أتذكرون يوم توقفت حركة العالم تمامًا في الأيام الأولى من جائحة كورونا؟ يومها مدينة واحدة لم تهدأ، كان العالم شبه مشلول، مصدوم، مكشوف العيوب. وكانت دبي تعقم شوارعها كل يوم في الليل، وتبني لما بعد الجائحة ليل نهار.
دبي إمارة لا تهدأ.. لا تقف لحظة وإن وقف العالم..
عشت عشرين عامًا في دبي، شاهدتها في أزماتها، في تألقها.. راقبتها.. وأحاول أن ألحق بها، وأراكم دروس نهوضها في ذاكرتي لعلي أتعلم.
شوارع خالية وغرف اجتماعات صاخبة، ولو كانت عن بعد. حملات تعقيم، مستشفيات ميدانية، تلقيح وإجراءات تباعد صارمة واكسبو.. تدرس تقييم تخطط وتنفذ وتتقدم.
خرج العالم من كورونا منهك القوى، وخرجت دبي من كورونا أقوى. خرجت وهي جاهزة أن تحضن عالم المستقبل، فهي قرأت مرحلة ما بعد كورونا في عز كورونا.
كانت دبي خلال الجائحة أشبه بغرف عمليات متنوعة.. غرفة تدير الجائحة، وغرفة تخطط لمرحلة ما بعدها، وغرف تجمع بين الإثنين.
اجتماعات تصل الليل والنهار الجائحة بما بعدها. واجتماعات دبي غيرها عن اجتماعات العالم بأجمعه. فهي لا تنتهي الا بخطة عمل يبدأ تنفيذيها لحظة انتهاء الاجتماع، وحتى قد تبدأ من داخل الاجتماع.
الخطة في زمن الجائحة واضحة.. أن تسبق دبي العالم إلى عالمه الافتراضي الذي خطا خطواته الأولى في عز الجائحة.
الخطة أن تكون الأولى.. هناك، حيث لا عليك إلا أن تعمل مثل دبي لتكون الأول هنا وهناك. أعلنت الهيئات والتشريعات قبل إعلان انتهاء إجراءات الجائحة: هيئات خاصة بالرقمنة، بالميتافرس، تسهيلات لرواد الاعمال، إقامات ذهبية للمبدعين،
امتيازات لشركات التكنولوجيا والبلوكشين.
إن دبي في قلب العالم ترسم خطوطه وتنظر الى ما بعده. وجاهزة لاستيعاب عالم المستقبل، تريد ان تبدأ التخطيط لما بعد المستقبل. تبني دبي دائمًا لمرحلة لا نراها بأم العين. مرحلة تحتاج إلى رؤية صقر، وحكمة شيخ؛ لتتكون.. وتحتاج روح شباب مقدام وفزاع لتنفذ.
انتهت أزمة الجائحة ولن تكون الأخيرة، لكن تذكروا يوم توقف العالم فدخل ببعضه وكشفت عيوبه وبانت دبي منارة مستقبل العالم.
انتظروها..
راقبوها..
تعلموا منها أفرادًا وجماعات، شركات ودول..
إنها أبعد من إمارة..
إنها منارة.