وضع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مؤسس شركة SpaceX، خطة طموحة لإرسال أول مركبة فضائية تحمل بشرًا على متنها إلى المريخ بحلول عام 2030.
تشمل خطة ماسك إطلاق حوالي خمس مركبات فضائية من طراز Starship غير مأهولة إلى الكوكب الأحمر في عام 2026. وبعد تقييم نتائج هذه المهام التجريبية، من المتوقع أن يتم إطلاق أول رحلة مأهولة إلى المريخ في الفترة بين عامي 2028 و2030.
خطة إيلون ماسك ليست الأولى
ورغم طموحه لإيصال البشر إلى المريخ بحلول عام 2030، فإن خطة إيلون ماسك ليست الأولى من نوعها. ففي عام 2016، أعلن ماسك خلال خطاب ألقاه في المكسيك عن توقعاته بإطلاق أولى البعثات المأهولة إلى الكوكب الأحمر بحلول عام 2022. ومع ذلك، فإن التحديات التقنية واللوجستية الكبيرة دفعت بتأجيل هذه الخطط.
شهدت شركة SpaceX تطوراً ملحوظاً، حيث أصبحت اليوم من رواد صناعة الفضاء، تقوم بانتظام بإرسال رواد فضاء وبضائع إلى المدار. كما حققت الشركة إنجازاً تاريخياً باختبار صاروخ Starship، الضخم، والذي يمثل نقلة نوعية في مجال استكشاف الفضاء ويقربنا خطوة كبيرة من تحقيق حلم إيلون ماسك باستعمار المريخ.
اقرأ أيضًا: 100 دولة و42 ألف قمر صناعي.. خطة إيلون ماسك للسيطرة على الفضاء
وأكد خبراء في مجال الفضاء لموقع Business Insider أن الجدول الزمني الذي حددته SpaceX لإرسال مهام مأهولة إلى المريخ طموح للغاية، وربما يتجاوز التوقعات الحالية. ومع ذلك، فإن هذا الأسلوب الطموح في تحديد الأهداف هو سمة مميزة لشركة SpaceX، حيث تسعى الشركة دائماً إلى دفع حدود التكنولوجيا والابتكار في قطاع الفضاء، حتى لو تطلب ذلك تخطي بعض التحديات.
أكد فيليب ميتزجر، عالم ناسا السابق وأستاذ علوم الكواكب، أن خطط إيلون ماسك لإرسال البشر إلى المريخ طموحة للغاية، وقال: “لم نكن قريبين من تحقيق هذا الهدف من قبل”. ومع ذلك، يرى ميتزجر أن هذا الطموح يدفعنا إلى عصر جديد من استكشاف الفضاء، حتى لو كان الجدول الزمني المقترح طموحًا بعض الشيء.
“مثل التوقيت تحديًا رئيسيًا في أي مهمة إلى المريخ، حيث تسعى وكالات الفضاء إلى إطلاق مهامها خلال النوافذ الزمنية الضيقة التي يكون فيها الكوكب الأحمر والأرض أقرب ما يكون لبعضهما البعض.
إطلاق خمسة صواريخ في 2026
هذا التوقيت الدقيق يساعد في تقليل مدة الرحلة وتوفير كميات هائلة من الوقود. وتخطط شركة SpaceX لإطلاق خمسة صواريخ ستارشيب غير مأهولة إلى المريخ خلال النافذة الأولى المتاحة عام 2026. وتواجه هذه الخطة تحديًا كبيرًا يتمثل في ضرورة إعادة تزويد صواريخ ستارشيب العملاقة بالوقود في الفضاء، وذلك لأنها تستهلك معظم وقودها للوصول إلى المدار.
قدر ميتزجر أن كل مركبة فضائية متجهة إلى المريخ ستحتاج إلى إعادة تزويد بالوقود حوالي أربع مرات في الفضاء، وهذا يعني أن SpaceX ستضطر إلى تنفيذ عملية معقدة تتضمن إطلاق عدد كبير من صواريخ ستارشيب في فترة زمنية قصيرة، بالإضافة إلى تطوير تقنيات متقدمة لالتحام مركبتي ستارشيب ونقل الوقود بينهما في بيئة الفضاء القاسية.
اقرأ أيضًا.. «خطر على البشرية».. لماذا تحذر «الطيران الأميركية» من أقمار ستارلينك؟
أوضح ميتزجر أن فرصة إطلاق مهام إلى المريخ محدودة جدًا بسبب محاذاة الكواكب، حيث لا تتجاوز النافذة الزمنية المناسبة شهرًا واحدًا. وبالنظر إلى خطة ماسك لإرسال خمس سفن فضائية خلال هذه النافذة الضيقة، فإنه يتطلب إطلاقًا مكثفًا يصل إلى 25 عملية إطلاق في فترة زمنية قصيرة جدًا.
في تحليل عميق لخطط إيلون ماسك الطموحة لاستعمار المريخ، قارن عالم الفيزياء الفلكية بيتر هيج بينها وبين صاروخ ساترن 5 الشهير، واصفًا إياها بأنها محاولة لتحويل رحلة فضائية تحدث كل ثلاثة أشهر إلى رحلة أسبوعية خلال عامين فقط. ورغم اعترافه بإمكانية إرسال مركبة فضائية إلى المريخ في هذا الإطار الزمني الضيق، إلا أنه شكك في تحقيق جميع الأهداف المرجوة. واقترح هيج أن يكون عام 2031 أو 2033 هدفًا أكثر واقعية لإرسال أول مهمة مأهولة إلى الكوكب الأحمر.
عقبات تنظيمية تواجه طموح ماسك
وقال ميتزجر، إن أكبر عائق سيواجهه ماسك في تحقيق جدوله الزمني قد يكون التعامل مع المنظمين بدلاً من العقبات الفنية. وقال: “من المحتمل أن يكون التحدي الأكبر هو الحصول على موافقة إطلاق المهمة من إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)”.
وتابع: “إن إدارة الطيران الفيدرالية ليست معتادة على العمل بهذه الوتيرة السريعة، وسيكون من الصعب إقناعهم بالتأقلم، لقد كانوا بالفعل يتقاتلون حول التأثيرات البيئية على الأرض حتى مع معدل إطلاق بطيء للغاية، وستقدم مهمات المريخ بعدًا جديدًا لأنها يمكن أن تؤثر على بيئة المريخ”.
اقرأ أيضًا.. خدمة ستارلينك Starlink: كل ما تود معرفته حول الإنترنت الفضائي من إيلون ماسك
وكان ماسك وسبيس إكس يتجادلان بالفعل مع المنظمين في الأسابيع الأخيرة. وانتقد ماسك، إدارة الطيران الفيدرالية بشأن الغرامة المقترحة البالغة 633000 دولار والتأخيرات التنظيمية التي أدت إلى تأجيل إطلاق Starship التالي لمدة شهرين.
وانتقد ماسك التأخير في منشور على إكس X، محذرًا من أننا “لن ننقل البشرية أبدًا إلى المريخ إذا استمرت هذه التأخيرات”.
وقال ماثيو وينزيرل، أستاذ إدارة الأعمال في كلية هارفارد للأعمال والخبير في اقتصاديات الفضاء: “أعتقد أن وصول سبيس إكس SpaceX إلى المريخ بطاقم خلال أربع إلى ست سنوات أقل أهمية من محاولة سبيس إكس SpaceX القيام بذلك بشكل حقيقي”.
وأضاف أن الكثير من نجاحات سبيس إكس SpaceX جاء من تحديد مثل هذه الأهداف الطموحة في أطر زمنية قصيرة.
وتابع: “سيستمر هذا النوع من الرؤية في جذب المواهب ورأس المال إلى الفضاء، وهو ما سيغذي عددًا لا يحصى من الابتكارات في الطريق إلى الاستيطان على المريخ، والتي سيفيد معظمها في المقام الأول أولئك الذين يعيشون على الأرض”.