«آسفة على الأخطاء التي حدثت في فترة حكومتي، لقد أصبحت غير قادرة على تنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي انتخبت من أجله». بهذه الكلمات أعلنت ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا، استقالتها بعد 44 يومًا فقط من تولي المنصب، لتصبح صاحبة المدة الأقصر في تاريخ بريطانيا.
شهدت فترة ليز تراس الكثير من الأحداث بسبب برنامجها الاقتصادي الذي يتمحور حول تخفيضات ضريبية للأثرياء، دون أن تقترح كيفية تمويلها، ما أثار اضطرابات في الأسواق المالية، خاصة في ظل تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، وسقوط الاقتصاد البريطاني في دوامة من الأزمات، كل ذلك ساهم في تقصير فترة رئيسة الوزراء.. ولكن يظل العامل الأكثر حسما في موقفها هو موقف الرأي العام البريطاني من برنامج ليز تراس الاقتصادي.
الاقتصاد المتدفق من الأسفل
في 23 سبتمبر الماضي أعلنت ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا، عن برنامج اقتصادي للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تواجه المملكة المتحدة والعالم أجمع منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
يطرح برنامج ليز تراس الاقتصادي، فكرة إجراء الميزانية المصغرة، والتي تعتمد على تخفيض الضرائب على الفئات الأعلى دخلا في البلاد بقيمة 45%، ويتم تمويل هذه الميزانية من خلال استدانة المليارات. وتعرف هذه العملية بنظرية الاقتصاد المتدفق من الأسفل، بمعنى دعم الأثرياء في الحصول على فائدة غير متناسبة من خلال تخفيض الضرائب، ما يساعد في تدفق الانتعاش الاقتصادي من أعلى (الأثرياء)، إلى الأسفل (الأقل دخلاً).
ولم تهدأ الاحتجاجات على هذا البرنامج الاقتصادي، ما جعل ليز تراس تؤكد أمام النواب أنه لن تكون هناك تخفيضات في الإنفاق العام، لكنها وعدت أيضًا بالإبقاء على التخفيضات الضريبية، الأمر الذي أثار الشكوك حول سياسة رئيسة وزراء بريطانيا، ووزير المالية كواسي كورتنج.
اقرأ أيضًا: ما مصير ثروة الملكة إليزابيث الثانية؟
لم يفلح برنامج ليز تراس الاقتصادي في استعادة الثقة بين المستثمرين؛ بل أثار حالة من الذعر في الأسواق المالية، وانخفضت قيمة الجنيه الاسترليني إلى مستوى تاريخي، وهذا ما جعل مصرف إنجلترا يعلن بعدها بأيام فقط وبالتحديد في 28 سبتمبر، طلب التدخل العاجل في سوق السندات لمواجهة حالة الذعر، ومحاولة استعادة الاستقرار المالي للمملكة المتحدة من خلال دعم العملة المحلية.
I recognise however that, given the situation, I cannot deliver the mandate on which I was elected by the Conservative Party.
I have therefore spoken to His Majesty The King to notify him that I am resigning as Leader of the Conservative Party.
— Liz Truss (@trussliz) October 20, 2022
إلغاء فوري للتخفيضات الضريبية للأثرياء
بعد أيام أعلن وزير المالية إقالته من منصبه، وتم تعيين جيرمي هانت وزيرًا جديدًا للمالية في البلاد، والذي قرر على الفور إلغاء خطة التخفيضات الضريبية للأثرياء، والشروع في استعادة قيمة الجنيه الاسترليني، في محاولة لتهدئة الذعر في الاقتصاد، رغم زيادة الأزمة واستمرار انخفاض الجنيه الاسترليني.
اقرأ أيضاً: دليل إدارة المحفظة الاستثمارية
«لا يمكنني تنفيذ التفويض الذي انتخبت من أجله». كانت هذه آخر كلمات ليز تراس، قبل أن تستقيل من منصب رئيسة الوزراء، معلنة عن فشلها في كسب التأييد لبرنامجها الاقتصادي القائم على التخفيضات الضريبية غير الممولة للأثرياء.
ماذا سيحدث في بريطانيا؟
من جانبه قال كالوم بيكرينغ، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرج، إنه عند اختيار بديل لـ(ليز) من المرجح أن يختار أعضاء البرلمان المحافظون شخصاً يتمتع بثقة الأسواق المحلية.
وأوضح (كالوم) في تصريحات حصرية لشبكة سي إن بي سي (CNBC)، إن أقرب المرشحين لخلافة ليز تراس هما: وزير المالية السابق ريشي سونالد، الذي خسر أمام تروس في مسابقة القيادة الأخيرة للحزب. وجيرمي هانت وزير المالية الجديد الذي تم اختياره منذ أيام وقرر على الفور إلغاء خطة التخفيضات الضريبية، والشروع في استعادة قيمة الجنيه الإسترليني.
If it’s true that @KwasiKwarteng has been sacked then @trussliz has to go too.
It’s not as if he made the decisions in the mini budget without her knowledge and approval🤡
A dangerous laughing stock.#ToryIncompetence #UTurn #TorysOut pic.twitter.com/lJAp1cP0ok
— Dan (@WSussexDan) October 14, 2022