عالم الميتافيرس Metaverse إلى «مقبرة التكنولوجيا».. تحت هذا العنوان الصادم نشر موقع إنسايدر المتخصص في التكنولوجيا مقالا لـ إد زيترون، Ed Zitron، تحدث فيه عما وصفه بموت الميتافيرس بعد الانطلاقة الصاخبة، والوعود التي بنيت عليه في عوالم ألعاب الفيديو، والكريبتو، والأعمال، ومكاسب بتريليونات الدولارات تولدها القيمة، ثم أخيرا ينتهي به المطاف إلى «موت مخز».
وإد زيترون هو الرئيس التنفيذي لشركة إي زد بي آر EZPR وكالة العلاقات العامة للتكنولوجيا والأعمال، وهو أيضًا مؤلف النشرة الإخبارية للتكنولوجيا والثقافة Where’s Your Ed At.
في المقال المطول الذي نُشر على موقع إنسايدر، اليوم الإثنين، يقول إيه دي زيترون «مات الميتافيرس في عمر الثلاث سنوات بعد أن تخلى عالم الأعمال عن التكنولوجيا التي كانت ذات يوم صاخبة وقدمت وعودا بالسماح للمستخدمين بالتسكع في عالم مشوش يشبه ألعاب الفيديو».
زيترون يضيف «في عام 2021 عندما قام مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك بتغيير اسم شركته التي تبلغ قيمتها تريليون دولار إلى ميتا. بعد ظهوره لأول مرة، أصبح الميتافيرس هاجس عالم التكنولوجيا، وأداة الوصول إلى مستثمري وول ستريت، ومع ذلك، لم يستطع الضجيج إنقاذه، حيث أدى الافتقار إلى رؤية متماسكة للمنتج في النهاية إلى تدهوره، بمجرد تحول صناعة التكنولوجيا إلى اتجاه جديد واعد وهو الذكاء الاصطناعي التوليدي».
وبعبارة صادمة يتابع الكاتب حديثه لمن بنوا الأحلام على الميتافيرس قائلا: «يتجه الميتافيرس الآن إلى مقبرة صناعة التكنولوجيا للأفكار الفاشلة».
اقرأ أيضًا.. شركة علي بابا تقتحم المنافسة في الميتافيرس
وعد الميتافيرس الكبير
يتطرق زيترون في مقاله إلى اللحظات الأولى للإعلان عن الميتافيرس على لسان مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة ميتا Meta، فيقول «منذ لحظة الإعلان، ادعى زوكربيرج أن الميتافيرس سيكون مستقبل الإنترنت، وحصدت هذه الوعود الهائلة توقعات عالية أذهلت وسائل الإعلام إلا أن الميتافيرس فشل في الوفاء بهذا الوعد طوال حياته القصيرة».
ويوضح الكاتب أن أحد أسباب فشل الميتافيرس هو وما وصفه بـ«أزمة هوية حادة»، لافتا إلى أن «أي منتج يتطلب بضعة أشياء ليزدهر وينمو تتمثل في: وضوح طريقة الاستخدام، والجمهور مستهدف، واستعداد العملاء لتبني المنتج».
لكن مع ذلك والكلام للكاتب فإن «عدم القدرة على تعريف الميتافيرس بأي طريقة ذات مغزى لم يقف في طريق صعوده إلى قمة عالم الأعمال. ففي الأشهر التي أعقبت إعلان Meta، تبنت الشركات المنتج، على الرغم من أنه لم يكن يتسم بالوضوح، وأيضا لم يتضح لماذا يجب عليهم أن يتبنوه».
الكاتب أضاف إلى أسباب أيضا من أسباب الفشل أن مفهوم الميتافيرس لم يكن جديدا، موضحا «أن مفهوم العوالم الافتراضية حيث يتفاعل المستخدمون مع بعضهم البعض باستخدام الصور الرمزية الرقمية هو مفهوم قديم، يعود إلى أواخر التسعينيات مع ألعاب تضم لاعبين متعددين على الإنترنت، مثل ميرديان 59 Meridian 59، وآلتيما أونلاين Ultima Online، وإيفركويست EverQuest».
اقرأ أيضًا.. «الواقع المعزز» بميتا يخسر 4 مليارات دولار.. وزوكربيرغ متمسك بميتافيرس
استغلال الميتافيرس
ويمضي الكاتب ليوضح كيف استغل عدد من القطاعات هذه التقنية، مشيرا إلى شركات ألعاب الفيديو والتشفير، فيقول «ركبت روبلوكس Roblox، منصة الألعاب الموجودة على الإنترنت منذ 2004 موجة الضجيج حول الميتافيرس وتمكنت من طرح عام أولي حصلت بموجبه الشركة على تقييم بقيمة 41 مليار دولار»، مضيفا «بالطبع، استحوذت صناعة العملات المشفرة على الكرة وركضت معها: فالأشخاص الذين يقفون وراء شركة بورد آب ياخت كلوب إن إف تي Bored Ape Yacht Club NFT خدعوا الصحافة باعتقاد أن تحميل صور القرد الرقمية لشخص ما في الواقع الافتراضي سيكون هو المفتاح لـ إتقان ميتافيرس، حتى أن شركات التشفير الأخرى نجحت في إقناع الناس بأن الأرض الرقمية في ميتافيرس ستكون الحدود التالية للاستثمار العقاري»، مضيفا أنه «حتى الشركات التي بدا أن ليس لها علاقة تذكر بالتكنولوجيا قفزت على متن سفينة الميتافيرس فانضم كلا من ول مارت Walmart وكذلك ديزني».
الكاتب أشار أيضا إلى سقف التوقعات المرتفع للقيمة التي تم وضعها لما سيولده الميتافيرس، لافتا إلى ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال بهذا الصدد من أن «التقنية الجديدة سوف تغير طريقة عملنا إلى الأبد كما توقعت شركة الاستشارات العالمية McKinsey أن ميتافيرس يمكن أن يولد ما يصل إلى 5 تريليونات دولار من حيث القيمة، وأن حوالي 95 ٪ من قادة الأعمال توقعوا أن يكون لميتافيرس تأثير إيجابي على صناعتهم في غضون من خمس إلى 10 سنوات».
اقرأ أيضًا.. فنون قتالية وجاسوسية ورياضة.. 5 ألعاب بالميتافيرس تستحق التجربة
انهيار الميتافيرس
يقول الكاتب «على الرغم من كل هذا الضجيج، فإن ميتافيرس لم يعش حياة طويلا حيث بنيت الفكرة على وعود غامضة لزوكربيرغ، وعندما أتيحت الفرصة للناس بالفعل لتجربته، لم يستخدم أحد ميتافيرس فعليًا».
يدلل الكاتب على عبارته التي قال فيها «لم يستخدم أحد ميتافيرس فعليًا»، مشيرا إلى أن «ديسنترالاند Decentraland، منتج الميتافيرس الأكثر تمويلًا واللامركزية والقائم على التشفير، لم يكن لديه سوى 38 مستخدمًا نشطًا يوميًا».
الكاتب واصل حديثه قائلا إن «صحيفة وول ستريت جورنال رصدت حوالي 9٪ فقط من العوالم التي أنشأها المستخدمون تمت زيارتها من قبل أكثر من 50 لاعبًا، وقالت ذا فيرج The Verge إنه حتى موظفي Meta تجنبوا التقنية على الرغم من قوة الشركة بلغت قيمتها تريليون دولار في ذلك الوقت، ولم تستطع Meta إقناع الناس باستخدام المنتج الذي رهنت مستقبلها عليه».
الأحلام الكبيرة التي بنيت على الميتافيرس يبدو أنها انهارت هي الأخرى، يقول الكاتب «لقد أصيبت الميتافيرس بمرض خطير مع تباطؤ الاقتصاد ونمو الضجيج حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأغلقت مايكروسوفت منصة مساحة العمل الافتراضية آلت سبيس في آر AltSpaceVR في يناير 2023، وسرحت 100 عضو من فريق ميتافيرس الصناعي، وأجرت سلسلة من التخفيضات على فريق HoloLens، كما أغلقت ديزني قسم Metaverse الخاص بها في مارس، وحذت شركة وول مارت Walmart حذوها من خلال إنهاء مشاريع Metaverse القائمة على Roblox. أدت مليارات الدولارات المستثمرة والضجيج اللاذع حول مفهوم خبز لم يكتمل إلى فقدان الآلاف – إن لم يكن عشرات الآلاف – من الأشخاص وظائفهم».
واختتم الكاتب مقاله قائلا «ضلل زوكربيرج الجميع، وأحرق عشرات المليارات من الدولارات، وأقنع المتابعين بالخضوع لهوسه الخيالي»، مضيفا «لا يوجد سبب يدعو رجل أشرف على تسريح عشرات الآلاف من الأشخاص إلى إدارة شركة كبرى. لا مستقبل لميتا مع مارك زوكربيرج على رأسها».