من العثور على الفكرة إلى اختبارها إلى إجراء أبحاث المستهلكين، وأخيرًا تصميم الحملات التسويقية، تمكنت أنظمة الذكاء الاصطناعي من تقديم الدعم الكامل لرواد الأعمال في كل خطوة من خطوات بناء شركاتهم الناشئة.
في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلت الصحيفة عن خبراء في عالم ريادة الأعمال، أنه يمكن لأنظمة مثل تشات جي بي تي (ChatGPT)، وبينغ (Bing)، وبارد (Bard)، أن تساعد في كل خطوة من خطوات بناء شركة ناشئة. إن هذه الأنظمة بإمكانها القيام بوظائف العثور على الأفكار، واختبارها، وإجراء أبحاث السوق والمستهلكين، وتصميم الحملات التسويقية، بشكل مذهل، وأسرع، وأكثر كفاءة مما يستطيع البشر القيام به، وبطريقة لا يستطيع الإنسان القيام بها، ولكن كيف سيحدث ذلك؟
يقول ستيف بلانك، رجل الأعمال المخضرم الذي ساعد في إطلاق شركات التكنولوجيا، بما في ذلك كونفيرجينت تكنولوجيز (Convergent Technologies)، وإم آي بي إس (MIPS )، وهو مستثمر في شركة لتشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي إنه «في غضون 12 شهرًا، ستكون طريقة بناء الشركات الناشئة مختلفة تمامًا».
اقرأ أيضًا.. من بينها «اتبع شغفك».. أسوأ 6 نصائح في عالم ريادة الأعمال!
الذكاء الاصطناعي والعثور على الفكرة
كما هو معروف فإن ريادة الأعمال في جوهرها تعتمد على إيجاد فكرة تلبي احتياجات المجتمع لم تكن ملباة من قبل، وهذه هي الخطوة الأولى في إنشاء الشركة الناشئة. ولأن هذه الخطوة تعد أمرًا صعبًا بالنسبة للكثيرين الذين يشقون طريقهم في عالم ريادة الأعمال، إذ يتطلب الأمر الإلهام، والحدس، والبحث الدقيق، والموازنة بين المخاطر والفوائد، لكن لحسن الحظ فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه القيام بذلك بشكل أسرع وأكثر كفاءة من أي إنسان على الإطلاق.
يقول ديفيد شونثال، مدير برامج ريادة الأعمال في كلية كيلوج للإدارة بجامعة نورث وسترن، إن مثل هذه الأنظمة «يمكن أن تصبح في نهاية من أفضل أدوات تحديد الاحتياجات البشرية التي لم تتم تلبيتها في التاريخ».
يأتي ذلك نتيجة تدريب الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات، من بينها احتياجات المستهلكين غير الملباة.
«على سبيل المثال، يمكن لرائد الأعمال أن يطلب من نظام الذكاء الاصطناعي تحديد المشاكل التي يواجهها المستهلكون في استخدام منتجات أو خدمات معينة، ثم يطلب منه اقتراح الحلول»، كما يقول إيثان موليك، الأستاذ المشارك الذي يقوم بتدريس الابتكار وريادة الأعمال في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا.
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في عرض الفكرة بشكل مركز. يمكن طرح أسئلة على أنظمة الذكاء الاصطناعي ثم الرد عليها: على سبيل المثال، يمكن لرواد الأعمال أن يطلبوا من الذكاء الاصطناعي تحسين إجاباته، مثل النظر في متغير مختلف أو في اقتراح بدء التشغيل مثل ما إذا كان المنتج سيحظى بشعبية في الخارج أو ما إذا كان من الممكن أن يكون سعره أعلى. أو يمكن لرواد الأعمال أن يطلبوا من الذكاء الاصطناعي إعطاء مثال لمنتج مماثل نجح أو فشل.
بالتأكيد، قد يعتقد رواد الأعمال أن لديهم فكرة ذكية لشركة ناشئة. ولكن ربما يكون عشرات الأشخاص قد فكروا في الأمر بالفعل. يمكن لقواعد البيانات الواسعة المدرب عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي أن توفر نطاقًا بحثيًا أكبر من عمليات البحث التقليدية على الإنترنت.
باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن العودة إلى التقارير الفنية والملفات المالية والمقالات الإخبارية التي تناولت الفكرة، كما يمكنهم مسح استبيانات التسويق والمستهلكين والتحقق مما قيل على وسائل التواصل الاجتماعي حول الشركات الناشئة التي تتبنى نفس الفكرة. يمكنهم معرفة أنواع الشركات الناشئة التي كانت فاشلة وأيها ازدهرت.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال: كيف تستفيد من التقنيات الجديدة؟
الذكاء الاصطناعي يلعب دور العميل
قد يعتقد المزيد من رواد الأعمال أن شركتهم الناشئة تستحق الاستثمار، لكنهم بحاجة إلى اختبار حدسهم، في هذه الحالة يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقمص دور العميل. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة ستعمل في قطاع طب الأسنان، من الممكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي هنا دور طبيب أسنان لديه خبرة 20 عامًا يتحدث إليك حول أبرز المشكلات التي تواجهه، وما إذا كان المنتج الذي ستطرحه شركتك مفيدًا له أم لا.
يقول بلانك إن التكلفة الضئيلة والسرعة الكبيرة لاختبار الذكاء الاصطناعي تعتبر ميزة إضافية. يقول: «يمكنني إجراء تجارب على مئات الآلاف من الأشخاص المختلفين في وقت واحد، ويمكنني إنشاء مواقع ويب تحتوي على منتجات اصطناعية يمكنني اختبارها».
الذكاء الاصطناعي يتقمص شخصية مستثمر مغامر
يلجأ رواد الأعمال إلى أصحاب رؤوس الأموال المغامرة بحثًا عن تمويل لشركاتهم الناشئة، وغالبا ما يقابل الطلب بالرفض لأسباب كثيرة من بينها عدم اقتناع أصحاب رؤوس الأموال بالأفكار، ولكن لحسن الحظ فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يلعب دورًا مهمًا في هذا الصدد.
يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دور مستثمر مغامر يطلب منه رائد الأعمال تمويلًا فيخضع الذكاء الاصطناعي الفكرة للتقييم بنفس طريقة أصحاب رؤوس الأموال المغامرة، فيرفض أو يتقبل موضحًا الأسباب التي يمكن أن يتفاداها رائد الأعمال حين يتقدم بطلب الحصول على تمويل بشكل واقعي.
طلب موليك من طلابه وضع أفكار مقترحة لشركات الناشئة، ثم طلب من نظام الذكاء الاصطناعي – الذي تم توجيه طلب إليه لتقمص دور مستثمر من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة – تقييم هذه الأفكار. وبالفعل نجح نظام الذكاء الاصطناعي في إخبار الطلاب ما إذا كان يعتقد أن المقترحات فريدة من نوعها، أو من المحتمل أن تكون مربحة، وتلبي احتياجات السوق، وما إذا كانت تأخذ في الاعتبار بشكل مناسب عوامل مثل المنافسة والقدرة على التوسع.
يقول موليك: «كانت الانتقادات في محلها».
اقرأ أيضًا.. 4 عناصر لنجاح مشروع ريادة الأعمال بعد التخرج
الذكاء الاصطناعي وخطط التسويق
بمجرد تمويل الشركة، يجب أن تتم تطويرها. أجرى موليك تجربة لمعرفة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في التسويق للعبة تعليمية. يقول: «ما حققه الذكاء الاصطناعي كان فوق طاقة البشر».
أولاً، طلب من أداة الذكاء الاصطناعي «بينغ» العثور على معلومات تفصيلية حول اللعبة، وهي أداة عبر الإنترنت أنشأتها وارتون لتدريس القيادة لطلاب الأعمال. بعد ذلك، طلب من بينغ أن يتظاهر بأنه خبير تسويق وأن يقدم حملة ترويجية مقترحة. لقد أنتجت خطة موثوقة، بما في ذلك تحديد الجمهور المستهدف وإنشاء أربع نماذج من رسائل البريد الإلكتروني التي تروج للعبة لمعلمي الأعمال.
في 30 دقيقة فقط، قامت أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمها «بإجراء أبحاث السوق، وإنشاء وثيقة تحديد المواقع، وصاغ حملة بريد إلكتروني، وقام بإنشاء موقع ويب [للمنتج]، وإنشاء شعار». وقال موليك في منشور بالمدونة يصف التجربة: «لقد قمنا بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي لمنصات متعددة، وقمنا بكتابة وإنشاء مقطع فيديو».
وكتب أنه بدون أدوات الذكاء الاصطناعي، كان الأمر سيستغرق «ساعات عديدة، وربما أيامًا من العمل».