في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها الشركات الكبيرة، والتي تدفعها إلى تسريح الموظفين، يتساءل الكثير من العاملين عن الآلية التي تتبعها الشركات لاختيار من سيفقدون وظائفهم. فما هي هذه الآلية؟
يشرح تيل بينبيكر، الشريك الإداري في شركة شالوت كوميونكيشنز (Shallot Communications)، وهي شركة استشارية متخصصة في مساعدة الرؤساء التنفيذيين والشركات على التواصل الفعال مع موظفيهم، أن كل شركة لها طريقتها الخاصة، ولكن عموماً ما يحصل هو حوار شامل ومتأني.
اقرأ أيضًا: نصائح مالية للتغلب على أزمة فقدان الوظيفة
قرارات تسريح الموظفين تستهدف تخفيض التكلفة
وتيل بينبيكر، له خبرة تزيد عن عشرين عاماً في مجال الاتصالات، وكان يقدم خدماته للشركات خلال العام الماضي في ما يتعلق بالتواصل الداخلي والخارجي أيضاً. وقال بينبيكر، في تصريحات لبيزنس إنسايدر، إن المناقشات دائمًا ما تركز على الأقسام التي يمكن تخفيضها بناءً على تكلفتها وأهميتها.
وأضاف: «تتميز اجتماعات تسريح الموظفين بالسرية في معظم الأحيان، حيث يعتبر قادة الشركات أن الأمر يتطلب الحذر والحرص من أجل اتخاذ القرارات الصائبة، التي تحفظ استمرارية الشركات في المستقبل».
وأشار إلى أن هذه القرارات تتخذ على مستوى عالٍ بين المسؤولين؛ حيث إن مديرك أو رئيس قسمك يناقش مع القادة، ما إذا كان يمكن الاستغناء أم لا ومدى استفادة الشركة منك، ثم بعد ذلك يبحث القادة في عدة طبقات ومستويات عن الأقسام التي تستحق الاستثمار فيها في الوقت الحالي.
اقرأ أيضًا: هل تعمل في وظيفة أحلامك؟.. 3 علامات تخبرك
ما دور تقييم الأداء في تسريح الموظفين؟
عندما تقوم الشركات بتسريح بعض الموظفين، لا تنظر إلى كل فرد على حدة وما يعنيه ذلك لحياته ومستقبله المالي والمهني، بل تريد قادة الشركات اتخاذ قرارات تعتبرها مدروسة لضمان بقاء الشركة على قيد الحياة.
وقال بينبيكر: «إنهم لا ينظرون إلى الموظفين ويقولون، حسنًا، فلان لديه ثلاثة أطفال لا نتركه أو فلان يحتاج إلى الوظيفة ليكمل حياته المهنية.. إنهم لا يصلون إلى هذا المستوى، لكن الأمر الصعب هو أنه بالنسبة للعمال، لا يوجد شيء يمكنهم فعله لقلب الموازين، حيث إنهم يعتقدون أنه طالما تقييم الأداء جيد فلن تتخلى عنهم الشركة؛ لذا يكون القرار غير متوقعًا».
وأوضح خبير إدارة الشركات، أنه في بعض الأحيان يتم النظر إلى الأداء الوظيفي عند تحديد من سيتم تسريحه؛ ولكن ذلك يعتمد على الشركة ومدى الحاجة إلى التخفيضات، ومن الممكن أن يكون تقييم الأداء جيدًا ولكن الشركة تقرر الاستغناء عن الموظف.
وقال بينبيكر: «عادة فإن عمليات تسريح الموظفين يقال إنها تتعلق بالأداء، لكن في الواقع أنها لا تتعلق على الإطلاق بالأداء؛ بل إنها مرتبطة فقط بالشركة التي تحتاج إلى العمل والمضي قدمًا بهوامش أقل ودفاتر أفضل وأكثر إحكامًا في الإنفاق»
وتابع: «في معظم الأحيان، الغالبية العظمى من عمليات تسريح الموظفين لا تعترف بالفرد تمامًا، ويتم إجراؤها دون وضع أي فرد في الاعتبار، وتتعلق فقط بكيفية ضمان قدرة الشركة على البقاء»، مشيرًا إلى أن الشركة تضع في الاعتبار مزيد من التفاصيل بعيدًا عن الأداء، مثل: الموظف الأصغر سنًا له الأفضلية.
اقرأ أيضًا: 6 نصائح ذهبية عند البحث عن وظيفة.. اتبعها!
ما الذي يجري في الغرف المغلقة قبل قرارات تسريح الموظفين؟
«هذه غرف ليس من السهل الوجود فيها».. بهذه الكلمات وصف تيل بينبيكر، خبير إدارة الشركات، ما يجري في الغرف المغلقة التي تتخذ فيها الشركات قرارات تسريح الموظفين.
وأوضح أن الغرف التي يتم فيها اتخاذ هذه القرارات يمكن أن تكون مليئة بالتوتر، لأن صناع القرار يدركون جيدًا ما ستعنيه اختياراتهم للفرق المختلفة وكيف يمكن أن تؤثر على الشركة، ويريدون القيام بذلك بشكل صحيح.
وأضاف:«عادة ليست محادثة ودية، ولا يكون هناك الكثير من الاستخفاف؛ بل يميل الجميع إلى التركيز المفرط على ما يتعين علينا القيام به للوصول إلى الحل الصحيح، لذا يكون التوتر هو السائد».
في حين أن ذلك قد لا يجعل العمال الذين يفقدون وظائفهم يشعرون بالتحسن؛ إلا أن الشركات التي عمل معها بينيبيكر شعرت بالأسف تجاه السماح للعمال بالرحيل، وقالت: «إنه شعور سيء».
ومع ذلك فإن الأمر يكون مؤلمًا للموظفين، ومهما كانت الطريقة التي تعمل بها الشركة في تسريح الموظفين يظل هذا الأمر مؤلمًا لهم، ولكن هناك بعض الطرق أفضل، مثل أن تكون عملية التسريح إنسانية وسريعة.
ويقصد بذلك أن يتم منح الموظفين مكافآت سخية قبل الاستغناء عنهم، مع ظهور رئيس الشركة يوضح أسباب التخفيضات وأن يكون رحيمًا تجاه أولئك الذين يغادرون.
أما بالنسبة للعمال الذين تركوا وراءهم، فمن المهم أيضًا أن يكون القادة واضحين في الأسابيع التالية للتخفيضات حول الشكل الذي سيبدو عليه المستقبل، ولماذا هم متفائلون بشأن المسار الجديد الذي ينتظرهم، حتى لا يخاف الموظفين ويعتقدون أنهم سيكونون في الدور القادم.
وقال بينبيكر: «إنها تجربة مؤلمة حقًا إذا غادر جميع زملائك ثم لم تسمع أبدًا من مديرك التنفيذي عما حدث، ولكن حتى مع فعل ذلك تظل في نهاية المطاف عمليات تسريح الموظفين سيئة».