أدى إفلاس بورصة FTX وفشل الملياردير سام بانكمان، في إتمام صفقة الاستحواذ مع منصة بينانس، إلى انخفاض في أسعار العملات المشفرة، ما أثار عددًا من الشكوك حول مدى حجم المخاطر المتزايدة في مجال الاستثمار في العملات المشفرة، وإذا ما كانت هذه المخاطر مجرد إشارة لقرب زوال عصر العملات المشفرة.
وفقًا لموقع سي إن إن CNN فإن سعر البيتكوين، وهي العملة المشفرة الأكثر شعبية، قد بلغ نحو 15 ألف دولار أمريكي، متأثرًا بأحداث إفلاس بورصة FTX، وشمل ذلك أيضًا انخفاضًا في سعر الإيثيريوم إلى حدود 1.09 ألف دولار أمريكي، ما يعتبره بعض المتابعين إشارة إلى أن نظريات منتقدي العملات المشفرة، أمثال وارن بافت ربما كانت صحيحة تمامًا.
عصر العملات المشفرة مهدد بالزوال
ازدهر الاستثمار في العملات المشفرة وخاصة من قبل الشباب الذين وجدوا من خلالها وسيلة لتحقيق الحرية المالية وكسب المال. وازدادت أسعار العملات المشفرة إلى مبالغ قياسية في عام 2021 حيث تخطى سعر البيتكوين حدود الـ69 ألف دولار أمريكي بسبب الإقبال الكثيف عليها من المستثمرين.
اقرأ أيضًا: سام بانكمان فرايد.. من 16 مليار إلى صفر دولار
مما يشير أن نسبة تغير الأسعار (Volatility) بلغ بين الحد الأقصى و الحد الذي بلغه سعر البيتكوين عند إعلان إفلاس أف تي أكس حوالي 78%. ويعتبر هذا الرقم نسبيًا مرتفعًا مقارنة مع الاستثمارات المالية الأخرى مثل الأسهم والسندات والمشتقات المالية. وعليه يعتبر الاستثمار في العملات المشفرة محفوف بالمخاطر والضغوط النفسية وذلك بسبب تقلب سعرها بصورة كبيرة ومستمرة.
كما أنه من المستحيل في الوقت الحالي تحقيق عائدات كبيرة من خلال الاستثمار في الأصول المشفرة كما هو حال المستثمرين الأوائل الذين حققوا أرباحًا خيالية لأنهم استثمروا في أصول لم تكن معروفة واستغلوا إنخفاض الطلب عليها. أما اليوم فقد أصبحت العملات المشفرة معروفة من قبل الجميع وبالتالي أضحى سعرها عرضة للعرض والطلب والمعلومات المتوفرة في الأسواق.
التأسيس لحقبة جديدة
لا يمكن لأي مشروع جديد تحقيق النجاح دون المرور بصعوبات ومشاكل تقنية. وينطبق هذا الحال على العملات المشفرة التي أثبتت أنها أداة يمكن استخدامها في العديد من القطاعات، وخاصة قطاع الألعاب الإلكترونية. كما أثبتت الأصول المشفرة التي تستخدم نظام البلوكشين أنها قادرة على حل المشاكل المتعلقة بالتكلفة والوقت، من خلال التحويل المالي اللامركزي دون المرور بوسطاء ماليين مثل المصارف.
اقرأ أيضًا: كيف قضت عملة FTT على طموح ملك العملات المشفرة؟
واعتمدت العديد من الشركات والمؤسسات بعض العملات مثل البيتكوين والإيثريوم وغيرها كوسيلة للمدفوعات بسبب أهميتها وسهولة إستخدامها. حتى أن نظامها القائم على البلوكشين أصبح محط أنظار الدول والمصارف المركزية في الصين والإتحاد الأوروبي التي بدأت بتجارب العملات الرقمية كوسيلة للدفع.
كل هذه الإيجابيات تدل على أن العملات المشفرة أصبحت أمر واقع وانها غير قابلة للزوال كما يتوقع الكثير ولكنها بحاجة في البداية إلى وضع إطار تنظيمي لامركزي يضمن حقوق المستثمرين فيها. كما ينبغي على الشركات التي تقوم باصدارها أن تحدد المشروع التي ترتبط به وعليه يجب على المستثمرين عدم الاستثمار في أي عملة مشفرة إذا لم تكن مرتبطة بمشروع مجدي. كما يجب على المستثمرين أن يعوا أن المضاربة باستخدام الأصول المشفرة دون معرفة معمقة عن المشاريع المرتبطة بها محفوف بالمخاطر ولا يضمن لهم الحرية المالية.