منذ أكثر من عقد من الزمان، أعلن توماس دافنبورت، في مقال نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو، أن عالم البيانات هو الوظيفة الأكثر جاذبية في القرن الحادي والعشرين. اليوم، في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI)، هل بات مهندس التلقين على وشك أن يحمل هذا اللقب؟
من هو مهندس التلقين؟
في البداية يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي هو القدرة على توليد نصوص أو صور أو أصوات أو فيديوهات جديدة بناءً على مطالبات معينة من المستخدمين، ودور مهندس التلقين هنا هو تصميم وتنفيذ واختبار مطالبات (prompts) تحفز الذكاء الاصطناعي على استخراج النتائج المطلوبة، أو يمكن النظر إليه على أن الشخص الذي يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI) لإنشاء محتوى أو إجابات ذات صلة بمطالبات المستخدمين وبجودة عالية.
يحتاج مهندس التلقين إلى مهارات متنوعة تشمل الذكاء الاصطناعي والبرمجة واللغة وحل المشكلات وحتى الفن، كما ذكر موقع «زد نت» المتخصص في التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن رواتب مهندسي التلقين تتراوح بين 175 ألف دولار و300 ألف دولار سنويًا.
اقرأ أيضًا.. ماذا ينتظر الجيل زد في سوق عمل 2024؟
الطلب على مهندس التلقين «ضخم»
في الوقت الذي يظهر هناك طلبًا كبيرًا على هذه الوظيفة إلا أن «الطلب الضخم» بحسب توصيف «زد نت»، يفوق العرض بكثير، فالذكاء الاصطناعي التوليدي هو مجال جديد ومتطور، وليس هناك الكثير من الأشخاص الذين لديهم الخبرة أو التدريب اللازمين لهذه الوظيفة. كما أن مهندسي التلقين يحتاجون إلى معرفة عميقة بسياق الأعمال واحتياجات المستخدمين، وليس فقط بالمهارات التقنية. هذا ما قاله جريج بيلتزر، رئيس قسم التكنولوجيا في RBC لإدارة الثروات، في مؤتمر Salesforce الأخير في نيويورك، مضيفًا بمزاح: «أظن أن معظم من يقومون بالتوظيف يلجؤون إلى سرقة المواهب».
بيلتزر يتحدث عن التحديات التي تعترض تعلم المهارات في عالم الذكاء الاصطناعي. ويذكر أن «مهندس التلقين الجيد أثمن من عالم البيانات الآن»، ويوضح «إنه ليس سهلا أن تعثر على شخص مخضرم. لا يمكنك إيجاد أحد لديه خبرة تفوق خمس سنوات. ربما تجد شخصا لديه سنتان أو ثلاث سنوات من الخبرة في أحسن الأحوال. ولكن هذا شيء نادر».
ويضيف بيلتزر: «هناك حاجة ماسة لتشجيع الناس على تحسين هندسة التلقين. لكن ما هي طبيعتها؟ هل هي علم أم فن؟ هل سننشئ المزيد من الأدوات؟ والجانب الإيجابي هو أنه بمجرد استخدام الأدوات، قد يصير تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أسهل بواسطة إرشادات منظمة ومبرمجة»، كما يقول.
اقرأ أيضًا.. وظيفة خبير الأمن السيبراني.. كيف تشغل الدور الأعلى أجرًا والأكثر طلبًا؟
مزيج من المهارات التقنية والأعمال
ومع ذلك، ستبقى هندسة التلقين صعبة حتى تكون هناك أدوات قوية ومفيدة. وحتى بعد استخدام الأدوات، يقول بيلتزر إنه يجب مراعاة أن هذه المهارات تتعدى الذكاء التقني. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تحديد المؤهلات والخبرات الأنسب لمهندس التلقين بعد.
فعلى سبيل المثال، بيلتزر لا يظن أنه من المناسب تدريب عالم بيانات أو أي متخصص آخر قريب لاكتساب مهارات هندسة التلقين: «يجب أن يكون الكثير منها مرتبطا بسياق الأعمال. عليك أن تفكر كالمستخدم لتساعد في هذا التخصص – ليس هو مجرد برمجة. ليس هو مجرد تطوير. إنه مزيج من المهارات التقنية والأعمال التي تتطلب الإبداع أيضا».
اقرأ أيضًا.. كيف تجتاز مقابلة العمل بسهولة؟.. 3 أسئلة تعامل معها بذكاء
RBC يراقب مواهبه الداخلية، مع التركيز على الذكاء التجاري والتقني المشترك، كما يقول بيلتزر، «نحن نسعى حقا لإيجاد هؤلاء الأشخاص الذين هم على الأرجح في الجانب التجاري ولديهم اهتمام تقني. أنا شخصيا لا أرغب في المخاطرة حتى تتطور الأدوات قليلا».
بيلتزر يقول إن مستوى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ومشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال السنة الماضية «سيحدد أيضا نوع المواهب التي سنملكها. وحتى ذلك الوقت، سيكون سوق المواهب ضئيلا جدا. إذا نظرت إلى حجم التداول داخل هذه الشركات الحارقة، فإنها تستطيع تحديد أسعارها».