شهدت السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة في مواقف رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري غينسلر، تجاه صناعة التشفير، ففي الوقت الذي كان ينظر فيه غينسلر وهو أستاذ جامعي إلى صناعة التشفير على أنها «تكنولوجيا رائعة» وأنها ليست أوراق مالية يجب تسجيلها في لجنة الأوراق المالية، بات يرى فيها الآن العكس، وهو الذي يرأس الآن اللجنة التي تقود حملة ضد الصناعة.
من هو غاري غينسلر؟
غاري غينسلر من مواليد 18 أكتوبر 1957، وهو مسؤول حكومي أمريكي، عمل سابقا في بنك جولدمان ساكس، وتولى رئاسة فريق مراجعة بنك الاحتياطي الفيدرالي والمصارف والهيئات التنظيمية للأوراق المالية، وفي عهد الرئيس الأسبق بارك أوباما، شغل منصب الرئيس الحادي عشر للجنة تداول السلع الآجلة، وكان وكيلا لوزارة الخزانة للشؤون المالية المحلية، وقبلها مساعدًا لأمين الخزانة للأسواق المالية، كما كان أستاذًا للاقتصاد الدولي والإدارة في كلية إم آي تي سلون للإدارة، وأيضًا شغل منصب المدير المالي لحملة هيلاري كلينتون الرئاسية لعام 2016، ويتولى حاليا رئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
اقرأ أيضاً.. بلاك روك تطلب إنشاء صندوق للتداول الفوري للبيتكوين: هل تُنقذ الكريبتو؟
غاري غينسلر وسياسات صارمة ضد صناعة التشفير
تولى غاري جينسلر رئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات في أبريل 2021، وشهدت فترة ولايته نهجا صارما ضد صناعة التشفير، كان آخرها رفع دعاوى قضائية ضد منصتي بينانس وكوين بيز اللتين اتهمهما بتداول أوراق مالية غير مسجلة في إشارة إلى أن العملات المشفرة التي يتم تداولها على هذه المنصات هي أوراق مالية، كما وجه إليهما اتهامات بانتهاك القوانين الأمريكية، والتهرب من الرقابة التنظيمية، وطالب بتجميد أصول منصة بينانس في الولايات المتحدة لحين حسم الدعوى أمام المحكمة الفيدرالية.
تأتي هذه السياسات التي يتبعها غاري غينسلر ضد صناعة التشفير عكس ما كان يعتقده قبل أن يتولى رئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات، إذ كان يردد دائما أن العملات المشفرة ليست أوراقا مالية.
اقرأ أيضاً.. شركة مايكرو استراتيجي تواصل جمع البيتكوين
كيف تحول موقف غاري غينسلر؟
قبل أن يتولى غاري غينسلر منصبه في لجنة الأوراق المالية، أمضى 3 سنوات في الأوساط الأكاديمية، حيث بنى سمعته كقائد يرى في الأصول الرقمية تكنولوجيا مبتكرة.
في عام 2018، قدم عرضًا تقديميًا أمام مجموعة من مديري صناديق التحوط حول الآثار المترتبة على سياسة العملات المشفرة الناشئة، وصرح وقتها بشكل قاطع بأن البيتكوين والإيثر والبيتكوين كاش «ليست أوراقًا مالية»؛ نظرًا لأن هذه الرموز تمثل الجزء الأكبر من حجم تداول العملات المشفرة في ذلك الوقت.
وفي عام 2019 تحدث غينسلر في مؤتمر fintech في مدينة نيويورك، حيث مدح شبكة Algorand اللامركزية، وعملتها المشفرة ALGO، والمطور الرئيسي لها، سيلفيو ميكالي، ووصف غينسلر مشروع Algorand بأنه «تكنولوجيا رائعة».
وفي عام 2020، قام غينسلر بتدريس البلوكتشين في معهد ماساتوستش، واعتقد الكثيرون أن غينسلر سيتبنى موقفا داعما للابتكار في عالم العملات الرقمية إذا عاد إلى الخدمة العامة. مع فوز الرئيس جو بايدن بالانتخابات، تزايدت التكهنات بأنه سيختار غينسلر لقيادة هيئة الأوراق المالية والبورصات.
في الفترة ما بين عامي 2021 و2022، عين الرئيس بايدن غينسلر رئيسًا للجنة الأمن والصرف في الولايات المتحدة. ونظرًا للتصريحات السابقة والإشادة التي حصلت عليها العديد من مشاريع العملات الرقمية من غينسلر، فإن العديد من القادة في مجتمع الأصول الرقمية رحبوا بالإعلان، حتى أن السيناتور الأميركية سينثيا لوميس، غردت قائلة: «على الرغم من أن هيئة الأوراق المالية والبورصات لديها سمعة كثقب أسود بالنسبة للمبتكرين، إلا أن غاري غينسلر يدرك إمكانات الأصول الرقمية».
اقرأ أيضاً.. صناديق تداول البيتكوين.. لماذا تسارع الشركات الأميركية إليها؟
غاري غينسلر.. من «التكنولوجيا الرائعة» إلى «غابة الاحتيال »
وسادت حالة من التفاؤل الشديد بعد تعيين غينسلر على رأس هيئة الأوراق المالية والبورصات. ولكن بعد وقت قصير من توليه المنصب، بدأ غينسلر في تغيير موقفه تجاه العملات الرقمية.
تحولت نبرة غينسلر في البيانات الصحفية حول الأصول الرقمية من الانفتاح إلى الشك وفي بعض الحالات إلى العداء، حيث بدأ رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات في الإشارة إلى الحاجة إلى مزيد من التنظيم، معتبرًا العملات الرقمية «غابة ينتشر فيه الاحتيال والاستغلال». ويتجاوز ذلك بالقول: «أعتقد أن لدينا الآن سوقًا للعملات الرقمية يحتوي على العديد من الرموز التي قد تكون أوراق مالية غير مسجلة».
وقال غينسلر إن الرموز الرقمية تتحرك في حالة من عدم اليقين التنظيمي، وأنها بحاجة إلى تشريعات من الكونغرس لتوفير مزيد من الوضوح للصناعة، إذ «لا يتوفر أي إطار تنظيمي للبورصات التي تتداول في هذه الأصول الرقمية سواء في هيئة الأوراق المالية والبورصات، أو في وكالتنا الشقيقة، هيئة تداول السلع الآجلة والخيارات».
اقرأ أيضاً.. العملات المشفرة أوراق مالية أم لا؟ جينسلر «يناقض» نفسه
وزاد غينسلر من نبرته الصارمة ضد صناعة التشفير، حيث قال في خطاب أمام اللجنة في سبتمبر: «من بين الرموز القريبة من 10,000 في سوق العملات الرقمية، أعتقد أن الغالبية العظمى هي أوراق مالية». وبعد شهرين فقط، تفلس بورصة العملات الرقمية FTX، مما يؤكد بعض مزاعم غينسلر.
وفي عام 2023 تحول غينسلر إلى خصم واضح حيث تجتهد لجنة الأوراق المالية لتمرير تشريعات من الكونغرس، وتتبع نهج توجيه سلسلة من إخطارات ويلز ودعاوى قضائية ضد بورصات العملات المشفرة.