لا شك أن رحلة الإنترنت طويلة جدًا ولا يمكن اختصارها بكلمات قليلة، حيث بدأ الأمر كله مع ظهور النسخة الأولى من الإنترنت والتي تعرف بالويب 1، وتطور مع مرور الزمن إلى أن فتح الباب أمام جيل جديد يعرف بالويب 4.
وفي الحقيقة، عُرفت هذه النسخة الأولى آنذاك بـ”الإنترنت” أو بـ”شبكة القراءة فحسب”. اشتهرت هذه النسخة الأولية أو البدائية بمعناها المجرد بصفحات الشبكة التي لا تعد ولا تحصى والمرتبطة ببعضها البعض عبر الروابط الإلكترونية. تجرد الويب1 من أي شكل من أشكال التفاعل بين المستخدمين والآلة، فقد اكتفى المستخدم بقراءة المعلومة المتوفرة له، من دون تمتعه بأي سلطة أو قوة بشأن ما يتم توفيره للجمهور.
ولكن سرعان ما تبدلت الأحوال وولدت النسخة الجديدة من الإنترنت المعروفة باسم الويب 2. وفي الحقيقة، لم تغير هذه النسخة الإنترنت فحسب بل غيرت العالم بأجمعه. فقد أشعلت ثورة في طريقة تفاعل الناس بين بعضهم البعض، ووفرت لهم تجارب تفاعلية جديدة ولا سابق لها. بفضل التحسينات والتطويرات التي أضافها المطورون في هذا المجال، انتقل المستخدم من متلقٍ سلبيٍ للمعلومة إلى مشارك في كتابة المحتوى ونشره.
اقرأ أيضًا.. كيف يغير الميتافيرس العالم بـ7 طرق؟
وفي ظل الإيجابيات العديدة التي يوفرها الويب 2، إلا أنه يضم مشاكل عديدة كأي تكنولوجيا جديدة ومنها موضوع المركزية. إذ تخضع هذه النسخة لسلطة مركزية قوية تتلقى معلومات وبيانات من المستخدمين من كل أنحاء العالم. وانطلاقًا من هذا الواقع، بات من المؤكد أن الكيانات المركزية الضخمة تتحكم وبشكل مطلق بكل البيانات وبقدرتها استخدامها كما يحلو لها وللأغراض التي تريدها.
وعلى العكس، يقوم الويب 3 على توفير المساحة للمستخدمين الفعليين ليكونوا هم الأوصياء والمتحكمين ببياناتهم وأصولهم. وللمرة الأولى في تاريخ التكنولوجيا، بات المستخدم نفسه قادرًا على التحكم بمن يستطيع الوصول إلى بياناته. ولتحقيق هذا الغرض، لجأ المطورون إلى تقنية تكنولوجية ما لبست أن أبصرت النور حتى أصبحت أشهر من نار على علم: “البلوكشين”. ولا يزال تبنّي الويب 3 في مراحله الأولية، ومع ذلك يتطلع الناس لصدور النسخة الرابعة من الإنترنت ألا وهي الويب 4.
تعريف الويب 4
تكمن الفكرة الأساسية وراء الويب 4 في توفير إنترنت قادرة على كل شيء. كيف؟ يقول القائمون على الويب 4 إن هذا الجيل الرابع من الإنترنت من شأنه أن يركز على توفير تجربة استثنائية وبل محسنة لكل مستخدم. وسيتم الأخذ بعين الاعتبار 3 ركائز أساسية:
1.البيانات الضخمة: يعمد الويب 4 إلى استخدام البيانات الضخمة لبناء عالم متصل ومثقف. وبالتالي، فإن هذه النسخة من الإنترنت تضع في قائمة أولوياتها استخدام البيانات لتوفير تجربة شاملة للمستخدمين.
2.التعاون: ستقوم النسخة الرابعة من الويب على مبدأ التعاون بين المستخدمين كما مزودي الخدمات. وقد يشمل ذلك أفكارًا جديدة كبيانات المستخدم التي بدورها قد تحدد شكل الموقع الإلكتروني.
3.الواقع المعزز: لا شك في أن الويب 4 وسيلة غير مباشرة لتعزيز دور العالم الافتراضي والواقع المعزز. فبامتلاك المستخدمين أفاتارز خاصة بهم على الإنترنت، بات من السهل النظر إلى الإنترنت على أنها قرية وبل عالم افتراضي يجمع الناس من كل أنحاء العالم. ومن هنا، من المتوقع أن يشهد العالم تركيز على أهمية الوحدة والتعايش بسلام وأمان مع بعضنا البعض.
اقرأ أيضًا.. سام ألتمان VS. إيلون ماسك.. ChatGPT إلى الواجهة مجددًا
كثيرة هي الأفكار المشوقة التي ترتبط بتطور الويب 4، ولكن قد تكون بعض هذه التوقعات مستحيلة أو صعبة التحقيق. فكخطوة أولى، لا تزال البرامج والأجهزة المتوفرة اليوم غير مطابقة أومتوافقة مع أفكار الويب 4 الكبيرة. بالإضافة إلى أنه في ظل تحول العالم إلى عالم افتراضي رقمي، هل ستتأثر العلاقات البشرية الحقيقية؟
يكمن الخوف الأكبر في أن يفضل المستخدم إنشاء علاقات اجتماعية افتراضية بدلًا من التعرف على أشخاص في العالم الواقعي. والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه. ما هو تأثير الويب 4 على إنفاذ القانون أو حتى على ثقافة العمل. فمع تبني هذا الجيل الجديد من الإنترنت، قد يتبدل شكل الحياة بشكل جذري. كيف يمكن للحكومة أن توفر الأمن والسلام في مكان يصعب فرض القوانين الجامدة فيه؟ هل على المستخدم حماية نفسه وحقوقه بنفسه؟ وكيف سيكون شكل العمل مع الويب 4؟ هل سنقول وداعًا لمباني المكاتب إلى الأبد؟
لا يزال الجيل الرابع من الإنترنت جيلًا نظريًا ويستند إلى افتراضات رائعة بطبيعتها. وحتى لو كان الويب 4.0 ممكنًا وأبصر النور يومًا ما، فلا يوجد ما يشير إلى أن مثل هذا المستقبل قريب. فمتطلبات الأجهزة والبرامج لاعتماد الويب 4 غير متوفرة بعد، وقد يستغرق الأمر عقودًا لصناعتها وتوفيرها للمعنيين.
اقرأ أيضًا.. الويب 3 في السعودية.. فرص جديدة للمهتمين بالبلوكتشين