عاد سام ألتمان(Sam Altman)، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي (OpenAI)، الشركة الأم لـ تشات جي بي تي (ChatGPT) إلى منصبه بعد أن تمت إزاحته من قبل مجلس الإدارة. وبالرغم من أن عودته لم تغير كثيرًا في منصبه كقائد لشركة الذكاء الاصطناعي الرائدة؛ إلا أنه استفاد من تجربة تعلم منها درسًا قيمًا يستحق أن يتعلمه كل رواد الأعمال عن كيفية الحفاظ على السيطرة على الشركات الناشئة.
انخفاض نسبة الملكية أثرت على مكانة سام ألتمان
في العادة، تنخفض نسبة ملكية المؤسس للشركة الناشئة التي تحصل على تمويل من المستثمرين، وبالتالي تقل قدرته على التأثير على الشركة إذا كانت هناك خلافات مع مجلس الإدارة، وقد ينتهي الأمر بطرده من الشركة التي أنشأها.
هذا ما واجهه سام ألتمان، الذي لم يكن لديه سلطة كافية في شركة أوبن إيه آي (OpenAI)، رغم أنه كان المدير التنفيذي وعضو مجلس الإدارة، وهذا ما سهل عملية إقالته وفصله من الشركة التي بذل جهدًا لإنشائها وتنميتها حتى أصبحت من أشهر شركات الذكاء الاصطناعي، ولكن ما السبب وراء ذلك، وفقًا لتقرير نشره موقع بيزنس إنسايدر.
اقرأ يضًا.. كواليس عودة سام ألتمان إلى رئاسة OpenAI.. ماذا جرى في المفاوضات؟
أولاً: سام ألتمان لم يمتلك أي أسهم في الشركة، مما جعله يفتقد للقوة كمالك.
ثانيًا: الشركة كانت تتبع هيكلًا مؤسسيًا غير تقليدي يفصل مجلس الإدارة عن المديرين التنفيذيين أكثر من الشركات الناشئة الأخرى.
ثالثًا: سام ألتمان كان يسعى إلى جعل أوبن إيه آي (OpenAI) شركة مختلفة عن الشركات الناشئة العادية؛ بل برؤية متقدمة تنظم فيها المسؤوليات ولا تركز كل السلطة في يد المدير التنفيذي.
وبعد أن تم إقالة سام ألتمان، تبين أن هناك صراعات بينه وبين هيلين تونر، عضو مجلس الإدارة والباحثة التي كتبت بحثًا ينتقد التزام أوبن إيه آي (OpenAI) بسلامة الذكاء الاصطناعي، ودعت إلى التمرد ضده، وهذا ما لم يروق لألتمان، وفقًا لصحيفة التايمز، الذي تعلم من هذه الحادثة أن السيطرة على الشركة يعد أمرًا ضروريًا للمؤسس، وهذا ما حققه بعد عودته واستبعاد تونر من الشركة.
سام ألتمان وبول جراهام ساهما في نشر فكرة سيطرة المؤسس
كان سام ألتمان (Sam Altman)، قبل أن يتولى قيادة أوبن إيه آي (OpenAI)، على دراية بأهمية سيطرة المؤسس على الشركة الناشئة.
في عام 2010، قبل أن يصبح رئيسًا لشركة واي كومبينتور (Y Combinator)، التي تساعد الشركات الناشئة على النمو، وقبل أن تنشأ شركة أوبن إيه آي (OpenAI)، شارك في كتابة مقال عن سيطرة المؤسس في الشركات الناشئة، مع معلمه ورئيسه السابق، بول غراهام، المؤسس المشارك لشركة واي كومبينتور (Y Combinator).
اقرأ أيضًا.. ترأسها سام ألتمان وخرج منها رئيس OpenAI الجديد.. ما قصة شركة «واي كومبنيتور»؟
وكان مقال جراهام، في عام 2010، ردًا مكتوبًا على سؤال كان مطروحًا في ذلك الوقت: هل يحتفظ الرؤساء التنفيذيين المؤسسين بالسيطرة على مجلس الإدارة بشكل شائع؟
وأرسل جراهام رسالة بريدية إلى الشركات الناشئة التي كانت تشارك في برنامجه لتسريع الشركات الناشئة ليسألهم، واكتشف أن معظمهم ما زالوا يسيطرون على مجلس الإدارة بعد الجولة الأولى من التمويل.
وكتب جراهام: «أعتقد أننا نشهد تغييرًا هنا، لا يزال العديد من شركات رأس المال الاستثماري تتصرف وكأنه أمر غير مألوف أن يحتفظ المؤسسون بالسيطرة على مجلس الإدارة بعد السلسلة الأولى من التمويل، ويحاولون أن يجعلوك تشعر بالذنب إذا طلبت ذلك، كأنك مبتدئ أو مهووس بالسيطرة لأنك ترغب في شيء من هذا القبيل».
وأضاف: «لكن المؤسسين الذين تحدثت معهم ليسوا مبتدئين أو مهووسين بالسيطرة أو إذا كانوا كذلك، فهم مثل مارك زوكربيرغ، ذلك النوع من المبتدئين والمهووسين بالسيطرة الذين يجب على شركات رأس المال الاستثماري أن تبحث عن تمويل المزيد منهم».
ومن المعلوم في عالم الشركات الناشئة، أن المؤسسين يخسرون حصة الأغلبية في السلسلة الأولى من التمويل، مع انضمام مستثمرين جدد إلى الشركة، وقد يصل بهم إلى أن يصبحوا أقلية في النهاية.
وخلص جراهام إلى أن الشركات الناشئة التي تستطيع الاحتفاظ بالسيطرة تميل إلى أن تكون الأفضل، لأن المؤسسين هم الذين يحددون الرؤية، سواء للشركات الناشئة الأخرى أو لشركات رأس المال الاستثماري.
اقرأ أيضًَا: موظفون في OpenAI يبحثون عن فرص عمل.. ماذا يحدث داخل الشركة؟
نموذج جديد ومبتكر للقيادة في شركة الذكاء الاصطناعي
بالرغم من أن سام ألتمان اكتسب الخبرة في أهمية السيطرة على الشركة التي أسسها؛ إلا أنه يسعى إلى تحقيق ذلك بطريقة جديدة ومبتكرة عن طريق السيطرة على الموظفين وليس حصة الأسهم.
وقال سام، في مقابلته الصحفية مع موقع ذي فيرج، إن أهم ما تعلمه من الأحداث التي حدثت في شركة الذكاء الاصطناعي الشهيرة من إقالته وعودته، هو أن الشركة تستطيع العمل بدونه بفضل الموظفين والقيادات فيها.
ومع ذلك أراد سام السيطرة أكثر على الشركة بعد عودته، حيث أزال كل من كان يعارضه، أبرزهم إيليا سوستيكفر، كبير العلماء في الشركة وعضو مجلس الإدارة، صاحب الدور الأكبر في إقالته، وأيضًا هيلين تونر، عضوة مجلس الإدارة التي قادت التمرد ضده، ليحل محلهما بريت تايلور، الرئيس التنفيذي السابق لشركة سيلز فورس (Salesforce)، ولاري سمرز، وزير الخزانة السابق، وكلاهما أكثر ودية تجاه سام ألتمان، وفكره التسويقي في أوبن إيه آي (OpenAI).
ليس ذلك فقط، بل جعل شركة شركة مايكروسوفت، والتي يعتبر رئيسها التنفيذي ساتيا ناديلا، من أشد المؤيدين لـ سام، تلعب دور الأب للمجلس الجديد كمراقب لا يحق له التصويت.
وذكر مقال نشرته ممجلة نيويوركر الأسبوع الماضي، أن سام تواصل مع أعضاء مجلس الإدارة الآخرين بشكل فردي بشأن استبدال تونر، وقال مصدر مجهول للصحيفة إنه لعب بأعضاء مجلس الإدارة ضد بعضهم البعض.
ولا تبدو نسخة أوبن إيه آي (OpenAI) الجديدة التي يحاول فيها سام ألتمان فرض سيطرة المؤسس مثل الإصدارات الأخرى التي يكون فيها الرئيس التنفيذي يمتلك أغلبية الأسهم، ولكنه يريد فرض سيطرة بطريقة جديدة ومميزة.