إيليا سوتسكيفر، كبير العلماء في شركة أوبن إيه آي (OpenAI)، واحد من أبرز الأسماء في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكنه أيضاً واحد من أكثرهم إحراجاً. فقد ساهم في إنهاء حكم سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، الذي عاد إلى منصبه بعد خمسة أيام فقط من إقالته. والآن، يجد نفسه في موقف حرج، حيث يتعين عليه التعامل مع الرجل الذي حاول طرده، والذي أصبح يملك سلطة أكبر في الشركة.
لكن هناك من يريد أن ينقذه من هذا المأزق، وهو إيلون ماسك، الملياردير الأميركي رئيس شركة تسلا للسيارات الكهربائية. ماسك، الذي كان يوماً ما من مؤسسي وممولي أوبن إيه آي (OpenAI)، يرغب الآن في استقطاب إيليا سوتسكيفر إلى إحدى شركاته الخاصة بالذكاء الاصطناعي، سواء تسلا (Tesla) أو إكس إيه آي (xAI).
اقرأ أيضًا: موظفون في OpenAI يبحثون عن فرص عمل.. ماذا يحدث داخل الشركة؟
ما الذي دفع إيليا سوتسكيفر إلى الإطاحة بسام ألتمان؟
إيليا سوتسكيفر، الذي انضم إلى أوبن إيه آي (OpenAI) عام 2016، بعد أن ترك وظيفته في غوغل، كان يحظى بسمعة جيدة في مجتمع الذكاء الاصطناعي، بفضل دوره في تطوير شبكات العصبونات العميقة والتعلم الآلي، وهما من أهم التقنيات في هذا المجال. كما كان يعتبر من الأصوات الرائدة في الدفاع عن الأخلاق والسلامة في الذكاء الاصطناعي، والتحذير من المخاطر التي قد تنجم عن تطوير ذكاء اصطناعي فائق يتجاوز قدرات البشر.
لذلك، عندما تولى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ي كومبيناتور (Y Combinator)، زمام الأمور في أوبن إيه آي (OpenAI) عام 2019، بعد أن تحولت الشركة من مؤسسة غير ربحية إلى شركة ربحية محدودة، بدأت الخلافات بينه وبين سوتسكيفر تتصاعد. فألتمان، الذي كان يمتلك رؤية أكثر طموحاً وجرأة للشركة، كان يسعى إلى تطوير نظام ذكاء اصطناعي عام (AGI)، أي ذكاء اصطناعي قادر على القيام بأي مهمة يمكن للبشر القيام بها، والذي يعتبره البعض حلماً والبعض الآخر كابوساً.
وفي الشهر الماضي، اندلعت الأزمة بين الطرفين، عندما قرر سوتسكيفر، بمساندة من بعض أعضاء مجلس الإدارة، إقالة ألتمان من منصبه. ولكن هذه الخطوة لم تكن ناجحة، فبعد خمسة أيام فقط، عاد ألتمان إلى منصبه، بفضل تدخل مايكروسوفت ومستثمرين آخرين، الذين كانوا قد استثمروا مليارات الدولارات في الشركة. وكان من شروط عودة ألتمان، تغيير تركيبة مجلس الإدارة، وإبعاد سوتسكيفر وغيره من المعارضين منه، وهو ما حدث بالفعل.
اقرأ يضًا.. كواليس عودة سام ألتمان إلى رئاسة OpenAI.. ماذا جرى في المفاوضات؟
ما هي خطط ماسك لاستقطاب إيليا سوتسكيفر؟
إيلون ماسك، الذي كان يتابع الأحداث من بعيد، لم يخف تعاطفه مع إيليا سوتسكيفر، وانتقاده لألتمان. فماسك، الذي كان قد غادر مجلس إدارة أوبن إيه آي (OpenAI) عام 2018، بسبب خلافات مع مجلس إدارة الشركة حول رؤيتها وتمويلها، كان قد أعرب عن خيبة أمله من تحول الشركة إلى شركة ربحية، والدخول مع مايكروسوفت في شراكة، وقال إنها خانت مبادئها الأصلية، وأنها أصبحت تدار من قبل مايكروسوفت بشكل كبير.
وأثارت هذه الشراكة مع مايكروسوفت والانتقال إلى نموذج للربح جدلاً كبيرًا، وأعلن ماسك عن رأيه في هذه المسألة، قائلا: «أطلقت OpenAI كشركة ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، وهذا يعني أنها ليس شركة ربحية؛ لأنها تعمل كثقل موازي لغوغل، ولكنها الآن أصبحت شركة مغلقة المصدر تستفيد منها مايكروسوفت بشكل فعال، وهذا ليس هدفنا من إطلاق الشركة».
وكان ماسك، الذي يعتبر واحداً من أشد المنتقدين للذكاء الاصطناعي،المتقدم، والذي يحذر من أنه قد يهدد البشرية، قد أطلق شركته الخاصة بالذكاء الاصطناعي، إكس إيه آي (xAI)، في شهر مارس الماضي، والتي تهدف إلى تطوير ذكاء اصطناعي محايد وآمن ومفيد للجميع. وفي الشهر الماضي، أعلن عن إطلاق غروك (Grok)، وهو برنامج دردشة آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي، ينافس برنامج تشات جي بي تي (ChatGPT)، الذي طورته أوبن إيه آي (OpenAI).
ويبدو أن ماسك يرى في سوتسكيفر شريكاً مثالياً له في مشروعه الجديد، فقد عرض عليه الانضمام إلى إحدى شركاته، سواء تسلا (Tesla) أو إكس إيه آي (xAI)، في محاولة لاستقطابه من أوبن إيه آي (OpenAI)، والاستفادة من خبرته وموهبته في الذكاء الاصطناعي. وقد أظهر ماسك ذلك عندما رد على منشور لأحد مستخدمي منصة إكس (X)، الذي نشر مقالاً عن الصراع بين سوتسكيفر وألتمان، وقال ماسك إن سوتسكيفر يجب أن ينضم إلى تسلا (Tesla)، أو إكس إيه آي (xAI).
ويعتبر ماسك، الذي كان قد نجح في السابق في إقناع سوتسكيفر بالانتقال من غوغل إلى أوبن إيه آي (OpenAI)، أنه قادر على إعادة الكرة مرة أخرى، وأنه يمكنه تقديم عرض أفضل وأكثر جاذبية لسوتسكيفر، الذي قد يشعر بالإحباط والحيرة في شركته الحالية.
كان ماسك، قد قال في مقابلة مع برنامج «Lex Fridman Podcast»: «كانت تلك واحدة من أصعب معارك التجنيد التي خضتها على الإطلاق عندما استقطبت إيليا سوتسكيفر من غوغل إلى أوبن إيه آي».
ما هي ردة فعل إيليا سوتسكيفر على عرض ماسك؟
سوتسكيفر، الذي لم يصرح بموقفه الرسمي من الأزمة التي شهدتها أوبن إيه آي (OpenAI)، ولا من عرض ماسك، يبدو أنه في حالة من الصمت والانعزال. فقد ذكر موقع بيزنس إنسايدر (Business Insider)، أن سوتسكيفر أصبح على هامش الأحداث في الشركة، وأنه لم يعد يمارس دوره القيادي فيها، وأنه يتجنب الظهور في الإعلام والمناسبات العامة.
لكن إيليا سوتسكيفر، كبير العلماء في شركة أوبن إيه آي (OpenAI) يتفق في وجهات النظر مع إيلون ماسك، حيث قاد عملية طرد سام ألتمان من الشركة بسبب الخوف من التطور الذي يريده ألتمان في الذكاء الاصطناعي بدون مراعاة السلامة.
وهذه نفس النظرية التي يتبناها ماسك، الذي كتب في تغريدة له: «بالنظر إلى خطورة وقوة الذكاء الاصطناعي المتقدم، يجب إعلام الجمهور بالسبب الذي دفع مجلس الإدارة إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء الجذري، لقد حذرت منذ فترة طويلة من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي».
وعلى الرغم من تراجع إيليا، عن موقفه ضد سام ألتمان، واعتذاره عن الإطاحة به، لكن الأنباء من داخل الشركة تقول إن العلاقة بينهما لم تعود كما كانت من قبل.
اقرأ أيضًا: كيف يرى إيلون ماسك قرار عزل سام ألتمان؟
كان إيلون ماسك، قد تحدث عن دور إيليا سوتسكيفر في إقالة سام ألتمان، حيث قال خلال مقابلة في قمة نيوريوك تايمز ديل بوك (New York Times Dealbook): «أعتقد أننا يجب أن نشعر بالقلق إزاء هذا الأمر لأنني أعتقد أن إيليا لديه في الواقع بوصلة أخلاقية قوية، وإذا كان يشعر بقوة كافية بالرغبة في طرد سام بسبب أنه يريد الصواب، فيجب أن يعرف العالم ذلك».
ووفقًا لمجلة فورتشن، فإن التوافق بين إيليا وماسك، جعل بعض التوقعات تشير إلى إمكانية انضمامه إلى إحدى شركتي الملياردير الشهير، سواء في إكس إيه آي (xAI) أو تسلا (Tesla)، وهو ما سيكون بمثابة تطور كبير في حروب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، فهل يحدث ذلك؟