من قال إن الأحلام مستحيلة؟ وجدت الأحلام لكي تتحقق وهذا ما تفعله المملكة العربية السعودية اليوم. فبعيدًا عن الأفلام والروايات، باتت السعودية اليوم عنوانًا مرئيًا للتحول التكنولوجي والرقمي الذي يحصل في العالم الآني. وكجزء من مبادرة رؤية الحكومة السعودية 2030، الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، سيمهد تطوير حلول الثورة الصناعية الرابعة المحلية-4IR الطريق أمام تحول السعودية إلى مملكة ذات اقتصاد مدفوع بالابتكار وقائم على العلم والثقافة.
وللإشارة، يقيم القطاع الرقمي في السعودية اليوم بمبلغ 40 مليار دولار موفرًا بدوره 318,000 وظيفة ومجسدًا بالتالي أحد أكبر وأهم القطاعات الرقمية في المنطقة والجوار بحسب موقع الإندبندنت The Independent. ومع ولوج المزيد من الاستثمارات الهائلة المقدرة بـ24,7 مليار دولار والموجهة إلى تكنولوجيات متنوعة بحلول 2025، ستحتل الحكومة السعودية المركز الأول في العالم من حيث الإنفاق الحكومي على المجال التكنولوجي.
وفي ظل هذا التطور الواسع والشامل، تميل العديد من الشركات الضخمة كغوغل Google وعلي بابا Alibaba.com إلى الاستثمار في المملكة العربية السعودية، ما يعزز بالتالي نمو الشركات والمؤسسات القائمة على مبدأ التكنولوجيا المحلية مع توفير فرص عمل ونسبة خبرات عالية في أسواق المملكة. وهذا ما يفسر بالتالي ظهور الأرقام والعائدات الملفتة للأنظار وتسجيل التطور المثير للاهتمام.
احتلت السعودية المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في تقرير المنافسة الرقمية لعام 2021، والمركز الثاني عالميًا لمؤشر الأمن السيبراني لعام 2022، والأول في العالم العربي والثاني والعشرين عالميًا لأحدث مؤشر عالمي للذكاء الاصطناعي. كما تصدرت العديد من المراكز الأخرى المهمة. وبفضل موقعها الجغرافي، شكلت المملكة نقطة استراتيجية على الخريطة العالمية لنقل البيانات بين بوابات الأسواق الرئيسية كان آخرها التوقيع مع شركة ساند بوكس The Sandbox.
الجدير بالذكر أن هذا التحول الرقمي في المملكة السعودية ليس إلا وليد التمويل الاستراتيجي. ففي الحقيقة، تقود هيئة الحكومة الرقمية سفينة التغيير في الأرجاء، ومن المتوقع أن تزيد قيمة كل من مخططات المدن الذكية، ومبادرات الصحة الرقمية، ووسائل النقل المستقلة البلوكشين Blockchain المعتمد لتحويل الأموال وغيرها من النشاطات المتطورة لتبلغ أكثر من 13 مليار دولار بحلول عام 2025.
تم تأمين نسبة كبيرة من التمويل من استراتيجية الاستثمار الوطنية لرؤية 2030، وبهذا التمويل تم بالفعل رقمنة خدمات الحكومة وتم إطلاق أكاديمية رقمية وأكاديمية وطنية لتكنولوجيا المعلومات ومجموعة من الصناديق وحزم الدعم المختلفة. في عام 2021، أعلنت الحكومة عن سلسلة من البرامج بقيمة 1,2 مليار دولار الهادفة إلى تحسين المهارات الرقمية لأكثر من 100,000 تلميذ سعودي بحلول عام 2030. وفي الوقت عينه، صرحت الحكومة عن مبلغ 1,4 مليار دولار لمساندة الشركات الناشئة.
لا شك في أن التحول الرقمي في ربوع المملكة يعود بالفائدة الكبيرة على اقتصادها. وتشمل موجة الرقمنة هذه كل القطاعات الحيوية وتشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بما في ذلك الخدمات الحكومية والمالية والطاقة وغيرها الكثير. وتعمد هذه الرقمنة بدورها إلى تعزيز الإنتاجية والكفاءات مع تقليل مخاطر الأخطاء البشرية.
إن ميول المملكة إلى احتضان التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي قبل جميع الدول المجاورة وتركيزها على بناء نظام داعم للقطاعات شتى، سيجعل من السعودية بلدًا أكثر جاذبية ضمن مشهد عالمي متقلب. ولكن بالرغم من هذا التطور السريع الذي يشهده البلاد، لا بد للسعودية من تأمين اليد العاملة اللازمة والكفؤة إضافة إلى المهارات المحلية والعقلية المبتكرة الهادفة إلى حل مشكلات الوظائف المستقبلية.