يُعد الاقتصاد التشاركي نموذج من النماذج الاقتصادية القائمة على مفهوم النظير إلى نظير للحصول على السلع والخدمات أو مشاركة الوصول إليها، وغالبًا ما يكون ذلك بواسطة منصة مجتمعية غير الإنترنت. فلا شك أن المجتمعات أجمع قد تشاركت استخدام الأصول عبر التاريخ، ولكن مع دخول الإنترنت إلى الساحة الاقتصادية وما توفره من بيانات ضخمة، بات من السهل على أصحاب الأصول إيجاد أمثالهم أو أولئك الذين يبحثون عن امتلاك أسهم أو أصول في العالم الاقتصادي.
وهذا ما يطلق عليه إذًا مفهوم الاقتصاد التشاركي أو الاستهلاك التعاوني أو الاقتصاد التعاوني أو حتى اقتصاد النظير. يسمح هذا النوع من الاقتصاد للأفراد كما المجموعات من تحقيق الأرباح وكسب المال من الأصول غير المستخدمة بشكل كافٍ. ففي الاقتصاد التشاركي، من الممكن تأجير الأصول المتعطلة في حال عدم استخدامها ونذكر على سبيل المثال السيارات المركونة أو الغرف الشاغرة في البيوت وغيرها المزيد. فبالتالي، يمكن مشاركة الأصول المادية كأنها خدمات للعميل المتوقع.
اقرأ أيضًا.. الفقاعات الاقتصادية.. إليك أشهر 5 في التاريخ
شهد الاقتصاد التشاركي تطورًا هائلًا على مر السنوات، إذ يتصف الآن بمصطلح شامل وعام يمثل مجموعة من المعاملات الاقتصادية عبر الإنترنت والتي قد تضم تفاعلات اقتصادية بين الأعمال التجارية. ونظرًا لهذه الشهرة الواسعة التي اكتسبها هذا الاقتصاد، كثيرة هي المنصات التي انضمت إلى الاقتصاد التشاركي ونذكر منها ما يلي:
- منصات العمل المشتركة: وهي الشركات التي توفر مساحات عمل مفتوحة ومشتركة للعاملين على حسابهم الخاص ورواد الأعمال والموظفين العاملين من منازلهم في معظم مناطق المدن الكبرى.
- منصات الإقراض من نظير إلى نظير: وهي الشركات التي تسمح للأفراد بإقراض مبالغ مالية لأفراد آخرين بأسعار أدنى وأرخص من تلك التي توفرها كيانات الائتمان التقليدية.
- منصات الموضة: وهي المواقع الإلكترونية التي تسمح للأفراد ببيع ملابسهم وتأجيرها.
- منصات العمل الحر: وهي المواقع الإلكترونية التي تساهم في مطابقة العامل المستقل عبر طيف واسع قد يشمل العمل الحر التقليدي وصولًا إلى الخدمات المخصصة تقليديًا وعامةً للعمال الحرفيين.
ونتيجة نمو عمل شركتي اير بي أن بي-Airbnb لتأجير الغرف والبيوت، وشركة أوبر-Uber للتوصيل بالسيارة، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد التشاركي كذلك نموًا هائلًا فيتخطى الـ14 مليار دولار التي حققها في 2014 وصولًا إلى 335 مليار دولار بحلول 2025 وفقا لموقع انفستوبيتديا.
ومع ذلك كله، لا يسع البعض إلا الانتقاد. فقد أعرب العديد من الأفراد عن مخاوفهم من هذا النظام الاقتصادي التشاركي لأنه ينطوي على حالة من عدم اليقين التنظيمي. فغالبًا ما تخضع الأعمال والمشاريع التجارية التي توفر خدمات الإيجار إلى قواعد وأنظمة الحكومات أو السلطات المحلية، هذا وقد يتضح للبعض أن الأفراد غير المرخصين والذين يوفرون النوع نفسه من الخدمات قد لا يخضعون لهذه القواعد ولا يدفعون التكاليف المرتبطة بها. وفي غياب هذه السلطة المتحكمة، يستغل الأفراد هذا الوضع بل ويسعرون الخدمات بأسعار أقل.
اقرأ أيضًا.. دليلك لتعلم لغة الاقتصاد.. أبرز المصطلحات الأساسية
قد يرى البعض أن غياب المراقبة الحكومية من شأنه أن يرفع من نسبة تعرض الشاري كما البائع لمشاكل وتعديات على الحقوق والخصوصية في هذا الاقتصاد التشاركي. وقد تم التأكيد على ذلك من خلال القضايا التي تم عرضها علنًا وأمام الرأي العام. فقد سلطت وسائل الإعلام على وجود أجهزة كاميرات مخبأة في الغرف المؤجرة، بالإضافة إلى جرائم القتل التي ارتكبها المجرمون بحق المستأجرين في ظل عمليات تأجير مزيفة.
هذا ويرى البعض أن مشاركة البيانات عبر الإنترنت بهذا التدفق الكبير من شأنه أن يخلق جوًا من التمييز العنصري والجنساني بين المستخدمين. وقد يتأكد ذلك حين يسمح للمستخدم باختيار الأشخاص مع من سيتشاركون الغرف أو السيارات، أو عبر التحيز الإحصائي المخفي وغير المباشر من خلال الخوارزميات التي تختار المستخدمين وفق خصائص معينة.
لا شك في أن الاقتصاد التشاركي ظاهرة مهمة وذات فوائد كبيرة على الصعيد الشخصي، والمجتمعي كما العالمي. ومثله مثل أي مفهوم ثوري، تنقسم الآراء حوله بين مؤيد ومعارض.
اقرأ أيضًا.. السياسة النقدية.. ما هي أدوات البنك المركزي لتعزيز النمو الاقتصادي؟