«إذا كنت تريد أن تكون آمنًا فلا تنهض من السرير».. بهذه الكلمات صرح رجل أعمال الغواصات، ستوكتون راش، الرئيس التنفيذي لشركة أوشن جات OceanGate، المالكة لـ غواصة تيتان التي فقدت في أعماق البحار وعلى متنها راش نفسه، أثناء رحلة لاستكشاف حطام سفينة تايتانيك الغارقة منذ عام 1912.
رحلة غواصة تيتان التي كان على متنها 5 أثرياء وأودت بحياتهم بعد انفجار كارثي لم تكن الأولى، فدائمًا ما يبحث الأثرياء عن الرحلات الخطرة.. فلماذا يفعلون ذلك؟
قبل غواصة تيتان.. الأثرياء يتباهون بالتكاليف الباهظة
يبحث الأثرياء حول العالم، عن رحلات خطرة ليس لأنهم يحبونها؛ بل لأنهم يتباهون بتكاليفها الباهظة، أما لو كانت غير ذلك فلن يحبها الأثرياء، بحسب صحيفة ساوث تشينا مورننيغ بوست، التي قالت إن حب الأثرياء للمخاطرة مدفوعا بالثروة المكتسبة حديثا حتى لو كان ذلك في ظل أوضاع اقتصادية متدهورة.
اقرأ أيضًا: بينهم ملياردير ومستكشف للسفينة الشهيرة.. مَنْ ركّاب غواصة تايتانيك المفقودة؟
ووفقًا لما يقوله مخططو السفر الفاخر، في تصريحات فإن عملائهم من الأثرياء يبحثون في الوقت الحالي عن تجارب أكثر خطورة من أوقات ما قبل جائحة كورونا، حيث تتصدر الأماكن التي يصعب الوصول إليها مثل الدائرة القطبية الشمالية وجزر غالاباغوس النقاط الساخنة في قائمة السفر.
ووصل حب الأثرياء للمخاطرة إلى رحلات خارج الكوكب، مثلما يقول الملياردير الأميركي إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، وكانت بداية هذه الرحلات، عندما أرسلت شركة الصواريخ التابعة إلى الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، وأحد أغنى الأثرياء في العالم، رحلة إلى الفضاء، هي الأولى من نوعها، وعلى الرغم من خطورة هذه الرحلة، شارك 25 شخصًا من الأثرياء فيها، وكانت تكلفة المقعد الواحد، حوالي 1.25 مليون دولار.
بعيدًا عن غواصة تيتان.. رحلات خطيرة
رحلة أعماق البحار لاستكشاف سفينة تايتانيك المحطمة في قاع المحيط، عبر غواصة تيتان لم تكن الأولى في الرحلات الخطيرة،؛ بل سبقها الكثير من الرحلات الخطيرة والتي تكون مخصصة للأثرياء فقط.
أبرز هذه الرحلات والمخصصة لسياحة النخبة فقط، تكون عبر جبال الهيمالايا شديد الخطورة، بمبلغ حوالي 93 ألف دولار، والرحلة الاستكشافية تكون مدتها 41 يومًا، مع فريق من متسلقي الجبال، ليصل إلى أحد اعلى النقاط في العالم، وهناك تجد الرفاهية أيضًا مع الخطورة لأنه في نهاية الجبل وبأعلى نقطة منه تجد غرف بها غاز وأدوات كهربائية تعمل بالشحن.
أيضًا من ضمن الرحلات تكون رحلة «القرون» في القطب الجنوبي، والتي يكون فيها أقرب جيرانك في محطة الفضاء الدولية، لنها على بعد 400 كليو متر فقط من المحطة، ولا يوجد فيها حياة سوى طيور البطريق، وتكلف هذه الرحلة التي تستغرق أسبوعًا، حوالي 110 ألف دولار للشخص الواحد، وفقًا لموقع ثيتاب thetab.
وهناك أيضًا النزهة الرومانسية إلى جبال الدولوميت، حيث خطط أحد رجال الأعمال، لمفاجأة زوجته في الذكرى السنوية، عبر حجز قصر خاص في البندقية لأداء أسطورة الأوبرا أندريا بوتشيلي عرض لهما، بتكلفة حوالي 300 ألف دولار أمريكي لمدة نصف ساعة، لكن لم يكتف بذلك، فلابد أن تكون الرحلة فيها خطورة، حيث أخذ زوجته وانتقل إلى جبال الدولوميت المرتفعة من أجل نزهة رومانسية.
الرحلات الخطرة اتجاه متزايد بين فاحشي الثراء
لكن السؤال الأكثر جدلاً.. لماذا يتباهى الأثرياء بالرحلات الخطيرة؟.. وفقًا لمؤسس شركة أورنجينال ترافيل Original Travel لقضاء العطلات الفاخرة ومقرها لندن، فإن الاتجاه المتزايد بين فاحشي الثراء، هو الرحلات الخطرة؛ بل أنهم يريدون أيضًا اصطحاب عائلاتهم في هذه الرحلات، والغرض منها يكون معرفة «كيف يعيش الناس الحقيقيون قبل سنوات طويل»، لافتًا إلى أنه يبدو أن هذا يساعد على تذكيرهم بقوة وأهمية المال بطريقة آمنة ومريحة، بينما يستمتع البعض أيضًا بتعلم مهارات البقاء على قيد الحياة في المناطق النائية أو عبر الرحلات الخطيرة.
وخلال السنوات الماضية ارتفع الطلب على الرحلات الخطرة، والسبب في ذلك هو الأموال الكثيرة، حيث كانت جائحة كورنا نعمة للأثرياء، وأضافت إلى رجال الأعمال في الولايات المتحدة، حوالي 4 تريليونات دولار أمريكي إلى ثرواتهم في عام 2020؛ لذا فلا عجب إذن أن العديد من النخبة المالية لم يتوان عن إنفاق مبالغ مالية ضخمة على الرحلات، حتى في ظل الركود الذي يهدد الاقتصاد.
اقرأ أيضاً.. قصة أول سفينة تعمل بالذكاء الاصطناعي: تكنولوجيا تقود البحار
وعلى الرغم من أنها رحلات لا تتوفر لكل الناس؛ إلا أن هذه الرحلات الخطيرة للأثرياء أدت إلى طفرة في صناعة السفر، خاصة في ظل أن الأثرياء ينفقون الأموال لقضاء عطلة مميزة، وبالتالي تدفقت السيولة في هذا القطاع.
اتجاهات السفر العالمية
في ذات السياق، كشف تقرير اتجاهات السفر العالمية الصادر عن أمريكان إكسبريس، أن حوالي 65% من الأشخاص المشاركين في الاستطلاع الذي أعدته، يفضلون قضاء عطلة الأحلام بدلاً من شراء سيارة جديدة.
من جانبها قالت كارين لوفتوس، من شركة وامنش أدفينتير ترافيلس Women’s Adventure Travels، إنها لاحظت أيضًا ارتفاعًا في الاهتمام برحلات السفاري في رواندا، لقد رتبت رحلات في نزل يسمى كاتزا هاوس Kataza House، حيث يُسمح برحلة إلى حديقة البراكين الوطنية لمشاهدة الغوريلا بالفعل.
وتابعت: «عادة ما يكون أصحاب الثروات العالية من أصحاب الإنجازات العالية، يريدون الذهاب إلى هذه الأماكن الرائعة حتى الخطيرة، وتحقيق شيئًا لايمكن تخيله أبدًا»، لافتة إلى أن الرحلات الاستكشافية يكون عليها طلب كبير من الأثرياء.