منذ ما يزيد على عشرة أعوام كانت الطفلة أناستاسيا دينيسوفا، تجلس وتمسك بالورقة والقلم تدون ما أنفقته وما ادخرته من الدولارات العشرة التي تتحصل عليها من والديها أسبوعيا. كبرت أناستاسيا، وأصبحت في سن الثامنة عشر عندها التحقت بعمل بدوام كامل في وكالة علاقات عامة، ولا تزال تمارس نفس العادات المالية التي تعلمتها على يد والديها. وفي 2022 أصبحت على رأس شركة تدير منصة عقارية تعمل بالذكاء الاصطناعي في دبي تشغل فيها منصب الشريك والرئيس التنفيذي. وفي عام 2023 أي بعد عام واحد توسعت الشركة لتمتد خدماتها إلى 20 مدينة حول العالم، وتدر عوائد شهرية تقدر بمليون دولار.
«كنت في سن الثامنة عشرة، عندما كنت أعمل بدوام كامل في وكالة علاقات عامة في روسيا. كانت الوكالة تدر علي 9000 دولار شهريًا. وفيما بعد، توسعت الوكالة وجذبت من 200 إلى 300 عميل، وفي ذلك الوقت كنت أتعامل في الغالب مع رواد أعمال». تقول أناستاسيا دينيسوفا، رائدة الأعمال الروسية وهي تروي قصتها مع ريادة الأعمال.
رائدة الأعمال الروسية التي تصف نفسها بأنها طموحة للغاية عملت خلال سنوات الأولى في وكالة العلاقات العامة الروسية على متابعة خطوات رواد الأعمال الذين تعاملت معهم ورأت كيف استغلوا الفرص الريادية التي أتاحتها التكنولوجيا. ومنذ ذلك الوقت، دخلت أناستاسيا في شراكة في منصة استثمار عقاري في روسيا تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا.. كيف تصل إلى الحرية المالية؟ إليك 8 خطوات
جولة تمويلية بـ 5 ملايين دولار
ومنذ عام 2020، أصبحت أناستاسيا رائدة أعمال، وتمكنت المنصة الناشئة من جمع 5 ملايين دولار خلال السنوات الثلاث الماضية في جولة تمويلية من المستثمرين الملائكيين والبنوك ومطوري العقارات، الذين كانوا من بين أول المستخدمين للمنصة، ثم توسعت لتنتقل إلى دبي، وأصبحت الآن شريك مؤسس ورئيس تنفيذي لها.
تقول أناستاسيا «منذ ذلك الحين، قمنا بإطلاق منتجات عقارية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في دبي وأبوظبي والشارقة، وقدمنا خدمات لـ27 مطورًا».
وحول الخدمات التي تقدمها المنصة التكنولوجية، تقول أنستاسيا، في مقابلة مع GULF NEWS «كانت فكرة شركتنا الناشئة هي إنشاء منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها تبسيط عملية الاستثمار للمستثمرين العقاريين، فعادة ما يستغرق الأمر أسابيع للمستثمرين للبحث والعثور على العقار الذي يتمتع بأكبر فرص للنمو»، مضيفة «تسرع التكنولوجيا هذه العملية».
اقرأ أيضًا.. صندوق الطوارئ.. إليك 5 تطبيقات لبناء شبكة أمانك المالي
بعد عام واحد فقط من الانتقال إلى دبي، امتد عمل البوابة التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي لتتوسع في تقديم خدماتها في أكثر من 20 مدينة حول العالم، مع خطط للتوسع أكثر، وزادت الإيرادات الشهرية إلى مليون دولار مع أكثر من 50 ألف مستخدم.
تقول أناستاسيا التي تفتخر بأنها الرئيس التنفيذي لبوابة تكنولوجيا مقرها دبي، «تسمح البوابة ببساطة للمستثمرين بـ شراء العقارات مباشرة من المطورين، عن طريق تقدير معدلات الزيادة في القيمة المستقبلية وعوائد الاستثمار في غضون ثوانٍ، وإدارة جميع الأصول المشتراة في مكان واحد».
اقرأ أيضًا.. 5 أفكار ابتعد عنها إذا أردت أن تصبح ثريًا بسرعة
دروس أناستاسيا دينيسوفا لرواد الأعمال
تعتبر اناستاسيا الدروس التي تعلمتها من شريكها الأكبر أليكس جالتسيف الأهم في مسيرتها الريادية التي تسير عليها وتدعو رواد الأعمال مثلها إلى التركيز عليها، تقول إنستاسيا «يجب أن يكون رائد الأعمال على استعداد لاستثمار أكبر قدر ممكن من جهده ومواردها المتاحة في مسيرته»، مضيفة «أنفذ ذلك في حالتي التي تتمثل في توسع شركة رائدة في الذكاء الاصطناعي بقطاع العقارات».
الدرس الثاني هو أن ريادة الأعمال تبدأ من سن صغيرة، حيث تتذكر أناستاسيا كيف كانت قبل أن تخوض رحلة ريادة الأعمال، كيف كان والديها يعلمانها أهمية إدارة المال عن طريق إعطائها أسبوعيا مبلغا قدره 10 دولارات مع تزويدها بأوراق لتخطيط طريقة إنفاقها.
تقول أناستاسيا «كنت أملأها كل أسبوع وأدون فيها مصاريفي مثل وجبات الغداء وهدايا الأصدقاء في أعياد الميلاد، ثم أطلب موافقة والدي، وتبقى بعض النقاط مفتوحة للنقاش. علمتني هذه الدرس المبكر كيفية إنفاق المال بحذر وتحديد الأولويات في المصاريف والتخطيط للمستقبل، وأنا لا زلت ألتزم بهذا المبدأ إلى يومنا هذا. فمن المستحيل بالنسبة لي أن أنفد المال، بفضل نظام والدي».
تشعر دينيسوفا بأن هذا المبدأ كان له قيمة لا تقدر بثمن في حياتها المهنية أيضًا. «في عملية إدارة الشركات يتطلب الإنفاق الحكمة والمسؤولية مع الأخذ في الاعتبار الاستدامة على المدى البعيد»، تقول إناستاسيا.
وتضيف «من خلال إنشاء ميزانية والالتزام بها، نضمن تشغيل أعمالنا بشكل مستدام في المنطقة واتخاذ قرارات مدروسة حول مكان الاستثمارات. يسمح لنا مراجعة الميزانية بانتظام وتعديلها بالتكيف مع تغيرات السوق والبقاء على اطلاع مالي حكيم ومسؤول».
أما الدرس الثالث فهو في تنويع محافظ الاستثمار، حيث توضح أناستاسيا أنه منذ بداية حياتها المهنية، كانت توفر 20 في المائة من دخلها كل شهر، مما ساعدها على إنشاء ملاءة مالية للمهام الريادية المحتملة في المستقبل.
تقول أناستاسيا «في العام الماضي، قمت باستثمار جميع الأموال المتراكمة لدي في الأسهم وحققت عائدًا سنويًا قدره 40 في المائة على شركات مختلفة مدرجة في بورصة لندن. قمت بتنويع محفظتي بالاستثمار في قطاع البنوك والاقتصاد الحقيقي وأسهم التكنولوجيا في مجال الرعاية الصحية»، وأضافت «أستثمر في أصول مختلفة تعد خطرة ومتقلبة. كما استخدم أدوات محافظة لتوفير جزء من دخلي. ومع زيادة دخلي، أقوم بتعديل النسبة التي أوفرها وفقًا لذلك. ومع ذلك، يتركز اهتمامي الأساسي على شركتي التي بها حصة، وآمل في رفع قيمتها وإدراجها في البورصة وتأمين مستقبلاً مريحًا لنفسي وعائلتي».
أناستاسيا دينيسوفا توازن بين حياتها الاجتماعية وعملها
ربما يعتقد البعض أن السنوات القليلة التي تحقق فيها الكثير لدى إناستاسيا كان على حساب علاقاتها الأسرية وهواياتها، تقول رائدة الأعمال الروسية، «على الرغم من دافعي لتحقيق النجاح، فإن هناك أولويات في حياتي، منها الحفاظ على توازن بين العمل والحياة الشخصية، لذلك فإن الأسرة والعلاقات تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لي كما أنني أقدر اللحظات التي أقضيها مع أحبائي». تقول أناستاسيا.
تعرف الشابة الروسية قيمة الرفاهية الشخصية والوقت المخصص لما يضفي عليها السعادة، ولذلك تقول «على الرغم من أن العمل هو الذي جاء بي إلى الإمارات، إلا أن هناك الكثير من الجوانب الترفيهية الجذابة في هذا البلد خارج إطار العمل، حيث تساهم الأجواء النابضة بالحياة في دبي في حبي للمدينة».
وعلى الرغم من ضغوط العمل إلا أن أناستاسيا لا يزال لديها الوقت لتمارس هوايات القراءة ولعبة التنس، وبناء العلاقات الاجتماعية ونشر الإيجابية.