قد يعتقد الإنسان أن الذكاء الاصطناعي وصل إلى ذروته، وقدم كل إمكاناته من الإبداعات الجديدة والمفيدة في عالمنا الحالي. ولكن هذه التقنية التكنولوجية لا يمكن توقع حدودها، ومؤخرًا، تداولت الساحات العلمية خبرًا شديد الخطورة، حول بروتينات بشرية جديدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
في العادة، يتنج الجسم البشري حوالي 20,000 بروتين مختلفة ذات مهام متعددة مثل الهضم، أو نقل الأكسجين عبر الدم، وغيرها المزيد من النشاطات الحيوية. أما اليوم، يخطط العلماء إلى ابتكار تصاميم بروتينات غير موجودة في الطبيعة، وذلك بهدف تحسين قدرة الجسم البشري على مكافحة الأمراض والتصدي لها.
ولا يعد هذا المشروع جديدًا، إذ يعمل ديفيد بيكر David Baker، وهو رئيس معهد تصميم البروتين Institute for Protein Design في جامعة واشنطن، على ابتكار بروتين حرفي منذ أكثر من ثلاثين عامًا. وبحلول عام 2017، استطاع بيكر برفقة فريقه المتخصص تأكيد إمكانية تحقيق هذا المشروع وتطبيقه.
اقرأ أيضًا: الذكاء العاطفي الاصطناعي.. الآلة تحدد مشاعرك وحالتك النفسية
ولم يتوقع العلماء أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق هذا المشروع. حيث تستغرق عملية تصميم مخططات هذه البروتينات سنوات عديدة، بينما بواسطة الذكاء الاصطناعي يمكن إتقان العمل خلال أسابيع قليلة فحسب، وفقًا لموقع نييورك تايمز Newyork Times.
وفي العام الماضي، نشر ديفيد بيكر، بالتعاون مع زملائه، مقالات عديدة في مجلة Science، مشيرًا فيها إلى دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية تصميم هذه البروتينات بمعدلات نجاح أعلى، لمعالجة الأمراض والأوبئة المنتشرة اليوم مثل السرطان وكورونا.
الشبكة العصبية لتوليد الصور المرغوبة
مع بروز تقنية DALL-E إلى الساحة، أصبح من الأسهل تصميم هذه البروتينات، إذ تعمل هذه الأداة على إنشاء أي شيء يرغبه الفرد موفرًا له قائمة لا حدود لها من التصاميم المختلفة. وتعتمد هذه التقنية على ما يسمى الشبكة العصبية لتوليد الصور المرغوبة، وهو في الحقيقة نظام مشابه لشبكة الخلايا العصبية في دماغ الإنسان.
اقرأ أيضًا: الحب والذكاء الاصطناعي.. لماذا لا نتحول جميعًا إلى روبوتات؟
وتكتسب الشبكة العصبية التكنولوجية معرفتها وثقافتها من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات الرقمية. أما فيما يخص أداة DALL-E، توجه الخبراء إلى بناء شبكة عصبية تبحث عن أنماط معينة أثناء تحليل ملايين الصور الرقمية، والفقرات التي تصف هذه الصور. وبهذه الطريقة، تكتسب الشبكة العصبية القدرة على ربط الصور بالكلمات.
عندما يتم وصف صورة معينة لتقنية DALL-E، تولد الشبكة العصبية مجموعة من الميزات الأساسية التي قد تضمها الصورة المعنية. تلي هذه الشبكة العصبية الأولى، شبكة عصبية ثانية تسمى نموذج الانتشار المعنية بالتالي بتوليد البكسلات اللازمة لتحقيق هذه الميزات.
اقرأ أيضًا: 5 نماذج مبتكرة من الروبوتات الذكية ستغير حياتك
ويتم تدريب هذا النموذج على سلسة من الصور التي يضاف إليها تدريجيًا بعض الشوائب. وبمجرد تحليل هذه الصور، يكتسب النموذج القدرة على تطبيق هذه العملية ولكن بالمقلوب. فعند تغذية هذه الشبكة ببكسلات عشوائية، ستتمكن الشبكة نفسها من إزالة الشوائب وتحويل هذه البكسلات إلى صور متجانسة بل وواضحة تمامًا.
وكما استطاعت تقنية DALL-E الربط بين الكلمات والصور، بإمكان أدوات عديدة من الذكاء الاصطناعي الربط بين ما يمكن أو تفعله البروتينات وشكلها. وبالتالي، باستطاعة العالم أن يوفر مخططًا تقريبيًا للبروتين الذي يريده ليقوم نموذج الانتشار بعد ذلك بتوليد شكله ثلاثي الأبعاد.
لا شك في أن التقنيات التكنولوجية المتجددة والثورية من شأنها تسريع اكتشافات الإنسان وتطبيقاتها على أرض الواقع. فكما ذكرنا سابقًا، اتضح أن الذكاء الاصطناعي لا يساهم في خلق هذه البروتينات فحسب بل يعزز طرقًا جديدة لاكتشاف سبل فريدة لا يستطيع الإنسان التوصل إليها وحده.