع الذي ما زال في مرحلة التطور والازدهار. ولتقديم خدمات مالية جديدة إلى السوق بدأت المؤسسات المالية التقليدية في دخول السوق والتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية. أعطى ظهور الأصول الرقمية مثل العملة المشفرة منظورًا جديدًا للسوق.
مثالان على منتجات أو شركات التكنولوجيا المالية التي ظهرت خلال الفترة 2015-2020 هما:
مستشارو الروبوت: أصبحت كل من باتيرمينت Betterment وويلزفرونت Wealthfront التي تأسستا في عامي 2008 و2011، على التوالي، اثنين من مستشاري الروبوتات يستخدمون الخوارزميات والأتمتة لتقديم المشورة الاستثمارية الشخصية وإدارة المحافظ للمستثمرين الأفراد.
الخدمات المصرفية الرقمية: تقدم العديد من البنوك مثل تشالينجر Challenger مثل مونزو Monzo و N26 وريفولت Revolut التي تأسست في 2015 و2015 و2013 على التوالي خدمات مصرفية رقمية فقط، ما يوفر للعملاء خيارات مصرفية بديلة وتجربة مصرفية أكثر حداثة وملاءمة.
الفترة الممتدة ما بين:2020 إلى الوقت الحاضر
أصبح العديد من العملاء يستخدم الخدمات المالية الرقمية التي ازدهرت بشكل كبير خاصة بعد انتشار وباء فيروس كورونا COVID-19 الأمر الذي أدى إلى تسريع توسع التكنولوجيا المالية.
وفي الوقت الحالي يتم استخدام تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي AI والتعلم الآلي لتعزيز الخدمات المالية مع استمرار القطاع في التطور والابتكار. كما يتطور المشهد التنظيمي ليعكس تطور ونضج قطاع التكنولوجيا المالية. تتضمن بعض الأمثلة على منتجات أو شركات التكنولوجيا المالية التي ظهرت بعد عام 2020 ما يلي:
التأمين الرقمي: تأسست ليموناد Lemonade في عام 2015، وأصبحت واحدة من شركات إنشورتيك insurtech الرائدة التي تقدم منصة رقمية لشراء التأمين على المنازل والمستأجرين.
الأوراق المالية الرقمية: برزت شركات مثل كوينبيس Coinbase وباكت Bakkt وباكسوس Paxos التي تأسست في 2012 و2018 و2012 على التوالي كمنصات فعالة في مجال الأوراق المالية الرقمية، حيث توفر شراء الأصول الرقمية وبيعها والاحتفاظ بها، مثل العملات المشفرة ورموز غير القابلة للاستبدال.
الخدمات المصرفية المفتوحة: برزت شركات مثل بايد Plaid التي تأسست في 2013 و يابلي Yapily التي تأسست في 2016، كشركات في مجال الخدمات المصرفية المفتوحة حيث توفر واجهات برمجة التطبيقات والبنية التحتية للوصول الآمن إلى البيانات المالية وتمكين الابتكار في صناعة التكنولوجيا المالية.
الإقراض عبر الإنترنت: توفر شركة آفيرم Affirm التي تأسست عام 2012 وشركة أفترباي Afterpay التي تأسست عام 2014، للعملاء مجموعة من خيارات الإقراض مقابل الحصول على المشتريات عبر الإنترنت.
مستقبل صناعة التكنولوجيا المالية
من المتوقع أن يواصل مستقبل التكنولوجيا المالية نموه السريع حيث تستمر. ومن المتوقع أن تصبح الخدمات المالية أكثر سهولة وأمانًا وابتكارًا بفضل ابتكارات مثل البلوكتشين والذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية المفتوحة.
بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يكون هناك اتجاه نحو الرقمنة حيث يستطيع العملاء إتمام العمليات المصرفية عبر الهاتف المحمول وعبر الإنترنت بشكل تام. كما نتوقع أن تتكامل المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية بشكل متزايد، ما سيؤدي إلى تطوير خدمات و بروز منتجات مالية جديدة.