كثيرون هم الذين يرون في الذكاء الاصطناعي فائدة واسعة، إذ من شأن هذه التكنولوجيا الثورية مساعد الإنسان بإتقان عمله وتقديم إنتاجية أعلى وأكثر كفاءة، وأحد أحدث تطبيقات هذه التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي العاطفي، والذي يهدف تحسين التواصل الإنساني بين البشر، والذي بدوره قد يُحدث نقلة في قطاع خدمة العملاء.
تعريف الذكاء العاطفي
ظهر هذا المصطلح إلى الساحة بعد أن عرفه كل من بيتر سالفوي Peter Salvoy وجون ماير John Mayer، على أنه نوع من الذكاء الاجتماعي القائم على قدرة الفرد بمراقبة مشاعره الخاصة ومشاعر الأفراد من حوله والتفريق بينها؛ وبالتالي استخدام هذه البيانات لاختيار الاستجابة الصحيحة والمناسبة والتفاعل على أساسها. وبالفعل، أكدت البيانات على أن الذكاء العاطفي مؤشر قوي على النجاح المهني.
يساعد الذكاء العاطفي في اتخاذ القرارات الصائبة في بيئة العمل، وفي توقع نجاحات الفرق في المؤسسات. هذا وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن التحلي بالذكاء العاطفي قد يعود بالفائدة الأكبر على المدير، من التحلي بالمهارات التقنية ونسبة الذكاء-IQ.
وللوصول إلى الذكاء العاطفي، لا بد للفرد أن يعمل على تحسين إدراكه الذاتي والتحكم بعواطفه الشخصية، مع الحرص على مطابقة مشاعره وربطها بحالات عملائه العاطفية. فلا تقتصر العملية على ظروف التفاعل الحالي والقراءة الآنية للحالة، بل تتسع لتشمل تاريخ هذا الشخص والأهداف المشتركة.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي لفهم المشاعر.. تطلعات ومخاوف
الذكاء الاصطناعي العاطفي وخدمة العملاء
تستطيع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تسهيل هذه العملية لموظفي خدمة العملاء. فهي لا توفر فحسب الأدلة المرتبطة بملف العميل العاطفي، بل تمكن الموظف من محاكاة التحدث معه. وبالفعل يتم استخدام الأدوات التكنولوجية لتسجيل الاجتماعات والمحادثات بين الشركات وعملائها، وبالتالي تغذية منصة الذكاء التواصلي بهذه البيانات، ومن ثم تعمد هذه المنصة إلى دراسة هذه البيانات وتحليلها وفهم أساليب التعلم والأجوبة العاطفية وملفات العملاء العاطفية، وبعد هذه المرحلة، تغذي هذه البيانات جهاز محاكاة التدريب لمساعدة مديري نجاح العملاء CSM للتحضير لمكالمات مستقبلية مع العملاء. وبهذه الطريقة، سينجح المديرون باستهداف الحالات العاطفية للعميل ومواكبتها، محققين بالتالي نجاحًا مضمونًا مع هذا العميل.
بُعيد الدراسات الواسعة، تمكن الخبراء من تحديد ثلاث مراحل لتحسين الذكاء العاطفي في عملية التفاعل مع العملاء. فما هي هذه المراحل إذًا؟
1- قبل التفاعل مع العميل
لا بد من توفير مساحة واسعة لتدريب مديري نجاح العملاء قبل التحدث مع العميل. استطاع الذكاء الاصطناعي توفير تقنية جديدة من شأنها أن تحلل المحادثات السابقة بغية إنشاء ملف خاص بالعميل. وقد يتضمن هذا الملف أسلوب تواصل العميل، أولوياته الظاهرة وأهدافه، إلى جانب نسبة التزامه في محادثته السابقة.
فبالنظر إلى اللحظات العاطفية أثناء الاتصال، سيتمكن الموظف من تغيير أسلوبه في المحادثة ليتناسب مع نمط العميل وشخصيته بانتظار تفاعله الإيجابي.
اقرأ أيضًا.. الذكاء العاطفي الاصطناعي.. الآلة تحدد مشاعرك وحالتك النفسية
2- أثناء التفاعل مع العميل
بإمكان الذكاء الاصطناعي تزويد الموظفين في خدمة العملاء بالنصائح المباشرة في وقت التفاعل مع العميل، بهدف إبرام صفقة بنجاح أو حسن التعامل مع اعتراضات العملاء والتعاطف معهم، إذ يتم إرسال رسائل نصية للموظف لاستخدامها أثناء المحادثة المباشرة مع العميل لتفادي أية نتيجة غير مرغوبة. وبهذه الطريقة، ينجح الموظف بالتحكم بزمام الأمور وتهدئة العميل وصولًا إلى إرضائه. فتقوم هذه التكنولوجيا الرائدة بتزويد الموظف على الخط بكلمات أساسية وعبارات جوهرية لإدارة أي موقف مع العميل.
3- بعد التفاعل مع العميل
تكمن القوة الأساسية في الملاحظات بُعيد التفاعل مع العملاء. ففي الحقيقة، يمكن للذكاء الاصطناعي الاطلاع على المحادثات السابقة مع العميل وقراءتها وبالتالي توفير ملاحظات تحسينية للأداء. فمع ارتفاع نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي، ترتفع جودة الملاحظات والتعليقات.
تجد الشركات الكبيرة نفسها منفتحة أمام حلول الذكاء الاصطناعي الشاسعة وتطبيقاته المختلفة. فلا شك في أن هذه التكنولوجيا الثورية تساهم في تحسين أداء فرقها العاملة على مستوى الذكاء العاطفي والتواصل مع العملاء. يعزز الذكاء الاصطناعي ذكاءنا العاطفي، بجعلنا أكثر إدراكًا للمشاعر حولنا وبمساعدتنا في إدارة العلاقات المهنية الأساسية. وبتطوير هذا الذكاء العاطفي وهذه المهارات التواصلية، سنتمكن من أن نصبح أكثر فعالية وإنتاجية وتعاطفًا مع محيطنا.
اقرأ أيضًا.. الويب 5.. تجربة التفاعل العاطفي بين الإنسان والآلة